إخوان تونس أداة "تجنيد" الشباب لنصرة الإرهاب في ليبيا

تونس لا تقبل أي توظيف قطري أو تركي على أراضيها من أجل مساعدة الجماعات المسلحة في طرابلس

الحياد الدبلوماسي الذي تعلنه الرئاسة التونسية تجاه الأزمة الليبية تكسره حركة النهضة الإخوانية من خلال مواقفها الجانبية المصطفة بشكل واضح مع أخطبوط الإرهاب المسلح في محيط العاصمة طرابلس.

هذا التقاطع العضوي بين إخوان تونس والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيم "فجر ليبيا" الذي يترأسه عبدالحكيم بلحاج، رئيس الجماعة الليبية المقاتلة في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، يبرز جليا في تصريحات راشد الغنوشي ومحاولته الضغط على رئيس الدولة الباجي قايد السبسي.

• خبراء: معركة طرابلس تقض مضاجع إخوان تونس وتقود لنهاية "النهضة"

تقول فريدة الفازع الباحثة بمركز البحوث والدراسات العسكرية "مركز مستقل"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن راشد الغنوشي يسعى رفقة إخوان ليبيا إلى التشويش على سياقات الحل في ليبيا من خلال نشر الشائعات وتكثيف الخطابات التي تدعو إلى الكراهية.

الفازع تؤكد أن قيادات الإخوان في تونس لعبت دورا سلبيا سنة 2012 بدعم الميليشيات المسلحة تحت غطاء تركي وقطري، مشيرة إلى أن حركة النهضة تعد عملية تحرير طرابلس إعلانا غير مباشر عن سقوطها في تونس.

الدور القطري المشبوه 

مصادر خاصة مقربة من وزارة الخارجية التونسية أكدت لـ"العين الإخبارية" أن تونس لا تقبل أي توظيف قطري أو تركي في أراضيها من أجل مساعدة الجماعات المسلحة.

هذه المصادر نفسها المطلعة على هذه الكواليس، أفادت بأن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رفض طلبا سريا من راشد الغنوشي بجعل ميناء "الكتف" الموجود بين قردان على الحدود التونسية الليبية منصة لتمرير الأسلحة الثقيلة والخفيفة إلى حكومة فائز السراج.

وقد أفادت المصادر نفسها في وقت سابق بأن حكومة أردوغان والقيادة القطرية تحاولان عبر لوبياتها بتونس التأثير على الرأي العام في اتجاه حكومة السراج.

وقد سجل في هذا الإطار عدد من الناشطين في المجال السياسي وجود حملات داخل مساجد تقودها قيادات عليا ووسطى في حركة النهضة لتكفير الجيش الوطني الليبي.

ويقول رمضان السهيلي، الناشط السياسي في حزب "الأصالة" القومي، إن حزبه رصد أكثر من عملية "تجييش" للشباب التونسي من قبل أئمة تابعين للإخوان خلال خطبة الجمعة، وذلك من أجل الالتحاق بالميليشيات الإرهابية في غرب ليبيا تحت غطاء الجهاد الديني.

واستغرب السهيلي صمت حكومة الشاهد تجاه هذه الخروقات القانونية قائلا: "إن القانون التونسي المنظم للفضاء العام يفرض على المساجد الحياد وأخذ مسافة من كل الأحزاب السياسية".

وأضاف أن التعلة باسم الجهاد الديني كانت سببا في "تسفير" 3000 شاب تونسي إلى داعش سنة 2016 في عصر حكومتي النهضة حمادي الجبالي وعلي العريض 2011ـ2012.

وحذر السهيلي من مغبة سكوت السلطات التونسية عن هذا الانحراف الخطابي في المساجد الذي يقود حسب تعبيره إلى "توريط تونس في مواقف دولية" هي في غنى عنها في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها قبل خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية والرئاسية.

رهانات الدولة التونسية مقابل رهانات الإخوان 

يلاحظ مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن الدولة التونسية تحاول المحافظة على حصانتها من الاختراقات التي تحاول أذرع حركة النهضة خلقها في صفوف الموقف الدبلوماسي التونسي.

يقول الباحث في علم الاجتماع السياسي في الجامعة التونسية جهاد العيدودي لـ"العين الإخبارية" إن رهانات الدولة التونسية ليست هي نفسها رهانات حركة النهضة الإخوانية.

وأوضح أنه من خلال تحليل مواقف الرئيس التونسي خلال فترة حكمه كانت جدارا ضد "هيمنة" الإخوان.

وقد رفض قايد السبسي، حسب العيدودي، استقبال عبدالحكيم بلحاج في قصر قرطاج سنة 2016، موضحا أنه هناك تقاربا في المواقف بينه وبين المشير خليفة حفتر خاصة في الحرب على الإرهاب.

وكان هناك، خلال الأسبوع الماضي، لوزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي وهو الشخص المقرب من قايد السبسي اتصال هاتفي مع المشير خليفة حفتر تناول فيه سبل الحل في ليبيا، حسب ما أعلنت السلطات الرسمية التونسية.

هذا الاتصال الذي تزامن مع لقاء قايد السبسي ووفد من الكونجرس الأمريكي الجمعة الماضي، يرى فيه العيدودي مساندة تونسية للجيش الوطني الليبي.

وقد التقى، الإثنين، الجهيناوي الممثل الخاص للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في ليبيا غسان سلامة لبحث تطورات الوضع.

ودعا الجهيناوي، في بيان نشرته وزارة الخارجية التونسية، إلى ضرورة التحلي بأقصى درجات ضبط النفس من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية تحت رعاية الأمم المتحدة.

ويبقى الإشكال الوحيد القائم اليوم أمام الدبلوماسية التونسية هو حالة الانفلات الداخلي التي تقودها حركة النهضة لتجنيد أنصارها لدعم الجماعات المتطرفة في إطار ما يسمى بالنفير العام الإخواني.

ويؤكد عديد من الباحثين في الشأن السياسي أن هذا التحشيد هو جزء من الإحساس بالخوف لدى إخوان تونس من انهيار قلاعهم الخفية في غرب ليبيا وفي المناطق الحدودية المتاخمة لتونس.