أوروبا تسعى لاستغلال «المدخرات النائمة».. خطة لتعبئة 1.2 تريليون يورو

أعلنت المفوضية الأوروبية خطة جديدة تهدف إلى توجيه المدخرات "النائمة" للأسر الأوروبية نحو تمويل الاقتصاد، في خطوة قد تدرّ ما يصل إلى 1.2 تريليون يورو من الاستثمارات خلال العقد المقبل.
وتقوم الخطة على تطوير أدوات ادخارية واستثمارية أوروبية موحدة، وتشجيع المواطنين على تحويل أموالهم من الحسابات البنكية ذات العوائد المنخفضة إلى منتجات مالية تسهم في دعم النمو وتعزيز استقلالية القارة في مواجهة المنافسة الأمريكية والآسيوية، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
مدخرات ضخمة غير مستثمرة
ووفقًا للمفوضية، نحو 70% من مدخرات الأسر الأوروبية، أي ما يقارب 10 تريليونات يورو، مكدسة في حسابات توفير آمنة وسهلة الوصول، لكنها ضعيفة العائد، ما يجعل قيمتها الحقيقية تتآكل مع التضخم. ويرى مسؤولون أوروبيون أن هذه الثروة يمكن أن تتحول إلى رافعة للتنمية إذا وُجِّهت نحو أسواق المال والاستثمارات الإنتاجية.
حساب ادخار واستثمار جديد
في هذا السياق، قدمت بروكسل يوم 30 سبتمبر/أيلول مشروعًا لإنشاء حساب الادخار والاستثمار (CEI)، وهو أداة مالية جديدة تُكمّل الحسابات الجارية وتتيح الاستثمار في الأسهم والسندات والصناديق الأوروبية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه "يمكن فتح الحساب ابتداءً من مساهمة بسيطة قدرها 10 يوروهات شهريًا، على أن تمنح الحكومات حوافز ضريبية لجذب المدخرين".
فرصة استثمارية بقيمة 1200 مليار يورو
بحسب المفوضة الأوروبية ماريا لويس ألبوكيركي، فإن مشاركة الأفراد بشكل أوسع في أسواق المال قد تولّد 1.2تريليون يورو من الاستثمارات الإضافية خلال عشر سنوات، ما من شأنه تعزيز قدرة الشركات الأوروبية على منافسة نظيراتها الأمريكية والآسيوية المدعومة برؤوس أموال ضخمة من أسواقها الداخلية.
عائق التجزئة الأوروبية
لكن العقبة الأساسية تكمن في تجزئة سوق رؤوس الأموال الأوروبية، حيث يحتفظ كل بلد بقواعده الضريبية والتنظيمية الخاصة، ما يصعّب تمويل الشركات الناشئة والمتوسطة.
وهو ما يدفع العديد من الشركات الأوروبية الواعدة، مثل "Qonto" أو "Mistral AI"، إلى اللجوء إلى المستثمرين الأمريكيين لجمع الأموال، في ظاهرة "هجرة رأسمالية" تريد بروكسل كبحها.
نماذج وطنية ناجحة
وسبقت عدد من الدول بروكسل في ابتكار أدوات مماثلة، ففرنسا تملك خطة الادخار بالأسهم (PEA) التي تجمع 114 مليار يورو من الأصول، بينما يُعدّ الحساب السويدي (ISK) الأكثر شعبية في البلاد، إذ يستخدمه ثلثا السكان النشطين اقتصاديًا بفضل نظام ضريبي مبسط ومرن.
والمفوضية تسعى إلى تعميم هذه التجارب الناجحة عبر إعفاءات وضوابط موحدة على مستوى الاتحاد.
كبح نزيف رؤوس الأموال نحو الخارج
وأشارت "لوفيغارو" إلى أن المسألة لا تتعلق فقط بتنشيط الاستثمار الداخلي، بل أيضًا بتقليص نزيف 300 مليار يورو سنويًا من المدخرات الأوروبية نحو الأسواق الأمريكية.
وأوضحت أن غالبية الصناديق العالمية (ETF) تتركز بنسبة 80% على الأسهم الأمريكية، مقابل 10% فقط للأوروبية. وبهذا، تسهم مدخرات الأوروبيين أكثر في تمويل وول ستريت بدلًا من دعم اقتصادهم.
دعوات للتحرك
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصف هذا الوضع بـ"المفارقة العبثية" في خطابه بجامعة السوربون عام 2024. من جانبه، شدد محافظ بنك فرنسا فرنسوا فيلروي دي جالو على ضرورة "تفعيل الأدوات المتاحة داخل أوروبا" لتوجيه المدخرات نحو المشاريع الاستراتيجية للقارة.
ومع هذه الخطة، يبدو أن بروكسل التقطت الرسالة وقررت المضي بخطوات عملية نحو توحيد أسواق رأس المال الأوروبية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTYg جزيرة ام اند امز