تنمر كورونا.. وجه آخر لمعاناة المصابين
اشتكى العديد من المصابين في الأراضي الفلسطينية وحتى في بلدان عربية أخرى من تعرضهم للتنمر وانتهاك الخصوصية
إلى جانب معاناة ألم المرض، واجه العديد من المصابين والمشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، حالة من التنمر والإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجتمعاتهم.
فعبر مواقع التواصل الاجتماعي، اشتكى العديد من المصابين في الأراضي الفلسطينية وحتى في بلدان عربية أخرى من تعرضهم للتنمر وانتهاك الخصوصية والإساءة، مشددين على ضرورة التعامل معهم كمرضى وليس كمجرمين.
التنمر على أساس الملامح
وشكّل اعتداء امرأة فلسطينية على فتاتين يابانيتين، مطلع مارس/آذار الجاري، على خلفية ملامحهما الآسيوية، واحدا من أشكال التنمر التي انتهت باعتقالها، في حين بقيت حالات التنمر الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي مصدراً للأذى النفسي بعيداً عن أي محاسبة.
ويؤكد الدكتور فتحي فليفل مدير الدعم النفسي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن التنمر موجود ويتزايد منذ بدء انتشار الوباء في الأراضي الفلسطينية.
وأوضح فليفل لـ"العين الإخبارية" أن التنمر رصد في 3 جوانب؛ الأول في الشارع والثاني في مواقع التواصل الاجتماعي والثالث في حديث الناس الموجه تجاه المصاب الأول في المنطقة، بحيث يتم التنمر عليه بشكل واضح بالاعتداء اللفظي المباشر أو الكتابة بوسائل التواصل.
وأوضح أن التنمر سلوك عدواني يمارس من أفراد أو مجموعات ضد أفراد ومجموعات أخرى، سواء باللفظ أو التهديد والعنف المادي.
وتطال عمليات التنمر المتعلقة بكورونا، وفق فليفل، 3 فئات، وهم: الناس المبادرون الذين يعلنون عن إصابتهم بالوباء؛ حيث يتم اتهامهم بنشره، والعمال الفلسطينيون في إسرائيل الذين يتم اتهامهم يومياً بأنهم نقلوا الوباء من إسرائيل، بالإضافة إلى الطلبة العائدين من جامعاتهم؛ خصوصا من إيطاليا وفرنسا.
أسباب التنمر
ويشير إلى أن غالبية أسباب التنمر ترجع إلى قلة المعرفة والمعلومات وكذلك الشعور باقتراب الخطر، إذ كلما أحسسنا بتهديد الحياة ازددنا تنمراً.
وبيّن الخبير الفلسطيني أن السبب الثالث كثرة الشائعات والمعلومات المغلوطة والتشكيك بإمكانات القائمين على إدارة الأزمة في البلاد، وهو ما يوصلنا إلى لوم الذات بشكل جماعي ويؤدي إلى البحث بشكل مباشر عن طرق وأساليب النجاة، والتنمر هنا يكون أحد الأساليب التي يعتقد الناس أن فيها نجاة.
ويرى الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، أن التنمر يعود لطبيعة الشخصية الفلسطينية التي لم تعش حياة مدنية يتلقى فيها المواطن القيم السليمة، وذلك جراء ممارسات الاحتلال ضد الشخصية الفلسطينية.
وقال الشاعر لـ"العين الإخبارية" إن التنمر باختصار شديد هو الإيذاء والعدوان غير المبرر سواء كان مادياً أو معنوياً أو بالكلمات والسخرية والاستهزاء وحتى النظرات، مبيناً أن صور التنمر لا عد لها ولا حصر.
آليات المعالجة
وحول آليات معالجة مشكلة التنمر، يطالب الشاعر بمعالجة إيجابية تنمي مشاعر العاطفة الإنسانية والولاء الوطني والتضامن الإنساني والتراحم بين الناس. وأشار إلى أنه إذا وصل التنمر إلى مرحلة الإيذاء الواضح فيمكن اللجوء للقانون ليتم وضع حد للتنمر الصعب.
أما الخبير فليفل فحدد 4 آليات للحد وعلاج التنمر؛ أولها رفع الوعي وضرورة استقاء المعلومات من المصادر الرسمية والموثوقة، وتقبل الأفراد المصابين واحترام المشاعر، والإدراك أن الإحساس بالخوف أمر طبيعي لنتصرف بشكل صحي أكثر بما يخف التوتر والتنمر. وينصح بتقليل الحديث عن الوباء وتقليص التعرض للبرامج التلفزيونية أو الكتابات التي تتناوله.
وقال: "يمكن أن نحدد موعداً او موعدين لتلقي معلومات موثوقة ودقيقة من مؤتمرات الحكومة الخاصة لتطورات الكورونا".
والأخطر بالنسبة للتنمر ضد مصابي كورونا، يمكن أن يؤدي بحسب فليفل، إلى كبح الناس عن التبليغ عن أعراض الوباء أو إصابتهم به خشية من تعرضهم للسخرية والإيذاء من الآخرين، مشدداً على ضرورة احترام كرامة الإنسان وعدم الحط منها؛ خصوصا في أوقات الوباء والخطر الشديد.