الفائز بجائزة ملتقى القاهرة للرواية لـ"العين الإخبارية": الرواية الفلسطينية حاضرة بقوة
"العين الإخبارية" تجري أول حوار مع الفائز بجائزة ملتقى القاهرة الدولي الـ7 للإبداع الروائي، الذي شغل من قبل منصب وزير الثقافة الفلسطيني
أعلن الكاتب المصري محمد سلماوي، رئيس لجنة تحكيم جائزة ملتقى القاهرة الدولي الـ7 للإبداع الروائي، مساء الأربعاء، فوز الكاتب الفلسطيني يحيى يخلف بالجائزة التي تبلغ قيمتها 250 ألف جنيه مصري (حوالي 12 ألف دولار أمريكي) تقديراً لمسيرته الإبداعية الطويلة.
"العين الإخبارية" أجرت أول حوار مع الفائز الذي شغل من قبل منصب وزير الثقافة الفلسطيني، وبخلاف مناصبه الرسمية تمَّ انتخابه عام 1980 أميناً عاماً للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ونائباً للأمين العام لاتحاد الأدباء العرب.
كما ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات، وفاز بالعديد من الجوائز الأدبية المهمة مثل جائزة دولة فلسطين التقديرية للآداب عام 2000.
وصدر له مجموعتان قصصيتان: "المهرة" 1973، و"نورما ورجل الثلج" 1978. ومن الروايات: "نجران تحت الصفر" التي صدرت العام 1967، التي صنفت من بين أفضل 100 رواية عربية في القرن الـ20، "تفاح المجانين"، "نشيد الحياة"، "بحيرة وراء الريح"، "تلك الليلة الطويلة"، "نهر يستحم في البحيرة"، "ماء السماء"، "جنة ونار"، "راكب الريح" والرواية الأخيرة "اليد الدافئة" الصادرة عام 2017، وهو من مواليد عام 1944 في بلدة سمخ الواقعة على الشاطئ الجنوبي لبحيرة طبرية في فلسطين.
وإلى نص الحوار:
كيف تورّطت في عالم الكتابة؟
بدأت الكتابة هاوياً للشعر وكتبت القصة القصيرة ثم بعدها قررت أن أكتب السرد والرواية، وتعلَّقت بالقراءة منذ صغري، وكان أول كتاب قرأته في الإعدادية هو "دمعة وابتسامة" لجبران خليل جبران، أهداني إياه شقيقي الأكبر.
سحرني الكتاب بلغته الجميلة والرقيقة والشاعرية، وبعدها تحولت إلى مكتبة المدرسة، ومن ثم إلى مكتبة البلدية وكانت خياراتها أوسع، وما أن وصلت إلى الثانوية حتى بدأت أنشر القصة القصيرة في مجلة "الأفق الجديد"، التي كانت تصدر من القدس، وبعدها وصل طموحي للنشر في مجلة "الآداب اللبنانية"، والتي كانت تنشر لكبار الكتاب العرب، فنشر لي رئيس تحريرها الدكتور سهيل إدريس قصصي الأولى التي توفرت بها عناصر فنيّة عالية ومن هنا أصبحت كاتبًا واعدًا.
ثمة انعطافات في حياة كل كاتب، فماذا عن يحيي يخلف؟
لا شك أن العودة من المنفى الذي عشته سنوات طويلة إلى أرض الوطن كان مرحلة جديدة في حياتي، أولاً عشت مع شعبنا وناضلنا مع شعبنا وسمعنا دقات قلب هذا الشعب ومطالبه ومصيره، والشعب الفلسطيني أنا أعتبره أكبر من قيادته دائمًا، والشعب الفلسطيني شعب مضحي ودائماً الأجيال الجديدة تشكل حركة دافعة لقوة الحياة الفلسطينية.
ماذا عن روايتك الأخيرة "اليد الدافئة" وعن أجواء كتاباتها؟ وهل هي سيرة يحيي يخلف الذاتية؟
الكثير ممن قرأ الرواية سألني عن الموضوع نفسه وهي ليست قصة عني، لكني عشت حقب من تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية من مرحلة الكفاح المسلح إلى مرحلة العودة إلى أرض الوطن.
وأنا كتبت عن أولئك الذين ساهموا في بناء مدارس الثورة والآن كبروا وأحيلوا إلى التقاعد، حكيت عن حنينهم وأنينهم وحبهم وأشواقهم وبالتالي قدمت صورة عن الواقع الراهن للقضية الفلسطينية وهمومها ومشاغلها وحكيت عن الحب في أحد ركائز الحياة الإنسانية، وحكيت أيضاً عن الأرض بشكل عام كأسطورة وجميلة، ومن خلال قصص حب إنسانية عميقة، وحب يساهم في تنقية الحياة من الشوائب، وحب يدفع حركة الحياة إلى الأمام، أيضاً حب الأرض وحب الوطن والنضال من أجله وأنه شعلة في روح الشعب الفلسطيني لم تنطفئ، والرواية ليست سيرة ذاتية بقدر ما هي تعبير عن هموم وحكايات شعبنا الفلسطيني.
ما تأثير المكان عليك وعلى كتاباتك خاصة بلدتك "سمخ"؟
في الحقيقة أمكنة كثيرة عشت فيها ولكن المكان الذي يعيش في أعماقي هي بحيرة طبرية حيث بلدي سمخ الواقعة على الشاطئ الجنوبي للبحيرة، وكتبت رباعية البحيرة وهي عبارة عن 4 روايات في كتاب واحد والبحيرة كانت هي المكان الأكثر حضورًا، وأحسن وصف سمعته للبحيرة كان من والدتي إذ كانت تقول عندما أفتح النافذة لرؤية سطح البحيرة "أشوف البحر مثل بطن الغزالة".
ما الرواية التي تعتبرها عملاً استثنائياً في مشوارك الروائي؟
كل رواية عندي لها موسيقاها الخاصة فلما كتبت رواية "نجران تحت الصفر" ظل الكل يسأل عن الرواية التالية وأي كاتب يحب كل رواياته، وأنا كتبت في الفترة الأخيرة قبل رواية "اليد الدافئة" رواية فانتازيا وأحبها وأحياناً أرجع لرواياتي القديمة وأستغرب كيف كنت أكتب بهذه العذوبة.
برأيك ما هي أهم أسئلة الرواية الفلسطينية، هل بقيت نفسها أسئلة الهوية والوجود أم أضيفت لها أسئلة أخرى؟ وهل الجوائز التي حققتها في السنوات الأخيرة لفتت الانتباه إليها؟
كل مرحلة لها أسئلتها وكل مرحلة تثير الكثير من الأسئلة، ويمكن أن تجد الجواب وبالتالي نعتقد أن الأدب الفلسطيني طرح أسئلة كثيرة أيام الكفاح المسلح طرح أسئلة وعندما بدأ النشاط السياسي كان في اتفاق واختلاف وتنوع وبعد أسلو أيضا كانت الأسئلة كثيرة، ما هو المستقبل؟ ما هو المصير؟ هل علاقتنا الفلسطينية العربية وعلاقتنا مع العالم وكل هذه الأسئلة وغيرها كانت مطروحة خاصة وأن إسرائيل واصلت الاستيطان وأنا أعتقد أن وجود الشعب الفلسطيني على أرضه هو جزء من هذه الأسئلة التي يطورها باستمرار مع تغير أشكال المقاومة.
هل الأعمال الروائية الحالية تخدم القضية الفلسطينية؟
الرواية الفلسطينية التي تكتب عن فلسطين حاضرة بقوة، والعمل الثقافي عمل سياسي بوسائل ثقافية يستطيع أن يصل إلى عمق الرأي العام من خلال الرواية، ربما نستطيع الاستغناء عن الكتب الدعائية والعمل الإعلامي المباشر، الرواية هي التي تقدم الشعب الفلسطيني بصموده، بقوة الحياة في روحه بحنينيه وأنينه وتمسكه بحقوقه الوطنية.
كيف ترى تجربتك بين العمل الإبداعي والسياسي وأين تقف بين المشهدين؟
في الحقيقة قبل أن أكون أديباً فأنا مناضل في الثورة الفلسطينية، وكنت لا أجد توازني إلا في العمل النضالي والسياسي، ولذا فأنا لم أتفرغ للكتابة، وعملي في الثورة كان في الإعلام والثقافة، وكله ذو بعد سياسي فلم أغرق في العمل السياسي وبالأحرى لم يسرقن السياسي من العمل الإبداعي.
وكل كاتب يجب أن يكون له موقف سياسي، وأنا منحاز للقضية الفلسطينية وهمومها، ولم أكن بعيداً عن الهم السياسي في يوم من الأيام، مثل أي مواطن فلسطيني يهتم بالسياسة، وليس فقط دوراً ثقافياً، لذلك لا أستطيع أن أفصل بين المثقف وموقفه السياسي، لأن كل مثقف هو سياسي، وليس كل سياسي مثقف.
من وجهة نظرك إلى أي مدى صار الأدب ملاذاً من الواقع المؤلم الذي نعيشه؟
لا نستطيع أن نقول إنَّ الأدب ملاذ لأن الواقع أكبر من أن رواية تحسّن المزاج أو تغيّر الواقع أو غيره ولكن الرواية تعبر عن هموم الإنسان الفلسطيني، ومن الواجب أن تعبر عن ثقافة الحرية؛ حرية التعبير والحريات العامة وتعبر عن قيم التسامح في مواجهة الإرهاب وقيم التنوير في مواجهة ثقافة التطرف وهكذا، ودور الأدب أن ينقي الحياة من الشوائب.
مع بداية القضية الفلسطينية كان التعبير عنها بالشعر عبر شعراء كبار، هل مع تغير هذا المفهوم حاليًا مع التطور الروائي في فلسطين؟
الرواية رواية والشعر شعرًا ولكن الرواية هي فن جديد في العالم العربي والآن تطورت وصارت ظاهرة وساهم في انعاشها أيضاً وجود جوائز إلى آخره، وأعتقد أن الشعر لم يتراجع وهناك أشباه شعراء أساءوا للشعر في الحقيقة ولكن ما زال شعر محمود درويش وأحمد عبدالمعطي حجازي وأدونيس وصلاح عبدالصبور وسميح القاسم بمثابة قوى تغني وتثري الحياة الثقافية.
كيف ترى أهمية الجوائز الأدبية؟
أهمية الجوائز ودورها تأتي في التكريم والتحفيز ونشر وتعميم الرواية العربية، وإيصالها للعالم. إن كل كتاب العالم يحلمون بجائزة "نوبل"، وما كان للكثيرين منهم يكتسبون الشهرة لولا حصولهم عليها، وهكذا فإن الجوائز تحقق للكاتب الشهرة والمكافأة المادية والمعنوية على الأقل ضمن محيطه العربي.
ما هو جديدك في الفترة المقبلة؟
أكتب رواية الآن جديدة وقطعت شوطًا كبيرًا فيها وأتوقع صدورها قبل نهاية العام الجاري.
كيف ترى وتقيّم المشهد الثقافي والأدبي في فلسطين حاليًا؟
الثقافة الفلسطينية هي ثقافة حية، ومنذ انطلاق الثورة الفلسطينية كان هناك غسان كنفاني وفدوى طوقان ، وجبرا إبراهيم جبرا، ومع أمداد الزمن أكمل المسيرة عدد من الكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والموسيقيين، وأعتقد أن الثقافة الفلسطينية دائماً تنمو في جو التحدي، ونعتبر أن الثقافة هي القوة الناعمة وهي أقوى من السلاح أحيانًا وهي التي حمت الهوية الفلسطينية، وهي التي ساهمت في بلورة الشخصية الوطنية الفلسطينية وهي التي رافقت الانتفاضة والكفاح المسلح، والثقافة عبرت عن فلسطين بشكل مبدع وخلاق وأعتقد الآن هناك أجيال جديد شابة غير جلينا تكتب في جو من التحدي وتكتب عن تجارب جديدة لم نعشها نحن، وبالتالي فالثقافة الفلسطينية بخير.
aXA6IDMuMTQ1LjEwLjgwIA== جزيرة ام اند امز