امتزجت الأحداث الأخيرة للمسلسل اليومي الطويل بأتون مُلتهبة من التراشق والتجاذب لأطراف القضية المصيرية، في حين لن تتراخى الدول الأربع مع قرارات دولة تتجاذبها حوارات شرقية وغربية
امتزجت الأحداث الأخيرة للمسلسل اليومي الطويل بأتون مُلتهبة من التراشق والتجاذب لأطراف القضية المصيرية، في حين لن تتراخى الدول الأربع مع قرارات دولة تتجاذبها حوارات شرقية وغربية، لتجعل منها أُضحوكة العالم مثل الكرة بيدِ لاعبين من الهواة لا يُتقنان التسديد للزاوية السليمة في الهدف وكلاهما يبحثان عن الفوز ليحظى بالبطولة له، والجمهور هو الشعب الذي تشرّب ويلات الحروب والأزمات والحصار وقطع العلاقات، فماذا كان مصير من سبقوهم في تزاحمات البلاء المُستميت!
قفي على قدميك بثقة وحاربي التطرّف وانبذي الإرهاب وصافحي السلام وعانقي شعوب العالم بالتخلّي عن طموحات بالية تسعى لتمزيق الوحدة العربية والصف الخليجي، عودي للحضن الحقيقي وتفادي مرارة الوجع فأنتِ من تختارين مصير شعبك
إن ضجيج الحرب وقعه أشدّ على الكبير فكيف بالصغير! الصغار الذين يتمنون المرح واللعب في الصباح والمساء بات الوقت اليوم متشابها! هل فكر فيهم أحد؟ أطفال يخرجون للدنيا ويتفاجؤون بأنها غريبة بسوادها وعتمة نهارها وخوف ليلها، هل ستجلس سيدة المنزل العصر بين جفنات العنب؟ وتعزف الناي لتُنادي صِغارها هَلُّموا إليّ حان وقت الرجوع وكُفّوا عن اللهو واللعب فالليل اقترب؟ أم صار الليل والنهار شيئا واحدا وبالكاد التفريق بينهما؟
هل سيحمل الجامعي الكتب ويُغرّد مع عصافير الصباح ينطلق إلى محاضرات الأدب والعلم؟
أرجوكم لا تُشّوهوا المنظر الذي اعتادوا عليه، لا تُعكرّوا أذهانهم بصوت المُدرّعات الكريهة وكأن الوطن مُحتّل، لا تُدّنسوا الأرض التي مشى عليها عجوز على عصاه يتتّبع خطوات طريق المسجد لأداء الصلاة، لا تجعلوا الجميع يبقى في منزله خوفاً من اللصوص وقُطّاع الطُرق، هل بات الخوف والهلع هو طابور الصباح للتلاميذ؟ فمتى سيقف لتأدية التحية للوطن وعيناه لا تنظر لراية بلاده مهزوزة في العالم بأسره أم متى سيعلو صوته لإنشاد السلام الوطني وهو أكثرهم بحاجة للسلام اليوم؟
للأسف تجرّدت الإنسانية من قِبل وزراء لا يُفرّقون الحرف من الكلمة فكيف سيُفرقون بين الحرب والسلام لوطنهم! تجرّدت الرحمة وقرارهم مختوم من الخارج وحبره مسكوب من دماء الأبرياء، وحاكم ينظر لوسيلة المواصلات على أنها روحه التي تجرّدت لإهانة شعبه، وهو يرتقب مصيره من تلاعب غُزاة حمقى لا تعني لهم أرواح شعب مكلوم.
بما أن الحكم من الأساس كان خاطئاً بسبب الوصول إلى سدّته بانقلاب فهذا يعني أن هناك ثَمّة عقوبات إلهية ستلحق به، والله دائماً يُعجّل مثل هذه العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، أولم يفكروا بالأفواه الجائعة من جرّاء عنادهم وجبروتهم المُخزي؟ ألم يفكروا بالسواد الذي قد تتوشحّه النساء والعار الذي سيجلبونه لهم؟ إنهم ينظرون فقط للذّة السيادة الوهمية من الذين يركعون لهم ويُقدسّون وجودهم بينهم، وفضّلوهم على أبناء الشعب.
ولم يتساءلوا عن أطفالهم هل ما زالوا يلعبون مع قطط الحي ويركضون وراء المجنون يرشقونه الحجارة باطمئنان! هل ما زالت هناك أقدام تُداعب حافة المسابح وتلهو على شواطئ البحر تسمع الأصداف! هل ما زالت هناك طفولة تبني القصور على الرمال وتُخاطب أمواج البحر شوقاً لما وراءه! هل ما زالوا يتسامرون أمام الشاشات ينتظرون برامجهم بشوق، أم هل لبسوا ملابس العيد وتزّينوا وانتظروا قبله مدفع الإفطار وواصلوا مع أرحامهم التهاني!
ستدفعين الثمن غالياً إن ما غاب كل هذا، ستدفعين ثمن طفولتهم وستلبسين العار مُزّينة في صفحات التاريخ لتقرأها الأجيال القادمة والتي كُتبت بحبر من دمائهم، لا تجعلين الوطن الجميل مرتعا للأنجاس يأكلون ويتمتعون كما تفعل الأنعام، لا تُسطرّين لتاريخك سواداً جديداً، اعزلي كُرهك وحقدك للعالم ومارسي سياسة الإرهاب بعيداً عن عيون اليتامى والأرامل، اركني إلى جبل يأويك عندما يُكشف أمرك فتكونين الوحيدة لتلّقي العقاب وإقامة الحدّ عليك في مكان لا تراه العيون، فكما يخاف الطفل رؤية أباه ظالماً، أيضاً يُشفق عليه عند التأّلم من العقاب فأشفقي عليه من هذا المنظر وتألمي بعيداً، وتحملّي تبعات أخطائك وممارساتك العاهرة مُتنحّية خجلاً ولا تُشركي وزرك لشعبك الطيب الأصيل والقوي في تحملّه، لا تزيدي أوجاع العذارى ومرارة الألم وفقد الأحبة، فلن يكون حينها وجود لأي دموع أو قوة لتنزع ما في قلبها من بُؤس وفظاعة على الوطن فمنذ اليوم الأول من هذا المسلسل والدموع تجري ووصل مداها دجلة والفرات وأغرقت النيل ملحاً من فجاعتها، انتصري نصرك الزائف بين دخان سقوطك كحكومة لا كشعب بعيداً عن المآذن وحدائق الأطفال، وأذعني ولاءك لسيوف الإرهاب وامرحي معهم علّ ما عانته الشعوب من وراءك يشفي غليلك، فالخطر الذي سيلحق بك سيلحق بهم ولتكن شفقتك على صغيرهم الذي قبّل يد كبيرهم مُبتسماً فخراً وكأن النصر هو في استعباد الناس وذلّهم، لا تُشاركي بوجود مجازر الجوع على طُرقات المنازل، لا تجعلي الشعب يلتفت لك لربما شفقته لكِ أكبر من شفقتك عليه، ومع التيارات المتماوجة في سياستك العوجاء تجرّدت إنسانيتك وانسلخت من وطنيتها لتحصل على وطنية دخيلة تشبه الذي غيّر دبانته من الإيمان إلى الكفر، فلن يشفع لها أحد مع فشلها الذي ستكون نتيجته كوارث اقتصادية ونزعة فوضوية قاسية وهتافات نارية من شعب صدمته حقيقة مُرّة، نتمنى ألّا نسمع نداء واامعتصماه جديدا، نتمنى لهذا الشعب الخليجي ألا يخلط توجهات حكومته بردود المجتمع الدولي فسياسة التفاوض لإنهاء الأزمات لا تكون بالصورة المُخزية هذه، فالتعنّت لا يبني حضارة أو أُمة بل يساعد في دمارها وإنهاء إنسانيتها.
نتمنى أن يقف الشعب مع الشعوب الأخرى فهي التي ستُنقذه من براثن ويلات رعونتهم السياسية، إن الشعوب المُتآخية ليست حبراً على ورق وإن الذي يجمعنا ليس يُنسى فالعرق العربي واحد والصف العربي واحد والمصير واحد والمُخطئ هو الذي ينال الجزاء ولقد تعلمنا من قرآننا الكريم (ألّا تزر وازرة وزر أخرى)، وتعلمنا منذ الصغر أن خليجنا واحد وشعبنا واحد فلتقفي على قدميك بثقة وحاربي التطرّف وانبذي الذين يُرّوجون للإرهاب وصافحي السلام وعانقي شعوب العالم بالتخلّي عن طموحات بالية تسعى لتمزيق الوحدة العربية والصف الخليجي، عودي للحضن الحقيقي وتفادي مرارة الوجع فأنتِ من تختارين مصير شعبك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة