سو-30 الفنزويلية في مواجهة بي-52 الأمريكية.. من سيصمد؟

في تصعيد جديد للتوترات بين واشنطن وكاراكاس، نشرت القوات الجوية الأمريكية في 15 أكتوبر/تشرين الأول ثلاث قاذفات استراتيجية من طراز بي-52 ستراتوفورترس لتنفيذ طلعات جوية قرب السواحل الفنزويلية.
وتُعد تلك الخطوة الأحدث ضمن سلسلة من التحركات العسكرية الأمريكية الهادفة إلى زيادة الضغط على الحكومة الفنزويلية.
وبحسب مجلة مليتري ووتش، تشكل بي-52 إتش واحدة من القاذفات النووية الاستراتيجية الرئيسية لدى الولايات المتحدة، وتُعرف بقدرتها الهائلة على حمل ما يصل إلى 20 صاروخ كروز في الطلعة الواحدة، ما يجعلها من أكثر الطائرات الحربية تسليحًا في العالم.
وقد أقلعت القاذفات من قاعدة باركديل الجوية في ولاية لويزيانا، وحلّقت لمدة ساعتين تقريبًا فوق المياه القريبة من فنزويلا، بالتزامن مع تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد فيها أن وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) تنفذ عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية، وأن "هجمات علنية" ضد كاراكاس قيد الدراسة.
وسبق للولايات المتحدة أن نفّذت محاولات مماثلة عبر عمليات سرية، من أبرزها في عام 2020 حين أُرسل متعاقدون أمريكيون في محاولة فاشلة لاختطاف الرئيس نيكولاس مادورو، في إطار حملة ضغوط لإسقاط حكومته.
في المقابل، ردّت القوات الجوية الفنزويلية باستعراض واضح للقوة، إذ نشرت مقاتلات من طراز سو-30 إم كا 2 للقيام بدوريات جوية مسلّحة بصواريخ كيه إتش-31 المضادة للسفن، كما أجرت تدريبات حية على القصف والهجوم، في رسالة تهدف إلى تأكيد جاهزيتها للدفاع عن المجال الجوي الوطني.
ورغم أن مقاتلات سو-30 إم كا 2 تُعد من الطائرات المتطورة نسبيًا في ترسانة كاراكاس، وكانت تمثّل ذروة التكنولوجيا الروسية حين دخلت الخدمة مطلع الألفية الجديدة، فإن قدرتها الفعلية على تهديد القاذفات الأمريكية تبقى محدودة لعدة أسباب.
فالمقاتلة تعتمد على رادار ميكانيكي المسح، وهو وإن كان متقدمًا في زمنه، إلا أنه أصبح ضعيفًا أمام أنظمة الحرب الإلكترونية الحديثة التي تجهز بها قاذفات بي-52 إتش.
كما أن صواريخها من طراز آر-77 جو-جو تفتقر إلى أنظمة مقاومة التشويش الحديثة الموجودة في الإصدارات الأحدث مثل آر-77 إم، ما يقلل من فاعليتها في مواجهة أهداف عالية الحماية الإلكترونية.
وتتمثل العقبة الكبرى أمام الطيارين الفنزويليين في مدى الاشتباك، إذ يتعين عليهم الاقتراب لمسافة لا تتجاوز 100 كيلومتر لإطلاق الصواريخ، بينما تستطيع القاذفات الأمريكية شنّ ضرباتها من مسافة تزيد على 1000 كيلومتر بصواريخ كروز بعيدة المدى، ما يسمح لها بالبقاء خارج نطاق الدفاعات الجوية الفنزويلية تمامًا.
ويضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة تنشر في المنطقة طيفًا واسعًا من المقاتلات الحديثة التابعة للقوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية، ما يجعل أي محاولة للاقتراب من قاذفات بي-52 مخاطرة شبه مستحيلة، إذ ستُعترض المقاتلات الفنزويلية على الأرجح قبل أن تصل إلى مدى الاشتباك.
في عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز، كانت كاراكاس تخطط لتوسيع أسطولها الجوي عبر شراء مقاتلات روسية متقدمة من طراز سو-35، لكن تغيّر الإدارة في عام 2013 أدى إلى تراجع أولويات الإنفاق العسكري، ما ترك الأسطول الحالي المكوّن من 22 مقاتلة سو-30 إم كا 2 في وضع ضعيف من حيث العدد والتكنولوجيا، خاصة أمام الطائرات الأمريكية الأحدث مثل إف-35.
في ضوء ذلك، يرى الخبراء أن قدرة فنزويلا على مواجهة تهديد القاذفات الأمريكية بي-52 تظل محدودة للغاية ضمن إمكانياتها الحالية، وأن أي مواجهة مباشرة في أجواء البحر الكاريبي ستكون غير متكافئة تمامًا، تعكس الفارق الهائل في القوة الجوية والتكنولوجيا بين البلدين.