طفلة تروي لـ"العين الإخبارية" رحلة علاجها من السرطان في 57357 (حوار)
في قسم علاج سرطان الدم بمستشفى "57357"، تنثر البهجة حولها أينما تسير، وتبث الأمل في نفوس زملائها، وأمام تعلقهم بها لا تستطيع المغادرة.
بدأت الفتاة المصرية تسنيم عبدالرازق، البالغة 15 سنة، رحلة علاجها مع مرض السرطان قبل يونيو/ حزيران 2021، حين اكتشفت إصابتها بالسرطان بعد 4 أشهر من التنقل بين الأطباء.
ولتشخيص المرض، جابت ابنة محافظة البحيرة 4 محافظات مصرية، بينما كانت أعراض المرض تتمدد على وجهها، وروت لـ"العين الإخبارية" رحلتها مع السرطان في هذا الحوار، خلال لقاء معها داخل المستشفى أثناء متابعة حالتها.
متى جرى تشخيصك بالمرض؟
كنت أشتكي من تغير صوتي ووجود انتفاخات في جسمي ومنطقة الغدة، لكن حيويتي كانت جيدة، ولم أواجه مشكلة في الحركة، ولكن التغيرات الطارئة على شكلي ضرتني كثيرًا، وجهي صار مربعا، وكأي بنت كنت أعتني بجمالي ونضارة وجهي، وهذا الأمر كان يضايقني كثيرًا.
تنقلت بين الأطباء لمدة 4 شهور متواصلة، وزرت نحو 14 طبيبًا بين البحيرة والمنصورة والقاهرة والإسكندرية، وطلب أحدهم سحب عينة من الغدة وتحليلها، وكان هذا أول عهدي بالتدخلات الجراحية، وطلب مني طبيب آخر عينة من النخاع، وأظهرت النتيجة إصابتي بسرطان الدم، لكن أهلي والأطباء لم يخبروني، وجئت إلى المسشفى بداعي التشخيص.
كيف تصفين الحياة داخل المستشفى؟
دخلت المستشفى ووجدت كل الأشياء عظيمة، ولم أشعر بالغربة أبدًا، رغم احتجازي لمدة سنة كاملة وخضوعي للعلاج المكثف وبعدي عن أهلي، إلا أنني لم أشعر بالغربة؛ وكنت أرى أنني بين أهلي، سواء زملائي المرضى أو التمريض والأطباء والورشة وعمال النظافة، وهذا الشعور ينتابني كلما جئت للحصول على الجرعة في المستشفى، وأكون سعيدة لأني أقابل أشخاص أحبهم، ولم أشعر أبدًا بالتأفف.
إلى أين وصلت رحلة العلاج؟
الآن في المرحلة الثالثة، وأول مرحلة كانت العلاج المكثف، والثانية كانت الجرعات الصفراء، والثالثة هي جرعات الأسابيع، وأنا الآن في الأسبوع الخمسين، وينقصني 120 أسبوعًا أو جرعة لإنهاء بروتوكول العلاج، إذا لم أتعرض لانتكاسات بإذن الله.
ما أمنياتك القريبة والبعيدة؟
أول أمنياتي أن يكتمل إنشاء وتجهيز هذا المبنى (توسعات المستشفى)، وتتضاعف الطاقة الاستيعابية، وكان الله في عون المستشفى، طوارئ ومتابعة وحالات كثيرة بالآلاف، أنا على سبيل المثال دخلت المستشفى لأول مرة في يونيو/ حزيران 2021 وزميلتي دخلت بعدي بشهور قليلة، ومع ذلك كان الفرق بين رقمي كمريضة ورقمها كمريضة كبيرًا، هناك آلاف الحالات دخلت المستفى بيني وبين زميلتي، والمستشفى يقبل الجميع، وبعض زملائي هنا بيوتهم من الطين حرفيًا، والجميع يتلقى نفس الرعاية والمعاملة، ولا مجال للتمييز.
تغمرني السعادة كلما سمعت بتعافي أحد زملائي، أشعر بحجم التعب والألم الذي ينتابهم، وأنا أيضا أتمنى أن أتعافى، الحمد لله أنا أحسن من الأول كثيرا، وأحسن من غيري، ولا أتمنى بالتأكيد الرجوع إلى الوراء، وأتمنى أن أصل إلى القضاء تماما على السرطان وأن تنتهي جلسات العلاج والكيماوي، حينها فقط يمكنني القول إنني انتصرت على المرض واستعدت حق زملائي المرضى الذين قضوا ولم يكتب لهم الشفاء.
هنا كونت عائلة غير عائلتي بالبيت، وأمنيتي البعيدة هي الالتحاق بكلية الألسن، وأن يعوضني الله على هذا التعب والألم الذي قاسيته، فقد كان صعبا للغاية، وأنا أثق بقدرة الله، وأنه لن يضيع جهدي وتعبي.
بعد عام ونصف العام من العلاج، كيف تتابعين دراستك؟
الآن في المرحلة الثالثة من العلاج، وأمضيت عاما كاملا في العلاج المكثف، لذا كان من الصعب جدا أن أواصل المذاكرة، وكنت في حالة لا وعي بسبب الكيماوي، ولكن لدينا هنا في الطابق السادس ما يشبه المدرسة، وهناك مدرسون لكل المواد بالعربي واللغات، يشرحون الدروس لكل المرضى الطلاب، من الصف الأول الابتدائي إلى الشهادة الثانوية العامة، وبها أيضا لجان امتحانات، وأنا امتحنت مواد الشهادة الإعدادية هنا، وحصلت على مجموع جيد، وزملائي ممن كانوا قادرين على مواصلة المذاكرة اجتازوا الامتحانات، لكني في الحقيقة لم أقدر على المذاكرة، وأنا الآن في الصف الأول الثانوي.
ماذا تعرفين عن الأزمة الأخيرة التي تهدد المستشفى بالإغلاق؟
نعلم أن التبرعات تراجعت، فمنذ جائحة كورونا والجميع منشغلون يأحوالهم، بالإضافة إلى التعليقات السلبية والشائعات التي تردد عن المستشفى، وكذلك ظهور مستشفيات أخرى للعلاج بالمجان، وذهاب جزء من التبرعات لصالحها.
أقول للناس التي تردد التعليقات السلبية والشائعات، لو كلفت نفسك وجئت لزيارة المستشفى ورأيت بعينك كيف يجري مع معاملة المرضى ستتأكد أن هذا هو المكان الصحيح لتوجيه تبرعك، ولكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة حاليا أحجم الناس عن التبرع، وبدأوا بإعادة ترتيب أولويات إنفاقهم، لكن تبرعك مهما كان بسيطا سيحدث فرقا، وسيجازيك الله أضعاف ما تبرعت، الجنيه يفرق في المستشفى، ولا يشترط التبرع برقم عالي ما دام مقدما بنية جيدة وبفعل الخير.
كلمة أخيرة، أود أن أقول للبعض "فلتقل خيرا أو لتصمت"، إذا كنت لا ترغب في التبرع فلا تردد الشائعات المستشفى، هي حياتنا وبيتنا التاني، وهذه التعليقات السلبية تحزن الأطفال، وهناك من يصدقون هذه الادعاءات ويصدقها، ومن ينتقدون لو تعرض أحدهم لا قدر الله لمكروه ووصل هذا المرض إليه سيكون مستشفى 57357 أول مكان يلجأون إليه. فلتقل خيرا أو لتصمت.
aXA6IDMuMTMzLjExNy4xMTMg جزيرة ام اند امز