السرطان يحاصر أسرة فلسطينية.. رحلة معاناة للعودة إلى الحياة
الأم الفلسطينية رائدة أبومصطفى تواجه ظروفا صعبة منذ عام لإنقاذ أبنائها والحفاظ على حياتهم، وسط تعقيدات متشابكة في رحلة البحث عن العلاج
مع 3 أبناء مرضى بالسرطان، تكافح الفلسطينية رائدة أبو مصطفى، لتأمين علاجهم وإنقاذ حياتهم، وفي مخيلتها تجربة مؤلمة تخشى تكرارها عندما فقدت ابنين سابقًا بالمرض ذاته.
في منزلها بخان يونس جنوب قطاع غزة، تعيش رائدة (46 عامًا) ظروفًا بالغة التعقيد، وهي تراقب أبناءها الـ3 المصابين بالسرطان، وإن كانت ووالدهم سيستطيعان تأمين سفرهم عبر معبر بيت حانون/إيرز لتلقي العلاج المناسب في القدس وإسرائيل.
في مكافحة المرض القاتل، تجابه رائدة ظروفا صعبة منذ عام لإنقاذ أبنائها والحفاظ على حياتهم، وسط تعقيدات متشابكة في رحلة البحث عن العلاج، بسبب تعقيدات الحصار والانقسام.
وتقول لـ"العين الإخبارية": "5 من أبنائي اكتشفنا إصابتهم بالسرطان، توفي 2 منهم، و3 نتنقل بهم بين مستشفيات غزة والقدس وإسرائيل لإجراء عمليات وتناول الجرعات".
عدي (21 عاما) أكبر الأبناء اكتشف إصابته بالسرطان وعمره 10 سنوات، أما عائد (15 عاما) فاكتشف السرطان لديه في عمر 5 سنوات، وأفنان (12 عاما) اكتشف مرضها وعمرها 4 سنوات.
أما الابن عبد الله فتوفي قبل 20 شهرا عن 6 سنوات ونصف، وتوفيت سنين قبل 8 سنوات عن سنتين ونصف من العمر، ليرحلا ويتركا عبئًا ثقيلا على العائلة التي تكافح لإنقاذ باقي الأبناء.
تقول الأم التي يرتجف صوتها وهي تتحدث عن أبنائها وهاجس موت عبد الله وسنين لا يفارقها: "خضع أبنائي الثلاثة؛ عدي، وعائد، وأفنان لعدد كبير من العمليات معظمها في مستشفى ايخلوف الإسرائيلي".
الأم وأبناؤها عاشوا محطات قاسية في مواجهة المرض، حيث استأصل الأطباء لأفنان القولون في ايخلوف وفي مستشفى المقاصد استأصلوا الاثنى عشر ورأس البنكرياس والمرارة، قبل أشهر، أما عدي فاستأصل الأطباء له القولون قبل سنة في أيخلوف وأجروا له عدة عمليات في الرأس.
وكذلك عائد استأصل الأطباء له القولون وخضع لعمليات متعددة الواحدة منها كانت تستمر 6 ساعات على الأقل.
في شقة العائلة بالحي الإماراتي بخان يونس، التقت "العين الإخبارية" العائلة التي تعيش قصة كفاح استثنائية للبقاء والحياة في مواجهة صعوبات متعددة.
والحي الإماراتي هو أحد بصمات الخير من دولة الإمارات في غزة، ويتكوّن من 600 وحدة سكنية بجانب أعمال البنية التحتية التي شملت الطرق الداخلية وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات و4 مدارس في مناطق مختلفة من القطاع، وافتتحت عام 2015.
يقول أبوعدي، والد الأبناء لـ"العين الإخبارية": "كل 6 أشهر يخضع أبنائي لفحوصات شاملة للتأكد من عدم تفشي السرطان".
وأضاف "عندما توفى عبد الله في أيخلوف كنت أرافقه لأخذ جرعات العلاج، بينما كانت زوجتي في طريقها مع أفنان للمستشفى.. وهكذا نتنقل من مستشفى لآخر أنا وزوجتي.. والحمد لله على ما نحن فيه".
العلاجات التي يتلقاها الأبناء تصرف من وزارة الصحة، ولكن هناك بعض الأدوية غير المتوفرة تضطر الأسرة لشرائها ما يشكل عبئا كبيرا عليها.
ووفق وزارة الصحة هناك 8326 حالة مصابة بالسرطان موجودة في قطاع غزة، منهم حوالي 750 طفلا، زادت معاناتهم منذ مايو/ أيار الماضي بعد وقف التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث بات سفرهم للعلاج يمر بإجراءات معقدة ويتأخر عن المعتاد.
يقول أبوعدي: "نخشى أن يؤثر وقف التحويلات على نظام العلاج المكثف الذي يتلقاه أولادي.. ورجاؤنا أن يكتب الله لهم الشفاء.. معنويات الأولاد جيدة رغم وفاة شقيقهم وشقيقتهم".
وأشار إلى أن هناك 4 أبناء آخرين بخير وأنهم يجرون لهم فحوصات بين الحين والآخر للتأكد من سلامتهم.
ورغم الإصابات ورحلة العلاج، لا ينقطع الأبناء عن الدراسة والتمسك بالأمل والحياة.
ويقول الوالدان: "نحثهم على الالتحاق بالدراسة رغم صعوبة وضعهم الصحي وذلك ليختلطوا بأقرانهم ويخرجوا من جو العلاج والعمليات الجراحية الطويلة".
ويشير الدكتور زكي الزقزوق، طبيب الأورام، إلى أن العلاجات المطلوبة للسرطان النسبة الأكبر منها غير متوفرة بغزة.
وقال لـ"العين الإخبارية": "العلاجات المتوفرة محدودة لأن الواقع هنا صعب وأليم"، مشيرا إلى أن عدم توفر العلاج يؤدي لنكسات صحية للمرضى لأنهم لا يستكملون منظومة العلاج كلها.
ولفت إلى أنه تابع حالة أبناء أبوعدي مشيرا إلى أن والديهم لا يتركانهم أبدا، وهم يعيشون قصة كفاح للتشبث بالأمل والحياة.
كان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وجه نداء لإنقاذ مرضى السرطان بغزة، وحذر من أنه لا يتوفر لهم البديل العلاجي المكتمل والملائم في مشافي القطاع، وتتطلب أوضاعهم الصحية الحصول على الجرعات الكيماوية والبروتوكولات العلاجية بشكل دوري.
ووفقاً للمركز؛ فإن نحو 8 آلاف من مرضى السرطان بغزة يعانون بشدة بسبب عدم توفر العلاج اللازم لهم، وذلك في ظل القيود المشدّدة المفروضة على المعابر الحدودية لقطاع غزة.