"عاصمة حمير" في مرمى تجريف الحوثي.. إهمال ونهب (صور)
مبانٍ تاريخية في محافظة إب اليمنية باتت في مرمى الإهمال والنهب التي تمارسه مليشيات الحوثي الإرهابية.
تنشط في إب، التي كانت عاصمة الدولة الحميرية، والتي تحد واحدة من أعظم ممالك اليمن، عصابات حوثية تعمل في تجارة الآثار، ما عرّض عشرات المواقع التاريخية للنهب وذلك في مديريات ومناطق "ذي السفال" و"جبلة" و"السبرة" وحتى "ظفار" و"السدة" و"السياني" و"المشنة" وجبال العود في "النادرة".
وخلافا للنهب، قال سكان محليون لـ"العين الإخبارية" إن المباني التاريخية التي تعود للدولة في مدينة تريم القديم تعرضت قبل أيام للانهيار إثر الإهمال المتعمد من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية إلى جانب كثافة الأمطار في المنطقة.
وأحد المباني، وفقا لذات المصادر، يعد مبنى دار الحكومة التاريخي وسط مدينة يريم شمالي المحافظة، والذي تعرض للانهيار بسبب إهمال المليشيات الحوثية، وعدم خضوعه لأي عملية ترميم منذ سيطرة المليشيات عليه.
ويعد مبنى "دار الحكومة" ثالث أبرز معلم تاريخي في محافظة إب، ويعود بناؤه إلى مئات السنين، وهو من أقدم المعالم التاريخية في المحافظة.
وأشار السكان إلى أن 3 مبانٍ تاريخية أخرى تعرضت للانهيار سواء بسبب سقوط الأسطح والأخشاب التي عليه، أو تساقط واجهات واسعة من جدرانها.
ومن هذه المبانٍ والمعالم الأثرية -كما يؤكد السكان- هو جسر حنان التاريخي بـ"مدينة جبلة"، البالغ عمره 600 عام، والذي انهار خلال شهر أغسطس/آب الجاري، بالإضافة إلى تصدّع أجزاء من الجامع الكبير المعروف بالجامع العمري في المدينة القديمة.
نهب وتخريب
ليست الانهيارات التي طالت المباني التاريخية في محافظة إب وحدها من وقفت خلف هدم تاريخ المحافظة، وإنما عمليات النهب المنظمة للآثار من قبل عصابات حوثية نشطة.
وأكد إخصائي الآثار اليمني أحمد جسار أن ما حل بقطاع الآثار وتراث اليمن الثقافي في عموم الجمهورية اليمنية، من تدمير ونهب وسلب وقصف بسبب الحرب الحوثية التي تشهدها البلاد، أدى إلى تضرر قطاع الآثار والمباني التاريخية لفترات مستقبلية طويلة.
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن أغلب المتاحف وأماكن ومباني الآثار في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية مغلقة، بسبب ما تعرضت له من تدمير ونهب بطرق ممنهجة في محاولة للمليشيات لتدمير هوية اليمن الحضارية.
ويوضح أن المتاحف والمناطق الأثرية التي سيطرت عليها الحكومة المعترف بها دوليا تعرضت للنهب والسرقة أيضا من قبل الحوثيين، بالإضافة إلى قصفها وإحراقها كما فعلت بالمتحف الوطني بمدينة تعز، ومتحف قصر صالة شرقي المدينة ذاتها.
ويؤكد أن أعمال النهب والسرقة تركزت بشكل واسع في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي (إب، صنعاء، حجة، الضالع، الجوف، البيضاء)، حيث إنها تتحكم بها بشكل مباشر دون رقيب أو حسيب.
كما أن "العديد من المعالم التاريخية والأثرية، والمباني العمرانية التراثية في غالبية المدن اليمنية تتعرض بشكل مستمر للانهيارات، كما حدث مؤخرا لانهيار مبنى دار الحكومة التاريخي وسط مدينة يريم شمالي محافظة إب، ومعالم تاريخية أخرى، بحسب جسار.
وقال "يتم بيع تراثنا الحضاري وهويتنا التاريخية في مزادات علنية في صفقات عالمية، ويتم طمس الهوية التاريخية اليمنية لتلك القطع المنهوبة ونسبها لدول أخرى".
الحوثي خطر على التراث
واعتبر مهتمون وباحثون يمنيون أن مليشيات الحوثي تمثل خطرا وجوديا على الآثار، حيث تهدد تاريخ اليمن الحضاري، وهويته التاريخية.
ويؤكد باحثون أن معالم اليمن الأثرية وجميع ممتلكاته الثقافية والحضارية والهوية التاريخية للبلاد، تحتاج إلى الحفاظ عليها من أعمال المليشيات التي طالت ودمرت كل شيء جميل في اليمن، وتقديمها بشكل مناسب للجيل الحاضر والأجيال المستقبلية، ويجب الاعتناء بتوثيق تلك الهوية، ونقلها بشكل صحيح.
وتعد محافظة إب الواقعة وسط اليمن والتي توصف بـ"اللواء الأخضر" واحدة من أغنى المحافظات اليمنية بالآثار والمواقع التاريخية التي تعود لحضارات ضاربة في عمق التاريخ، حيث كانت من حواضر الدولة الحميرية (115 ق. م) واختيرت مدينة ظفار بيريم عاصمة لها، فيما كانت "جبلة" عاصمة القرار السياسي للدولة الصليحية عام 1141م.
ومدينة إب هي العاصمة السياحية للبلاد وتمتاز بطبيعة خلابة ومناخ معتدل، ممطر صيفا، بالإضافة إلى كونها ذات أهمية حضارية وتبعد عن العاصمة صنعاء بنحو 163 كليومترا إلى الجهة الجنوبية.
يشار إلى أن متحف ظفار الأثري الواقع في مديرية السدة تعرض العام الماضي لعملية سطو واسعة واختفاء عديد القطع الأثرية فيه، وذلك على يد عصابة مدعومة من مليشيات الحوثي ما أثار إدانات شعبية ورسمية.