من "سيدز" إلى "يالي".. إرهاب الحوثي يحاصر معاهد اللغات
تلاشت أحلام الطالبة اليمنية رفا محمد بدراسة اللغة الإنجليزية، بعد شن مليشيات الحوثي حملة شعواء على معاهد اللغات رفضًا للاختلاط.
تقول الطالبة اليمنية، التي حصلت هذا العام على شهادتها الثانوية من إحدى مدارس صنعاء، إنها كانت تعتزم دراسة اللغة الإنجليزية في أحد أعرق المعاهد بالعاصمة المختطفة كمعهد "يالي" و"سيدز" إلا أن حملة مليشيات الحوثي وتخويفها للطلاب حدت من التحاقها بهذه المعاهد.
وتحدثت رفا محمد -في تصريح لـ"العين الإخبارية"-، عن النظرة القاصرة لمليشيات الحوثي والتي تعتبر معاهد اللغات ناشرة للانحلال الأخلاقي والثقافة الغربية، مشيرة إلى أن الإرهاب الذي تمارسه المليشيات انعكس سلبا على نفسية الطلاب.
ووصل إرهاب مليشيات الحوثي إلى معاهد اللغات المنتشرة في مناطق سيطرتها شمال اليمن بادعاء تحولها إلى وكر لـ"الاختلاط" بين الذكور والإناث.
وتنظر مليشيات الحوثي إلى معاهد اللغات على أنها باتت وكرا للفساد والاختلاط والمخابرات الأجنبية، وهو ما دفعها إلى إغلاق بعضها والسيطرة على البعض الآخر بقوة السلاح.
كما تعد مليشيات الحوثي معاهد اللغات "نافذة للثقافة الغربية" بما تقدمه من محتوى تعليمي.
ابتزاز للمعاهد
كثفت مليشيات الحوثي الإرهابية حملاتها لابتزاز معاهد اللغات في مناطق سيطرتها شمال اليمن، بذريعة أنها وكر لـ"الاختلاط" التي تتعارض مع "الهوية الإيمانية" المزعومة، كان آخرها إغلاق معهد "سيدز" والسيطرة على معهد "يالي".
ويعد معهدا "يالي" و"سيدز" لتعليم اللغة الإنجليزية، من أكبر وأهم معهد اللغات في صنعاء، حيث يعد الأول هو أكبر معهد في اليمن وتأسس باتفاق حكومي يمني - أمريكي في سبعينيات القرن الماضي فيما يحتل "سيدز" المرتبة الثانية.
وقالت مصادر محلية لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيات الحوثي عبر ذراعها في صنعاء خالد المداني أقدمت على إغلاق معهد "سيدز" لدراسة اللغات في العاصمة صنعاء بدعوى تنظيمه حفل تخرج دون إذن مسبق.
وأوضحت المصادر أن مليشيات الحوثي ابتكرت للمعهد حجة من إجل إغلاقه مفادها عدم استخراج تصريح من نادي الخريجين (وكالة حوثية تنظم أنشطة الطلاب بصنعاء) لإقامة حفل لتخرج دفعة من طلابه.
مصدر في المعهد نفى صحة مزاعم المليشيات وأكد إقامة حفلة التخرج لطلابه على فترتين الأولى صباحية وكانت للذكور، بينما الثانية أقيمت عصراً للطالبات تجنباً للادعاءات التي تستخدمها المليشيات لابتزاز المؤسسات التعليمية.
وأشار إلى أن المعهد بات يفصل بين الجنسين تجنبا للمضايقات الحوثية، متهما القيادي الحوثي المداني بمحاولة السيطرة على المعهد تحت ذرائع وحجج واهية.
استحواذ بالقوة
جاء إغلاق معهد "سيدز" في صنعاء بعد أسابيع من سيطرة مليشيات الحوثي على معهد "يالي" الخاضع لإشراف قطاع التعاون الدولي، الذي يسيطر عليه الحوثيون منذ انقلابهم.
وكانت مليشيات الحوثي أخرجت مظاهرة تطالب بإغلاق معهد "يالي" ومنع الدراسة فيه بزعم "الاختلاط" و"الفساد الأخلاقي" و"نشر الثقافة الغربية" وتهديد الهوية الإيمانية، وذلك رداً على مطالب إدارته وموظفيه برواتبهم المتوقفة منذ أعوام.
ويقدم معهد "يالي" مناهج تعليمية بالتعاون مع جامعة أكسفورد ومؤسسات دولية أخرى، ويحقق موارده من خلال رسوم يدفعها الراغبون في الدراسة فيه، ورغم ذلك سعت المليشيات لنهب موارده ورفض تسليم رواتب المعلمين.
وعينت مليشيات الحوثي بقوة السلاح المدعو "يحيى المحاقري" مديرا جديدا للمعهد خلافا ليوسف الديلمي بعد حملة تحريض ضد المعهد استمرت لأشهر، واستُخدمت فيها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية حوثية وحتى خطب الجمعة في عدد من مساجد صنعاء.
ولم تقتصر حملات مليشيا الحوثي على معهد "يالي"، فمنذ انقلابها واصلت إجراءاتها التعسفية ضد معاهد اللغات بزعم محاربة الاختلاط والفساد الأخلاقي، وأجبرت عدداً منها على الإغلاق، قبل أن تعاود العمل بشروط عزل الذكور عن الإناث، ودفع إتاوات مالية كبيرة مقابل السماح باستمرار نشاطها.
وكانت مليشيات الحوثي مطلع 2021 وجهت إنذارات إلى معاهد تعليم اللغة الإنجليزية في صنعاء وهددت بإغلاقها، تحت مزاعم تساهل تلك المعاهد في موضوع الاختلاط، فيما اتهم زعيم المليشيات المعاهد بالعمل الاستخباري مع أمريكا إضافة إلى ظاهرة الاختلاط بين الذكور والإناث.