كارلوس غصن سيكشف الأربعاء مخطط الإطاحة به في اليابان
كارلوس غصن سيتحدث للإعلام في بيروت لأول مرة منذ هروبه المفاجئ من طوكيو الأربعاء.
للمرة الأولى منذ فراره المفاجئ من اليابان، حيث كان قيد الإقامة الجبرية في انتظار بدء محاكمته، يطلّ قطب صناعة السيارات كارلوس غصن أمام الإعلام في بيروت، حيث يُنتظر أن يكشف حيثيات قضيته وتفاصيل رحلته المثيرة للجدل.
وقال غصن (65 عاماً)، الذي اقتصرت مواقفه منذ وصوله إلى بيروت في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي على بيانين مقتضبين، لقناة تلفزيونية أمريكية إنه سيكشف خلال مؤتمره الصحافي المنتظر عن "أدلة حقيقية" تظهر وجود رغبة في الإطاحة به باليابان وأسماء من يقفون خلف توقيفه وبينهم مسؤولون يابانيون رسميون.
ورفض محامو رجل الأعمال الفرنسي اللبناني البرازيلي كارلوس غصن في اليابان الأربعاء أن تصادر السلطات جهاز كومبيوتر عائدا لموكلهم وأغراضا أخرى خاصة به كان يستخدمها قبل فراره الى لبنان.
وقال فريق الدفاع الياباني في بيان "جاء المدعون العامون هذا الصباح إلى مكاتبنا مع مذكرة ضبط أغراض كان السيد غصن يستخدمها، وبينها جهاز كومبيوتر".
وأضاف "بموجب السرية المهنية التي تربط محاميا بموكله، مارسنا حقّنا في رفض المصادرة، بناء على المادة 105 من القانون الجنائي، وطلبنا منهم الرحيل".
إلا أن القانون الجنائي ينص أيضا على أن هناك ظروفا استثنائية يمكن أن تسمح بعملية المصادرة، الأمر الذي سيستخدمه على الأرجح المدعون العامون لاحقا.
وأحدث فرار الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي من طوكيو، حيث كان ينتظر بدء محاكمته في أربع تهم تشمل مخالفات مالية وتهربا ضريبيا، يدحضها ومحاموه بالكامل، صدمة واسعة في اليابان حيث كان يخضع لقيود أمنية مشددة، وكذلك في تركيا التي استقل طائرته الخاصة فيها للوصول من طوكيو إلى بيروت.
ويعقد غصن مؤتمره الصحافي عند الثالثة (13,00 بتوقيت جرينتش) من بعد ظهر الأربعاء بمقر نقابة الصحافة في بيروت، وتتولى شركة تواصل خاصة مقرها باريس، عادة ما توزع بيانات غصن الصحافية، تنظيم المؤتمر وحضور الصحافيين، ويحظى مؤتمر غصن المنتظر باهتمام وسائل الإعلام المحلية والأجنبية التي أوفدت طواقمها إلى بيروت، بعد تداول روايات متضاربة عن ظروف فراره، بدا بعضها أشبه بأفلام هوليوود.
وندّدت اليابان في أول تعليق رسمي بفرار غصن، ووصفته بأنه "غير مبرّر" و"جريمة"، بينما أبدت مجموعة "نيسان" اليابانية لصناعة السيارات أمس الثلاثاء "أسفها الشديد" للإهانة التي ارتكبها رئيسها السابق بحقّ النظام القضائي الياباني.
وقال غصن في أول بيان إثر وصوله بيروت مطلع الأسبوع الماضي "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي. يمكنني أخيراً التواصل بحرية مع وسائل الإعلام".
ولم يتسن لـ"فرانس برس" التحقق من مكان إقامة غصن منذ وصوله إلى لبنان، إلا أن عشرات الصحافيين وبينهم يابانيون، ينتظرون يومياً أمام فيلا في محلة الأشرفية في بيروت، اعتاد الإقامة فيها خلال زياراته السابقة إلى لبنان.
- "مؤامرة"
وأكد غصن في بيان أنه تدبّر بمفرده خروجه من اليابان، من دون أي مساعدة من زوجته كارول أو أي من أفراد عائلته، بعد تقارير إعلامية أفادت عن دور لعبته زوجته كارول في تنظيم عملية فراره، التي أصدر القضاء الياباني أمس الثلاثاء مذكرة توقيف بحقها بشبهة الإدلاء بشهادة زائفة خلال التحقيق.
وكان غصن قيد الإقامة الجبرية في اليابان منذ أبريل/نيسان الماضي، بعد توقيفه في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي واعتقاله لمدة 130 يوماً، قبل أن يتمّ إطلاق سراحه بكفالة.
ووجّه القضاء الياباني أربع تهم إلى رجل الأعمال اللبناني البرازيلي الفرنسي، تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
ونفى غصن كل التهم الموجهة إليه، ويؤكد وأقرباؤه وفريق الدفاع عنه منذ بدء القضية، براءته ويصرّون على أنه ضحية "مؤامرة" دبّرتها شركة نيسان كي تُسقطه بالتواطؤ مع سلطات البلاد. وقال في وقت سابق إن عمليات الدفع التي قام بها من أموال نيسان كانت لشركاء في المجموعة، وتمت الموافقة عليها وأنه لم يستخدم يوماً بشكل شخصي أموال الشركة.
إلا أن مسؤولا في الحكومة اليابانية أكد أمس الثلاثاء أن توقيف غصن يرتكز على أسس قضائية متينة ويحترم حق الدفاع عن النفس. وقال إن "تعبير قضاء الرهينة، الذي غالباً ما يُستخدم تجاه النظام (القضائي) الياباني، لا مبرر له، لأن ليس صحيحاً أن عمليات الاستجواب تهدف إلى الحصول على اعترافات".
وينوي غصن خلال مؤتمره الصحافي، وفق ما قال أمس الثلاثاء لصحافية في قناة "فوكس بيزنس" الأمريكية تحدثت إليه في نهاية الأسبوع، أن يسمي الأشخاص المسؤولين عن توقيفه وبينهم مسؤولون في الحكومة اليابانية، لافتاً إلى أنهم أرادوا "الإطاحة به" لأنه كان بصدد بدء عملية الدمج بين شركتي رينو ونيسان.
- "أدلة دامغة"
وقبل ساعات من مؤتمره الصحافي، ندّد الفريق القانوني لغصن في فرنسا بمضمون بيان لشركة نيسان أمس الثلاثاء، أوردت فيه أنها "اكتشفت بعد تحقيق داخلي شامل العديد من الأفعال المنسوبة لغصن والمنطوية على سوء سلوك"، متحدثة عن "أدلّة دامغة على ارتكابه مخالفات مختلفة".
وقال فريق غصن إن "ادعاءات" الشركة "تحريف فادح للحقيقة"، مؤكداً أن التحقيق "بدأ لغرض محدد ومخطط له مسبقاً وهو إسقاط كارلوس غصن".
واعتبر المحامي جان إيف لو بورنيي أن موكله رجل الأعمال كارلوس غصن بات يتمتع الآن "بحرية حقيقية" ستخوله شرح موقفه الأربعاء خلال مؤتمر صحافي في بيروت، مشيرا في تصريح لقناة "بي أف إم بيزنس" إلى أنه لا يزال يجهل لائحة الأسماء التي يمكن له أن يكشفها.
وقال المحامي ردا على سؤال عمّا إذا كان غصن سيكشف أسماء أشخاص يعتبرهم مسؤولين عن القضية التي أدت إلى توقيفه في اليابان ثم الإفراج عنه بكفالة قبل فراره إلى لبنان، "اليوم، هناك حرية حقيقية، وأعتقد أنه سيستخدم هذه الحرية".
وأضاف "عندما لا تعود هناك أمور يجب تجنبها، وعندما لا يعود هناك الضغط الذي كان يمارس عليه في اليابان، لا بدّ من قول الأشياء"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه يجهل حجم "لائحة الأسماء" التي سيكشف عنها موكله.
وعن الوثائق التي يملكها فريق الدفاع، قال لو بورنيي إن شركة "نيسان" التي كان غصن يرئس مجلس إدارتها "لديها كل الوثائق"، بالنظر إلى أن كارلوس غصن أوقف بشكل مفاجىء لدى نزوله من الطائرة في طوكيو.
وردا على سؤال عن موقف الإدارة الحالية لشركة "رينو" الفرنسية التي كان غصن يرئس مجلس إدارتها أيضا، قال "إن عددا من الأشخاص كانوا جدّ سعداء في هذه القضية للوقوف في خط مناهض لغصن".
وقال "نجهل كلنا ما الذي قيل، لا سيما في إطار المحادثات التي جرت بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الياباني"، معتبرا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يكن في إمكانه الإدلاء "بموقف علني" حول المسألة.
وتابع "بالنسبة إلى شركة رينو، الملاحظ أن الذين عملوا مع كارلوس غصن والذين كان في إمكانهم دعم كارلوس غصن، اختفوا من الصورة".
وتسلّم القضاء اللبناني الأسبوع الماضي "النشرة الحمراء" بشأن غصن من الإنتربول، الذي لا يمكنه إصدار أوامر اعتقال أو الشروع في تحقيقات أو ملاحقات، فيما لا تبيح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم.
وتعتبر السلطات اللبنانية أن رجل الأعمال دخل لبنان بصورة "شرعية". واستخدم جواز سفر فرنسي وبطاقة هويته اللبنانية.
ووفق روايات الإعلام الياباني، يُشتبه بأن غصن بعد خروجه من منزله في طوكيو قد استقل القطار إلى أوساكا في غرب اليابان قبل أن يسافر في طائرة خاصة من مطار كانساي الدولي مساء 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، برفقة متواطئان اثنان مفترضان. وتمكّن من تجنّب نقاط التفتيش من خلال اختبائه في صندوق مماثل للصناديق المستخدمة في نقل المعدات الصوتية الخاصة بالحفلات الموسيقية.