ظل «كاترين العظيمة» في روسيا الحديثة.. سباق مع إرث ابنة أمير «مُفلس»
من نافذة "حكام روسيا الأطول حكما" تطل "كاترين العظيمة" بالهالة الكبيرة التي تحيط بها، وتجعل اسمها يتردد في أزمات القرن الواحد والعشرين.
إمبراطورة شهيرة توفيت في القرن الثامن عشر، لكنها لا تزال حاضرة في أزمات بالقرن الواحد والعشرين، خاصة تلك المتعلقة بأوكرانيا، ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للاستعانة بها في معرض الحديث عن وجود بلاده بغرب أوكرانيا.
وخلال مقابلته مع الإعلامي الأمريكي توكر كارلسون، تتبع بوتين التاريخ الروسي حتى القرن التاسع. ومن وجهة نظره، أصبح جنوب أوكرانيا جزءًا من الإمبراطورية الروسية عندما استولت عليها كاترين العظيمة من الإمبراطورية العثمانية.
كما أنا جلوس كاترين العظيمة على عرش روسيا لأطول مدة مسجلة (34 عاما)، يعيدها بقوة للواجهة مع اقتراب بوتين من عامه العشرين في الكرملين، وخوضه الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الأسبوع، من أجل ولاية جديدة تبقيه في السلطة حتى 2030.
البداية
كانت كاترين العظيمة، واسمها الحقيقي صوفيا فون أنهالت زربست، إمبراطورة روسيا بين 1762 و 1796.
لم تكن صوفيا روسية، ولم يكن مقدرا لها في طفولتها أن تكون حاكمة.
ولدت صوفيا زربست، في 2 مايو/أيار 1729 في شتيتين، التي كانت آنذاك جزءا من بروسيا (شتشيتسين الآن في بولندا)، وهي ابنة أمير ألماني "مفلس".
في عام 1745، بعد أن تم استقبالها في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، وتغيير اسمها إلى كاترين، تزوجت من الدوق الأكبر بيتر، حفيد بطرس الأكبر ووريث العرش الروسي.
وسرعان ما اكتسبت تقدير ومحبة أفراد الشعب، لما أظهرته من احترام للعادات والتقاليد الروسية، وفور صولها حرصت على تعلم اللغة الروسية، وتاريخ البلاد.
كانت روسيا وقتها تحت حكم الإمبراطورة إليزابيث، ابنة بطرس الأكبر.
زواج تعيس
لم يكن الزواج سعيدا، لكن الزوجين أنجبا ابنا واحدا هو بول.
كانت تلك الفترة بمثابة تجربة لتشكيلها كقائدة، بحسب ما ذكرته فيرجينيا راوندينغ، مؤلفة "كاترين العظيمة" والمستشارة التاريخية للمسلسل الذي عرض عام 2019 عن حياتها.
وأضافت راوندينغ: "عندما كانت دوقة كبرى، في زواج غير ناجح، وليس لديها أي شيء لتفعله ما عدا إرضاء الإمبراطورة والابتعاد عن المشاكل، أمضت كثيرا من الوقت في القراءة".
وأصبحت كاترين على دراية جيدة بالفلسفة الفرنسية واللغة الروسية، وكل ما يتعلق بفن الحكم.
"انقلاب" وتنصيب
بعد فترة وجيزة من وفاة الإمبراطورة إليزابيث وصعود بيتر إلى العرش في أوائل عام 1762، تآمر العديد من أعدائه للإطاحة به واستبداله ببول البالغ من العمر 7 سنوات.
وبدلا من ذلك، تصرفت كاترين الطموحة بسرعة لتغتنم الفرصة، بفضل دعم الجيش، لتعلن نفسها الحاكمة الوحيدة لروسيا في يوليو/تموز 1762، مما أجبر زوجها على التنازل عن عرشه. بحسب موقع "ذا هيستوري" الأمريكي.
اغتيل بيتر بعد ثمانية أيام فقط، وليس من المعروف ما إذا كان لكاترين دور في وفاته.
على الرغم من هذه البداية المضطربة، يُذكر عهد كاثرين باعتباره فترة تقدم وإنجازات كبيرة بالنسبة لروسيا.
ومثل بطرس الأكبر، عملت على تغريب الأمة وجعلها قوية بما يكفي للصمود في مواجهة القوى العظمى في أوروبا.
وفي عهد كاترين، توسعت حدود روسيا إلى الغرب والجنوب، لتشمل شبه جزيرة القرم بالإضافة إلى جزء كبير من بولندا.
بعد ذلك، بدأت كاترين إصلاحات سياسية واجتماعية، لكنها أصبحت محافظة أكثر مع تقدمها بالعمر.
وفي عام 1767 قامت بتشكيل اللجنة التشريعية لتدوين قوانين روسيا، وفي هذه العملية قامت بتحديث الحياة في البلاد، قبل أن تتوفى بسكتة دماغية، في سان بطرسبرغ، يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1796، تاركة بول يخلف العرش.