مصرف لبنان يصطدم بملاحظات صندوق النقد.. مخاوف من تكرار سيناريو 2020

تبدو آمال التوصل إلى اتفاق بين لبنان وصندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الخريف في واشنطن شبه معدومة، إذ تشير المعلومات إلى أن المحادثات الرسمية أُرجئت مبدئيًا إلى الربع الأول من 2026.
يأتي تأجيل الاجتماعات وسط استمرار الخلافات بين وزارة المالية ومصرف لبنان، وتعثر إصلاحات جوهرية كان يعول عليها لتحريك الملف المالي المتجمد منذ أكثر من عامين.
وحسبما أفادت صحف لبنانية عن مصادر مطلعة، فإن تأجيل المفاوضات جاء لأسباب عدة، أبرزها حاجة قانون إعادة هيكلة المصارف، الذي أقره البرلمان في نهاية يوليو/تموز الماضي، إلى تعديلات جوهرية تتوافق مع ملاحظات الصندوق، إضافة إلى تسليم بعثة الصندوق لوزارة المالية عشرات الملاحظات الفنية الجديدة التي تتطلب دراسة معمقة قبل استئناف التفاوض.
أداء لبنان المالي
في المقابل، تعيش أروقة الصندوق حالة من "خيبة الأمل المتزايدة" تجاه الأداء اللبناني، خصوصًا بعد غياب أي تقدم في إعداد مشروع قانون "إعادة التوازن المالي" واستعادة الودائع، وسط خلافات حادة بين الوزارة والمصرف المركزي حول مبادئ المعالجة وتوزيع الخسائر.
مصادر مطلعة أن الخلاف الأبرز يدور حول مطالبة مصرف لبنان بالاعتراف بدين قدره 16.5 مليار دولار على الدولة اللبنانية، وهو ما يرفضه الصندوق باعتباره سيرفع الدين العام إلى مستويات "غير قابلة للاستدامة"، فيما يلوح المصرف بالاستناد إلى المادة 113 من قانون النقد والتسليف التي تلزم الدولة بتغطية خسائره، وهو ما يعتبره الصندوق تفسيرًا خاطئًا لمضمون المادة.
رفض شروط صندوق النقد
وفي موازاة الخلاف المالي، تتصاعد جبهة رفض جديدة تضم مصرف لبنان والمصارف والهيئات الاقتصادية، رافضة شروط الصندوق التي تنص على أن يتحمل مساهمو المصارف الخسائر أولاً قبل أي جهة أخرى، ما يعيد إلى الأذهان ما حدث عام 2020 عندما أطاحت ما عُرفت بـ"جبهة الرفض" بالمفاوضات الأولى مع الصندوق.
ويرى مراقبون أن الموقف المتشدد لمصرف لبنان، بقيادة الحاكم كريم سعيد، يعكس رغبة في الحفاظ على استقلالية المصرف ورفض أي تدخل خارجي في علاقاته التعاقدية مع البنوك اللبنانية، خصوصًا في ما يتعلق بإعادة هيكلة الهيئة العليا للرقابة المصرفية التي يطالب الصندوق بإصلاحها لضمان الشفافية وتفادي تضارب المصالح.
وفي ظل هذه الانقسامات، تتحدث مصادر دبلوماسية عن مساعٍ لبنانية غير معلنة لإقناع الصندوق بتغيير ممثليه في بيروت وواشنطن، في محاولة لتليين مواقفه أو إعادة فتح قنوات تفاوض جديدة، غير أن هذه الجهود لم تلق تجاوبًا حتى الآن.
وبينما يستعد الوفد اللبناني الرسمي للتوجه إلى واشنطن اليوم الإثنين للمشاركة في اجتماعات الخريف للبنك الدولي وصندوق النقد، تبدو خارطة الإنقاذ المالي معلقة، في انتظار توافق داخلي حقيقي يعيد الثقة بالمؤسسات ويمنح المفاوض اللبناني قوة تفاوضية مفقودة أمام المجتمع الدولي.