رئيس تشاد الجديد.. وريث أبيه تحاصره "القروش"
كان الجنرال محمد إدريس ديبي يستعد لتولي قيادة تشاد من والده في يوم من الأيام، لكن موت الأب يعني أن ذلك اليوم جاء أقرب مما كان متوقعا.
ويقول محللون، رغم أن قيادة الجيش أبدت مظاهر الوحدة عندما ظهر الجنرال البالغ من العمر 37 عاما على شاشة التلفزيون الوطني، الثلاثاء الماضي رئيسا جديدا للبلاد وقائدا عاما للجيش، فإن الحفاظ على تماسكها سيكون التحدي الرئيسي بالنسبة له.
ومعظم كبار الضباط هم من نفس جيل والده المتمرس في القتال، ويملك محمد إدريس ديبي، المعروف أيضا باسم محمد "كاكا" بعض الخبرة العسكرية. لكن سيتعين عليه إظهار قوته بسرعة فيما تُصعد مجموعات متمردة مختلفة من تحديها للحكومة.
وقال جيروم توبيانا، المحلل المتخصص في شؤون تشاد: إن "كاكا لا يحظى إلا بدعم الجيش، إنه شاب وخلافا لوالده لم يكن متمردا قط".
وفي مؤشر لا ينذر بالخير، بعد أقل من 24 ساعة من تولي ديبي السلطة على رأس ما أطلق عليه المجلس العسكري الانتقالي، ندد الجنرال إدريس عبد الرحمن ديكو، وهو ضابط في الخدمة وكان عضوا في حكومة ديبي الراحل، بسيطرة الجيش على مقاليد الأمور، وقال إنه يتحدث نيابة عن كثيرين من الضباط.
وأضاف رولان مارشال، وهو باحث بارز في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي "القروش تحوم حول محمد، هناك بالفعل خلافات فيما بينهم حول كيفية تقاسم الغنائم".
وبالإضافة إلى إقناع الجنرالات الأكبر سنا، يتعين على محمد إدريس ديبي كذلك كسب تأييد الشعب الذي ألبته المعارضة على الحكم الاستبدادي المستمر منذ 30 عاما.
وفي أول تصريحات له منذ توليه السلطة، حاول ديبي طمأنة التشاديين بأن المجلس العسكري لا ينوي التمسك بالسلطة ووعد بإجراء انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها 18 شهرا.
وقال الأربعاء، متحدثا بصوت هادئ بينما لم يرفع بصره عن تصريحاته المعدة سلفا إلا فيما ندر "أود أن أؤكد أن السلطة السياسية ليست وظيفتنا".
ولم يتحدث في جنازة والده اليوم الجمعة، وتصفه سيرته الرسمية بأنه "متحفظ".
خبرة قتالية
وبعد تخرجه في الكلية العسكرية برتبة لفتنانت، خاض ديبي أول تجربة قتالية له في بلدة أم دام بشرق تشاد في عام 2009 ضد المتمردين، وفقا لمحلل تشادي طلب عدم نشر اسمه.
وصعد ديبي سلم الرتب العسكرية بهدوء ولم يبرز اسمه إلا في عام 2013 كنائب لقائد القوات التشادية التي طاردت المسلحين بجانب القوات الفرنسية في شمال مالي، وشغل ديبي منصب الرجل الثاني في المهمة، بحسب سيرته الذاتية.
وفي عام 2018، عُين قائدا للمديرية العامة لجهاز الأمن لمؤسسات الدولة، وهي قوة الأمن الخاصة التي غالبا ما يتم نشر أفرادها في بعثات أجنبية بمنطقة الساحل وحوض بحيرة تشاد، حيث يقاتلون جماعة بوكو حرام النيجيرية.
وقال الجنرال إبراهيم سليمان بشار نائبه السابق في القوة لرويترز: "الجنرال محمد إدريس ديبي كان ضابطا شابا لامعا أثبت نفسه على الأرض، ويتميز بالصرامة أثناء قيادته للعمليات، ولكنه عطوف كذلك مع الجنود على الأرض".
لكن المحلل مارشال قال إنه في مالي لم يكن سوى المتحدث باسم القوة التشادية.
وقال مارشال "أثبت كفاءة، لكن العديد من الضباط التشاديين كانوا يشعرون بالاستياء، وكان يتحدث عن العمليات، لكنه لم يكن الشخص الذي خاطر بحياته في أقصى الشمال".
واتفق المحلل التشادي مع هذا الرأي، وقال مارشال "لديه بعض الخبرة لكنه، على النقيض من والده، ليس مقاتلا متمرسا، سيكون من الصعب للغاية عليه أن ينال دعم الجيش، بنى والده سمعة طيبة ومسيرة مهنية بقتال (الديكتاتور السابق) حسين حبري".
وهناك كذلك القضايا العرقية، فالجيش يتألف من قبائل ومجموعات عرقية مختلفة، وكانت قاعدة أنصار ديبي الأب من قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها لكن حتى هذه بدأت تظهر داخلها علامات الانقسام.
وقال فالنتين روبيليارد وهو محلل في مركز التحكم في المخاطر "كان على ديبي بالفعل أن يلعب لعبة توازن مع أفراد عشيرته، وسيتعين على ابنه أن يفعل الشيء نفسه".
علاوة على ذلك، فإن والدة ديبي تنتمي لعرقية القرعان وكذلك أغلب المتمردين الذين يحاربهم الجيش، وقال مارشال "هذا ليس جيشا متجانسا. لا أتوقع أن يحافظ ابنه على تماسكه".
دعم فرنسي
وبوسع ديبي الابن أن يعول على دعم فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، التي تنشر أكثر من خمسة آلاف جندي في جميع أنحاء منطقة الساحل وتعتمد على القوات التشادية في التصدي للتهديد الإقليمي من الإرهابيين.
وجلس الرئيس إيمانويل ماكرون بجانب ديبي في الجنازة.
وقال مارشال إن ابنا آخر لديبي هو عبد الكريم كان من الممكن أن يكون خيارا. وقال "إنه ذكي وارتاد (أكاديمية) ويست بوينت، لكن كان يُنظر إليه على أنه جشع للغاية حتى بين دائرة ديبي (الأب) المقربة".
واختير محمد بسبب علاقاته الجيدة مع الفرنسيين نتيجة للفترة التي قضاها في مالي ولأنه كان قائدا للقوة الخاصة، وقال مارشال "وضعوه هناك لأنه ابن إدريس ولأن الفرنسيين يحبونه".
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg جزيرة ام اند امز