"التحدي والإنجاز".. مصر تجتاز عبور اقتصاد صعب خلال 2019
تجني مصر بعد 4 سنوات ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي باستعادة معدلات النمو وإحياء التوظيف مجددا والسيطرة على عجز الموازنة
حققت مصر نجاحا كبيرا بتجربتها الوطنية في الإصلاح الاقتصادي عبر تنفيذ برنامج شامل، وبدأت تجني الآن ثماره وسط إشادة المؤسسات الدولية، وفقا لما جاء في تقرير الأداء الاقتصادي لعام 2019.
وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في التقرير الذي حمل عنوان "التحدي والإنجاز"، أن الاستقرار السياسي الذي عاشته مصر ساهم في إنجاز برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ عام ٢٠١٥، وتتجلى أبرز ثماره في انخفاض عجز الموازنة من 11,4% في ٢٠١٤-2015 إلى 8.4% في ٢٠١٩.
وأضاف أن موازنة البلاد سجلت فائضا أوليا بنسبة ٢% من الناتج المحلي في ٢٠١٩ بدلا من عجز أولي 3,5% عام ٢٠١٤، مصحوبا بتراجع معدل البطالة من ١٣,٣% إلى ٧,٥%، فضلا عن انخفاض معدل التضخم من 33% في 2017 إلى ٣,٤% في 2019.
وأشار معيط إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية كللها ارتفاع معدل النمو من ٤,٤% إلى ٥,٦%، وهو أعلى معدل نمو منذ الأزمة العالمية المالية عام ٢٠٠٨، ومن المستهدف الوصول به إلى ٧% بحلول ٢٠٢٢.
من جانب آخر، لفت وزير المالية إلى أن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية قفز من ١٢ مليار دولار عام ٢٠١٤ إلى مستوى قياسي عند ٤٥,٢ مليار دولار نهاية أكتوبر/كانون الأول الماضي، بما يغطي 8 أشهر من الواردات.
وتتوقع وزارة المالية تقليص العجز الكلي إلى ٧,٢% في موازنة العام المالي الحالي، بما يُسهم في خفض معدلات الدين التي تراجعت من 108% من مستوى الناتج المحلي الإجمالي في 2016-2017 إلى 90.5% بنهاية يونيو/حزيران 2019.
كما أشار إلى أن مصر رفعت مخصصات الإنفاق على الصحة والتعليم من ١١٥ مليار جنيه في ٢٠١٤ إلى ٢١٠ مليارات جنيه في ٢٠١٩، وزيادة دعم الغذاء من ٣٩,٤ مليار جنيه إلى ٨٧ مليار جنيه في ٢٠١٩، فضلا عن تنفيذ أكبر برنامج إسكان اجتماعي لمحدودي ومتوسطي الدخل في العالم بتسليم نحو ٧٥٠ ألف وحدة سكنية كاملة التشطيب لأصحابها.وألمح التقرير إلى أن مخصصات الدعم بالموازنة العامة لمصر ارتفعت خلال الخمس سنوات الماضية من ١٩٨,٥ مليار جنيه بميزانية ٢٠١٤-٢٠١٥ إلى نحو ٣٢٧,٧ مليار جنيه بموازنة ٢٠١٩-٢٠٢٠ بنسبة زيادة ٦٥%.
وأكدت وزارة المالية المصرية أن هذه الإنجازات دفعت المؤسسات الدولية للإشادة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، إذ أعلنت وكالة بلومبرج الأمريكية أن الجنيه المصري يحتل المركز الثاني كأفضل عملات العالم أداءً بعد الروبل الروسي، فضلا عن كون مصر ثاني أكثر الدول تحملا للصدمات.
وقد أصبحت مصر وفقا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" الأكثر جذبا للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا خلال النصف الأول من عام ٢٠١٩ عبر استقطاب 3.6 مليار دولار.
وأحرزت القاهرة تقدما جديدا في التصنيفات الدولية بعد أن قفزت ٨ مراكز في تصنيف تقرير ممارسة الأعمال عام ٢٠١٩، الصادر عن البنك الدولي، بما يُترجم الجهود المثمرة في تحفيز بيئة الاستثمار ومناخ الأعمال.
كل هذه العوامل دفعت مؤسسات التصنيف الدولي لمنح الاقتصاد المصري نظرة مستقبلية مستقرة، حيث أكدت مؤسسة فيتش في آخر تقاريرها تصنيفها السيادي للاقتصاد المصري عند درجة "+B" مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة، وهي شهادة ثقة جديدة تعكس استدامة برنامج الإصلاح الاقتصادي.
من جانبها علقت مونيت دوس، محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار أتش سي، بأن مصر أحرزت العديد من الإنجازات على صعيد الملف الاقتصادي في 2019، وعلى رأسها التضخم الأساسي الذي تراجع إلى 2.1% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأوضحت أن البنك المركزي سيواصل خفض أسعار الفائدة لتشجيع القطاع الخاص على الاقتراض لتمويل المشروعات، وذلك في إطار تطبيق سياسة التيسير النقدية لتحفيز النمو الاقتصادي ونشاط سوق المال.
ومن جانبها، قالت علياء ممدوح، كبيرة الاقتصاديين في إدارة البحوث ببنك الاستثمار بلتون، إن ارتفاع الجنيه يشكل دعما قويا للاقتصاد في 2020، فمن المتوقع أن يتراوح بين 15.9 إلى 16 جنيها مقابل الدولار.
وأشارت إلى أن هناك عدة قطاعات ستحفز النمو، من أبرزها السياحة التي من المتوقع أن ترتفع إلى 14.5 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، على أن تواصل النمو حتى تقفز إلى 16 مليار دولار في 2020-2021.