قصة نجاح جديدة للسياحة المصرية وسط التحديات «حوار»
شهد قطاع السياحة في السنوات الأخيرة تحديات كبيرة، نتيجة للاضطراب السياسي والأمني في مناطق عديدة، الذي أدى إلى تراجع في أعداد السياح.
وأدى ارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية إلى جعل السفر أقل جاذبية للعديد من السياح في جميع أنحاء العالم، لكن ماذا حدث للسياحة في مصر في ظل هذه الأوضاع؟
- بقيمة 14 مليار دولار.. الدين الخارجي لمصر يسجل تراجعا تاريخيا
- بعد وقف خطة تخفيف الأحمال في مصر.. «الكهرباء» تكشف سبب انقطاع التيار
وكشف المستشار وليد البطوطي، مستشار وزير السياحة الأسبق، وسفير الإرشاد السياحي في العالم في حواره لـ"العين الإخبارية"، كيف سيجني قطاع السياحة في مصر ثمار التطورات الاقتصادية نتيجة قرارات الدولة الأخيرة، بالإضافة إلى تأثير استهدف أسواق جديدة من السياح على القطاع؟
كما تحدث عن تأثير حرب غزة على السياحة المصرية، والتوترات الجيوسياسية بالمنطقة ومدى تأثيرها على أعداد السياح الوافدين إلى مصر، وأشار إلى أبرز الأنماط السياحية التي تستقطب العدد الأكبر من السياح.
وتطرق للحديث عن أزمة تأشيرات الحج لهذا العام موضحًا السبب في ذلك وطرق التصدي لهذه الأزمة لعدم تكرارها مجدداً.
كيف سيجني قطاع السياحة في مصر ثمار التطورات الاقتصادية نتيجة قرارات الدولة الأخيرة بما في ذلك قرار تحرير سعر الصرف وتبني القاهرة خطة طموحة لتعظيم إيرادات القطاع السياحي؟
في السنوات الأخيرة، شهد قطاع السياحة في مصر تحولات كبيرة تهدف إلى تيسير وتحسين تجربة السياح وجعلها أكثر سلاسة وملاءمة.
وواحدة من هذه التحولات هي الخطة التي تم تنفيذها لتحويل كل المزارات السياحية والأثرية في مصر إلى نظام غير نقدي، حيث يمكن للزوار الدوليين استخدام بطاقات الائتمان بدلاً من النقود الورقية، مما عزز من استخدام العملات الصعبة، حيث يتم تحويل الأموال مباشرة إلى العملات الأجنبية مثل الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الاسترليني، وغيرها، مما يساهم في زيادة الاحتياطي النقدي للبلاد ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام.
حاولت مصر في الآونة الأخيرة استهداف أسواق جديدة من السياح بعد أن ضمت في أجندتها السياحية بعض الأماكن التي لم تكن مدرجة على خريطتها من قبل كالعلمين الجديدة ومدينة مرسى علم.. فما مردود ذلك على القطاع السياحي في الدولة؟
تعد خطة استهداف أسواق جديدة من السياح خطوة استراتيجية ذات مردود إيجابي بالغ على قطاع السياحة في البلاد.
اليوم، تجذب العلمين والسخنة ومرسى علم وسواحل البحر الأحمر، بما في ذلك الجونة، مجموعة متنوعة من السياح من أصحاب الدخل العالي الذين يزيدون من نسبة الإنفاق بشكل كبير، والسياح الذين يأتون باليخوت الخاصة بهم يسهمون بشكل كبير في زيادة الإيرادات، خاصة في المناطق الساحلية الممتدة من السخنة حتى جنوب مرسى علم.
بفضل هذه الخطوة، تمت إضافة مناطق جديدة إلى الخريطة السياحية لمصر، مما أدي إلى دخل إضافي ملحوظ وتعزيز عمليات الصرف في هذه المناطق.
الجونة بوضوح تبرز كنموذج لهذا النجاح، حيث تساهم بشكل كبير في تعزيز السياحة وتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي.
إلى أي مدى أثرت حرب غزة على السياحة المصرية؟
في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، شهدت مصر تأثيرات كبيرة جراء الأحداث الجارية في غزة، والتي أثرت بشكل خاص على قطاع السياحة، لكن رد الحكومة المصرية كان سريعًا وفعالًا في عمليات التوعية الجغرافية للسياح، مما ساهم في تقديم الطمأنينة والإرشادات اللازمة للمسافرين.
وسيلة قوية جدًا استخدمتها مصر للتأكيد على الأمان والاستقرار في البلاد هي حضور أحد السياح الأجانب المتحمسين لمصر والذي يشارك في كل محاضرة.
ويعد السائح أقوى وسيلة للدفاع والرد، حيث يشهد بشغفه ومحبته العميقة لمصر، مما ينعكس إيجابًا على نظرة السياح ويزيد من ثقتهم في أمان السفر إلى مصر.
ومن أجمل الإشارات التي نقلت خلال فترة التوترات الأخيرة هي تعليقات السياح الأجانب أنفسهم، حيث كانوا يشيرون إلى أن المنطقة التي تمت مناقشتها تبعد عن القاهرة بحوالي 8 ساعات، تمامًا كما يفصل كاليفورنيا عن نيويورك. وهذا التشبيه البسيط والواقعي يظهر مدى الثقة والاستيعاب الذي يشعرون به تجاه المسافة والأمان في مصر.
وتعتبر هذه المقارنة معبرة جدًا، حيث يظهر للسياح أن مسافة البعد الجغرافي في مصر ليست بعيدة بالمقارنة مع الأماكن البعيدة الأخرى التي يمكن أن يكونوا قد زاروها سابقًا.
ويساعد هذا التوضيح على تهدئة المخاوف وتعزيز شعور الأمان، خاصة بالنسبة للسياح القادمين من بلدانهم والذين يجدون في هذا التشبيه دعمًا وفهمًا من عائلاتهم وأصدقائهم.
وتظهر هذه الاستراتيجية الجديدة فعاليتها في تحسين صورة مصر كوجهة سياحية آمنة ومرغوبة، وتعكس التعاون الإيجابي بين الحكومة والمجتمع السياحي في تخطي العوائق والتأكيد على الاستقرار والأمان.
وهل التوترات الجيوسياسية بالمنطقة أثرت على أعداد السياح الوافدين إلى مصر خلال 2024.. وما نسبة التأثير؟
بالإضافة إلى التأثير السلبي الذي شهدته مصر خلال الفترة الأخيرة، أظهرت الأحداث الجارية أيضًا تأثيرًا إيجابيًا بارزًا. لقد بدأ العديد من الأشخاص الذين كانوا يخططون لزيارة الدول المجاورة بالتركيز أكثر على مصر، نظرًا لأنها تقع في نفس الوجهة الجغرافية أو المنطقة، لكنها تظهر حتمية أمنية أقوى.
شهد عام 2024 أزمة غير مسبوقة في تأشيرات حج الزيارة.. برأيك ما السبب في ذلك وكيف تم التصدي لهذه الأزمة لعدم تكرارها مجدداً؟
اتخذت دولتنا إجراءات صارمة تجاه أزمة تأشيرات الزيارة، حيث تم العمل على شطب العديد من الشركات المتورطة في هذه القضية.
وعلى الرغم من أن بعض الشركات تمت إزالتها، إلا أنني أرى أن هذا العدد لم يكن كافيًا، وكان يجب أن يتم شطب مزيد منها بالكامل.
وأرى أنه كان من الضروري أن يكون هناك عرض لهذه الشركات وليس من المفترض أن نراعي خصوصية الشركات وسمعتهم. لأنهم لا يستحقوا الرحمة، بل كان من الضروري إظهارها وفضحها لتحمي الناس من التعامل معها مستقبلاً.
ورغم القرارات الصارمة التي اتخذتها الحكومة في هذا الشأن، فإنني كنت أفضل أيضًا أن يكون لرجال الدين دور حاسم في التصدي لهذه الظاهرة.
ويجب عليهم أن يصدروا تصريحات واضحة تنبه الناس إلى خطورة التلاعب بأمور دينية مقدسة مثل الحج والعمرة، فإن ما يرونه بعض رجال الأعمال كفرصة لتحقيق أحلامهم في دول الفقراء، يعد استغلالًا فاضحًا لقيم الدين والأخلاق.
ولعدم تكرار هذا مجددًا أرى أن على الحكومة أن تتخذ عقوبات أشد صرامة ضد المخالفين، كما يجب على الرجال الدين أن يظهروا بشكل واضح وصريح لتوعية الناس حول النصب والاحتيال في هذه الشؤون الدينية المهمة.
شهد عام 2023 أعلى معدل في الحركة السياحية الوافدة في تاريخ السياحة في مصر.. برأيك هل يمكن أن يحقق عام 2024 معدل أعلى للحركة في تاريخ السياحة في مصر؟
في عام ٢٠٢٣، شهدت مصر تحقيقاً ملحوظاً في القطاع السياحي، حيث تجاوزت الإيرادات السنوية الأرقام التي تم تحقيقها في عام ٢٠١٠، وهذه علامة على تحسن واضح في الصناعة السياحية المصرية.
ومع ذلك، كان بإمكان البلاد تحقيق مزيد من التقدم لولا التحديات السياسية التي عاقبتها.
وبالنسبة لعام ٢٠٢٤، من المتوقع أن تحقق مصر أداءً جيداً على الرغم من التأثيرات السلبية المحتملة للظروف الجيوسياسية، واتوقع بشدة أن يكون الموسم القادم للسياحة في مصر مزدهراً.
ما أبرز الأنماط السياحية التي تستقطب العدد الأكبر من السياح في مصر؟
هناك مجموعة متنوعة من أنماط السياحة التي تستقطب العدد الأكبر من السياح سنوياً، أبرزها السياحة الشاطئية والتي تتمتع بشعبية كبيرة بالإضافة إلى السياحة الثقافية والتي تعتبر أهم الأنماط التي تجذب السياح، حيث تضم مصر العديد من المزارات السياحية الأثرية الشهيرة مثل المعابد والمتاحف والمزارات السياحية.
ومع توفير غرف فندقية عالية الجودة وخدمات الضيافة المتميزة، فإن مصر مستعدة تماماً لاستقطاب أعداد أكبر من السياح في المستقبل، مما يعزز مكانتها كواحدة من أبرز الوجهات السياحية العالمية
كيف تستطيع مصر تحقيق حلم 30 مليون سائح؟
من خلال زيادة القدرة الاستيعابية الفندقية، يمكن لمصر أن تحقق حلم استقطاب ٣٠ مليون سائح سنوياً بشكل مستدام وناجح، حيث تعد زيادة عدد الغرف الفندقية أمراً حاسماً، حيث يمكنها تلبية الطلب المتزايد على الإقامة في أوقات الذروة والمواسم السياحية.
وبتوسيع البنية التحتية الفندقية، يمكن لمصر استيعاب مزيد من الزوار بمختلف الفئات الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز من تجربة السياح ويزيد من إقاماتهم المستدامة
ما أبرز التحديات التي يشهدها قطاع السياحة المصري؟
في تحديات القطاع السياحي في مصر، يبرز أهمية التدريب المستمر وتحديث العمليات لتعزيز القدرات وتحسين الخدمات المقدمة للسياح. يجب أن تكون عمليات التدريب متجددة لمواكبة المتطلبات الحديثة وتحسين تجربة السائح.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب تحسين البنية التحتية لضمان حرية التنقل للسياح دون قيود.
ويجب أن تدعم البنية التحتية حركة السياحية بمرونة وسهولة، مما يشمل توفير وسائل النقل العامة الموثوقة والمريحة للسياح لاستكشاف الأماكن بحرية.
aXA6IDMuMTM3LjE3OC4xMjIg
جزيرة ام اند امز