عربات التسوق.. مقاعد متحركة لأصحاب الهمم في تايلاند
جمعية خيرية في تايلاند تعمل على تحويل عربات التسوق لأداء هذا الغرض الجديد وتقدمها مجاناً للأشخاص من أصحاب الهمم وغيرهم من المحتاجين
غالباً ما يشعر الأطفال الصغار بالبهجة، عندما يصحبهم آباؤهم في جولة في أنحاء المتاجر الكبرى وهم جالسون على متن عربات التسوق، جنباً إلى جنب مع مختلف المشتريات.
وقد يقوم بعض المتسوقين الكبار في سعيهم لإضفاء جو من المرح على مهمة التسوق بالتنقل بين أرفف السلع وأنحاء المتجر بداخل هذه العربة خلسة عندما تكون الأنظار بعيدة عنهم، إلا أن قلة فقط من الناس هم الذين يرون أن عربات التسوق تمثل وسيلة ذات شأن في التنقل.
ومن بين الذين يتبنون نظرة مختلفة لأداء عربات التسوق، المصمم التايلاندي آبيتشاي إنتوتسينج وشريكته أتيسانون أنجويريياساكون، اللذان يريان أن ثمة مزيداً من الإمكانات التي يمكن الاستفادة منها في هذه العربات، بحيث يمكن تحويلها إلى مقاعد متحركة تعمل بشكل أساسي لمساعدة المقعدين على التنقل.
وتعمل الجمعية الخيرية التي يديرها الشريكان على تحويل عربات التسوق لأداء هذا الغرض الجديد، وتقدمها مجاناً للأشخاص من أصحاب الهمم، وغيرهم من المحتاجين الذين لا يستطيعون شراء مقعد متحرك مناسب.
وقال آبيتشاي (44 عاماً): "منذ بضع سنوات كانت شركتي تعمل مع متجر، وعندما رأيت عربات التسوق خطرت لي فكرة تحويلها إلى مقاعد متحركة".
وأضاف: "لم أكن أعلم في ذلك الوقت بعد ما إذا كانت فكرتي ستحقق الهدف منها، ولكن بعد مرور نصف عام حصلت على عطلة للاستجمام والتأمل، حينئذ دار في خاطري أن كثيراً من أصحاب الهمم فقراء وبحاجة إلى مقاعد متحركة".
ويبلغ عدد أصحاب الهمم في تايلاند نحو مليوني شخص، وذلك وفقاً للمؤسسة التايلاندية للنهوض بالصحة، وليس لدى 40% منهم وظيفة للتعايش منها.
ويتكلف المقعد المتحرك العادي مثل ذلك الذي توفره المستشفيات التايلاندية 2000 باهت (65 دولاراً) على الأقل، غير أن الأنواع الأفضل منه يتراوح سعر المقعد منها ما بين 12 ألف باهت إلى 55 ألفا.
وبدأ آبيتشاي في تنفيذ فكرته بشراء عربتي تسوق مستعملتين، سعر الواحدة 1200 باهت (39 دولاراً)، وأدخل تعديلات عليهما بإجراء عمليات تقطيع ولحام، وتم ثني الجانبين وإعادة تشكيلهما على هيئة مسندين مع تبطينهما، ثم إضافة فرامل للمقعد حتى يتسنى إيقافه عند الرغبة.
وقال: "لم أكن أعلم في البداية ما الذي يمكنني فعله، وكان كل شيء يتم عن طريق التجربة والخطأ، ولكن خلال أسبوعين استطعنا الانتهاء من العمل، ووضعنا صورة المقعد الجديد في موقع شركتنا على فيسبوك".
واشترك آبيتشاي مع صديقته بتأسيس وكالة إعلانات روجت لمشروع المقعد المتحرك الذي ابتكراه من خلال تدوينه على فيسبوك.
وكانت ردود الفعل على الموقع الإلكتروني إزاء النموذج الأولي للمقعد المبتكر إيجابية بشكل غير متوقع، إذ سجل الإعلان عنه 3 ملايين مشاهدة خلال بضعة أيام فقط.
من جانبها، قالت أتيسانون، التي تبلغ من العمر "35 عاماً": "بعد ذلك بدأت طلبات الأشخاص أصحاب الهمم في التدفق علينا، وقررت الانضمام إلى المشروع".
وخلال العامين الأخيرين تلقى الشريكان ما يصل إلى 30 طلباً شهرياً من أقارب المرضى المقعدين، ومن كبار السن الذين يعانون من الأمراض وأيضاً من أقارب الأطفال أصحاب الهمم.
وصنع الشريكان بالفعل 200 مقعد متحرك من عربات التسوق المستعملة، وكانا يشتريانها في البداية، ولكن عندما أصبح المشروع معروفاً بشكل أفضل صارا يحصلان على عربات التسوق مجاناً من الشركات والأشخاص الراغبين في الإسهام في المشروع.
وكانت المساعدات تأتي على شكل منح مادية، كما أعرب كثيرون عن اهتمامهم بتقديم المساعدة للشريكين على تصنيع المقاعد المتحركة، وتم تحديد موعد يتم مرة كل شهرين في بانكوك مع مجموعة من المتطوعين لتصنيع عدد من المقاعد المتحركة.
وقالت أتيسانون: "كلما ذهبت لأقدم المقاعد أشعر بحافز أكبر يدفعني إلى مواصلة هذا العمل، فالنظرة التي ترتسم على وجوههم تمثل لي كل شيء في الحياة".
وأضافت: "إنهم يبدون مثل الأطفال الذين يتلقون لعبا جديدة، والأمر بالنسبة لي يمثل مجرد مقعد متحرك، أما بالنسبة إليهم فهم يرونه قطعة من الذهب".
غير أن هذا المشروع الخيري لم يكن خالياً من الانتقادات، فقد أشارت بعض مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الشريكين يفتقران إلى المعلومات الطبية الكافية التي تمكنهما من تصميم مقعد يناسب احتياجات المرضى بشكل أفضل، كما انتقد البعض أن المقعد لا يمكن تسييره بالدفع الذاتي.
وفي هذا الصدد، قالت أتيسانون: "مقاعدنا المتحركة تستهدف الأشخاص الذين يرافقهم أفراد يرعونهم ويمكنهم دفع المقاعد إلى الأمام، لكننا بالطبع نرحب بالنقد البناء ونبحث عن طرق لتحسين أداء هذه المقاعد".
وأشارت إلى أنه تم الاتفاق على تعاون بروفسور في الهندسة لتصميم نماذج أفضل.
فيما علّق أبيتشاي قائلاً: "ما دام هناك أشخاص في حاجة إليها، ومواد يمكن الاستعانة بها لتصنيع المقاعد المتحركة، فسنواصل إنتاجها".
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA= جزيرة ام اند امز