التاكسي الكيميائي.. آلية جديدة للكشف عن الحياة في المريخ

لطالما كان البحث عن الحياة في أعماق الفضاء أحد أعظم الطموحات التي حملها البشر على عاتقهم.

منذ الأزل، تطلعت البشرية إلى النجوم، متسائلة عما إذا كنا وحدنا في هذا الكون الواسع، ومع تطور العلم، لم تعد هذه الأحلام محض خيال، بل أصبحت أهدافا علمية يمكن تحقيقها، واليوم، يُقدم العلم وسيلة جديدة لاستكشاف آثار الحياة، باستخدام أحد أبسط أسلحة الطبيعة، وهي "الحركة الكيميائية".

• بعد دعوة ترامب للسفر إليه.. 7 قفزات علمية تمهد لحياة البشر على المريخ

وفي دراسة نُشرت مؤخرا في مجلة "فورنتيرز إن أسترونومي آند سبيس ساينس"، قام فريق من الباحثين الألمان بتطوير طريقة مبتكرة وبسيطة لاكتشاف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال الانجذاب الكيميائي، أو ما يُعرف بـ "التاكسي الكيميائي".

وتعتمد هذه الطريقة على ملاحظة حركة الكائنات الحية الدقيقة نحو مادة كيميائية محددة، مثلما ينجذب الإنسان إلى رائحة طعام شهية تدفعه للحركة نحو المصدر.

تجربة حركة الحياة

واختبر الباحثون 3 أنواع من الكائنات الحية الدقيقة، وهي بكتيريا العصية الرقيقة "Bacillus subtilis"، التي تستطيع تحمل درجات حرارة تصل إلى 100 درجة مئوية، وبكتيريا العوالق الهالوبانية الزائفة "Pseudoalteromonas haloplanktis"، التي تعيش في مياه القطب الجنوبي الباردة، والعتائق هالوفيراكس فولكاني "Haloferax volcanii"، التي تزدهر في البيئات المالحة للغاية مثل البحر الميت، وتم اختيار هذه الكائنات لأنها تمثل أشكالا من الحياة التي قد تتحمل الظروف القاسية التي قد نجدها على كواكب مثل المريخ.

وفي تجربة بسيطة، وُضعت هذه الكائنات في حجرة تفصلها غشاء رقيق عن مادة L-سيرين، وهو حمض أميني معروف بتحفيز الحركة الكيميائية للكائنات الحية، و كان الهدف هو ملاحظة ما إذا كانت هذه الكائنات ستتحرك نحو الحمض، كما يتحرك الناس نحو مصدر رائحة لذيذة.

وبالفعل، أثبتت النتائج أن جميع الأنواع الثلاثة انجذبت نحو L-سيرين، مما يدل على أن هذه الكائنات قادرة على الحياة والحركة.

أمل في اكتشاف الحياة على المريخ

ما يجعل هذه التجربة مهمة بشكل خاص هو أن "L-سيرين" يُعتقد أنه موجود على كوكب المريخ، فإذا كان للكائنات الحية المريخية بيولوجيا مشابهة لتلك التي على الأرض، فإن هذا الحمض قد يجذبها بالطريقة نفسها. وكما يقود التاكسي الأشخاص إلى وجهاتهم، فإن هذه المادة الكيميائية قد تكون "التاكسي" الذي يقودنا إلى اكتشاف الحياة خارج كوكب الأرض.

ومن بين المزايا الرئيسية لهذه الطريقة هي بساطتها وتكلفتها المنخفضة، فبدلا من استخدام معدات معقدة ومكلفة، يعتمد الباحثون على جهاز بسيط يمكن تنفيذه في رحلات الفضاء المستقبلية بسهولة.

وتُظهر هذه الطريقة وعدا كبيرا في تبسيط وتسريع عملية البحث عن الحياة في الفضاء، مما يجعل الحلم القديم أقرب من أن يكون حقيقة.

وبفضل هذه الابتكارات، قد نكون على بعد خطوة واحدة من الإجابة عن السؤال الذي أرق البشرية لآلاف السنين: هل نحن وحدنا في هذا الكون؟