شيفرون الأمريكية.. آخر حضور نفطي أجنبي في فنزويلا
تعد شركة شيفرون الأمريكية اليوم شركة النفط الأجنبية الوحيدة المسموح لها بالعمل في فنزويلا، في معادلة معقدة تجمع بين الاقتصاد والطاقة والسياسة، وسط توتر مستمر بين واشنطن وكاراكاس.
وتسعى شيفرون إلى الحفاظ على توازن دقيق في بيئة شديدة الحساسية، إذ تعمل تحت مظلة استثناء أمريكي خاص من نظام العقوبات الصارم المفروض على فنزويلا، في وقت أعادت فيه الولايات المتحدة تشديد القيود على قطاع النفط الفنزويلي، بما في ذلك فرض حصار على ناقلات النفط.
جذور تمتد لأكثر من قرن
يعود الوجود النفطي لشيفرون في فنزويلا إلى عام 1923، حين تأسست شركة "غولف أويل فنزويلا"، التي بدأت تشغيل أول آبارها في أغسطس/آب 1924 قرب بحيرة ماراكايبو، أحد أقدم وأهم مناطق إنتاج النفط في البلاد.
ومع توسع عملياتها، انتقلت الشركة إلى مناطق أخرى مثل أورومكو وبوسكان، قبل أن يتركز النشاط النفطي لاحقًا في حزام أورينوكو، الذي يضم الجزء الأكبر من الاحتياطيات الفنزويلية. وفي عام 1984، أدى اندماج "غولف أويل" مع "ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا" إلى نشأة الكيان المعروف حاليًا باسم شيفرون.
نطاق العمليات الحالية
تعمل شيفرون حاليًا في أربعة حقول نفطية داخل فنزويلا، إلى جانب إنتاج الغاز البحري من حقل خامس، على مساحة تقدر بنحو 30 ألف هكتار. وتتم هذه الأنشطة ضمن شراكات مع شركة النفط الوطنية الفنزويلية PDVSA وشركاتها التابعة، في إطار قانون محلي يُلزم الشركات الأجنبية بأن تكون الدولة صاحبة الحصة الأكبر في أي مشروع نفطي.
ويعمل في هذه المشروعات نحو ثلاثة آلاف موظف، ما يجعل شيفرون لاعبًا محوريًا في قطاع الطاقة الفنزويلي، رغم البيئة التشغيلية الصعبة.
احتياطات هائلة وعقوبات معقدة
بحسب بيانات الوكالة الدولية للطاقة لعام 2023، تمتلك فنزويلا نحو 303 مليارات برميل من النفط، أي ما يعادل قرابة 17% من الاحتياطي العالمي، إلا العقوبات الأميركية المفروضة منذ عام 2019 أدت إلى شلل شبه كامل في نشاط الشركات الأجنبية.
وفي عام 2023، خففت واشنطن القيود جزئيًا ومنحت تراخيص محدودة، قبل أن يلغي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جميع التراخيص في النصف الأول من 2025، مع الإبقاء على استثناء خاص لشيفرون، لتصبح الشركة الأجنبية الوحيدة العاملة في البلاد.
وأكدت شيفرون، في بيان لها، أن وجودها يمثل قوة استقرار للاقتصاد المحلي وللمنطقة ولأمن الطاقة في الولايات المتحدة، مشددة على التزامها الكامل بالقوانين وأطر العقوبات التي تفرضها الحكومة الأميركية.
ويتراوح إجمالي إنتاج فنزويلا النفطي حاليًا بين 800 و900 ألف برميل يوميًا، مقارنة بأكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميًا في ذروة الإنتاج. وتنتج شيفرون نحو 10% من هذا الإجمالي، أي ما بين 150 و200 ألف برميل يوميًا، يتم تصديرها بالكامل إلى الولايات المتحدة.
ويتميز النفط الفنزويلي بكونه ثقيلًا وعالي الكبريت، ما يجعل نقله وتكريره أكثر تعقيدًا مقارنة بالخام الخفيف. ولهذا السبب، صُممت مصافي أمريكية في خليج المكسيك خصيصًا لمعالجة هذا النوع من النفط، وتحويله إلى ديزل أو منتجات ثانوية مثل الأسفلت.
أبعاد سياسية تتجاوز الطاقة
رغم أن خبراء يؤكدون أن الولايات المتحدة ليست في حاجة ملحة لهذا النفط، فإن استمرار استثناء شيفرون يعكس، بحسب محللين، اعتبارات سياسية واستراتيجية، تهدف إلى منع دول مثل الصين وروسيا من ملء الفراغ الذي قد تتركه الشركات الغربية في فنزويلا.
وفي ظل استمرار العقوبات، تضطر كراكاس إلى تصدير جزء كبير من نفطها عبر قنوات غير رسمية وبخصومات كبيرة، خصوصًا إلى الأسواق الآسيوية، وسط توقعات بأن تؤدي القيود الأمريكية الأخيرة إلى خفض هذه الصادرات بنسبة قد تصل إلى 50%.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز