استغلال أطفال المهاجرين.. المليشيات في ليبيا تواصل إجرامها
المليشيات الإرهابية تستغل المهاجرين غير النظاميين وتجبرهم على العمل في مهن بعضها ذات طابع عسكري، كما تستغل الأطفال في العمل قسرا
لم ترحم المليشيات الإرهابية في ليبيا ظروف المهاجرين غير النظاميين من البلدان الأفريقية الذين دفعهم الحلم بمعيشة أفضل في مجتمعات أخرى إلى ترك أوطانهم، فاستغلتهم وأطفالهم لخدمة مصالحها الإجرامية.
المليشيات استغلت ظروف المهاجرين غير النظاميين بسطوتها وامتلاك السلاح في مناطق سيطرتها وأجبرتهم على العمل قسرا، على الرغم من أنهم يقيمون في مراكز احتجاز والخروج منها والعمل خارجها غير قانوني بالأساس.
وإمعانا في انتهاك ظروفهم الإنسانية الصعبة أجبرتهم المليشيات على العمل في مهن ذات طابع عسكري، بل أُجبر بعضهم على القتال كمرتزقة، كما استغل الأطفال في العمل قسرا، وجميعها ممارسات تخالف القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية.
عمالة الأطفال
رصدت وحدات الجيش الليبي المختصة استغلال مليشيات مدينة الزاوية -التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية بقيادة أبوعبيدة الزاوي الموالي لتنظيم القاعدة- استخدام أطفال المهاجرين غير النظاميين للعمل في بيع الوقود.
وأكد الطيب الشارف، مسؤول الجيش الإلكتروني الليبي، أن المليشيات الإرهابية تستخدم هؤلاء الأطفال وتجبرهم على العمل لأجل تسديد مستحقات السفر، وأنهم لا يحصلون على رواتب.
وأوضح الشارف، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن الأطفال يجبرون على العمل ولا يستطيعون الهرب، خاصة أن ذويهم محتجزون في مركز احتجاز يتولاه الإرهابي "محمد القصب"، كما أجبر بعضهم على القيام بتنظيف المنازل، وتشييد المباني والعمل في المزارع.
وكشف أن هذه الصور توضح عدة جرائم للمليشيات، بداية من تهريب الوقود المنتشر بكثرة في طريق الزاوية طرابلس، إذ إن عملية الاتجار تكون في محطات غير مرخصة ويتم تهريب الوقود إليها، إضافة إلى غياب الأمن والأمان ومؤسسات الدولة من الشرطة والجيش الذي تدعيه حكومة الوفاق غير الدستورية، إذ إن هؤلاء المجرمين يعملون تحت غطاء هذه الحكومة.
أعمال ذات طابع عسكري
يعد هذا المحور هو الجانب الأسوأ الذي يتعرض له المهاجرون غير النظاميين في الغرب الليبي، إذ تجبرهم المليشيات على العمل في مهمات ذات طابع عسكري مثل تذخير الأسلحة وتنظيفها وتركيبها والمشاركة في صيانتها، وهو ما ألمح له المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري في العديد من المؤتمرات الصحفية، كما نشرته العديد من الصحف الأوروبية في اعترافات ناجين من مراكز الاحتجاز التابعة للمليشيات.
وقد رصد الجيش الليبي قيام المليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس وضواحيها بإجبار المهاجرين غير النظاميين المحتجزين على المشاركة في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي، وقد ظهر عدد منهم بالزي العسكري بما يشكل جريمة حرب.
كما استعملت مليشيات الوفاق المهاجرين غير الشرعيين كمرتزقة أجانب يقاتلون تحت قيادة أسامة الجويلي، وفق ما أعلنه المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة بالجيش الليبي في وقت سابق.
واستغلت المليشيات مراكز الاحتجاز لتخزين الذخيرة والأسلحة ووضعت قناصتها على أسطح مبانيها، وقد نقلت صحف بريطانية عن المهاجرين أن مركز الاحتجاز التابعة للمليشيات "لا أحد يستطيع النوم فيها من شدة أصوات إطلاق النار".
وقد أجبر المهاجرون واللاجئون على حمل الأسلحة ونقلها إلى القواعد العسكرية، ونقل أحد المهاجرين عن قيادات المليشيات قوله لهم "من يعرف كيفية إطلاق النار، فسوف يبقى معهم".
وقال تقرير لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، صدر في ديسمبر الماضي، إن المحققين وثقوا شهادات عن العمل القسري في 6 مراكز احتجاز بين عامي 2017م و2018م، بما في ذلك تاجوراء وطريق السكة بطرابلس الكبرى.
انتهاكات مستمرة
يؤكد الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبدالمنعم الحر أن ليبيا لديها ٢٠ مركز (احتجاز) للمهاجرين وطالبي اللجوء -6000 لاجئ ومهاجر- إضافة إلى العديد من المعتقلات والسجون التابعة لشبكات تهريب البشر والمليشيات.
ويرى الحر في تصريحاته لـ"العين الإخبارية" أن مراكز الاحتجاز غير مؤمنة بشكل كافٍ، والمهاجر لا يستطيع الخروج والعودة من المركز إلا بإذن من المليشيات أو القوة التي تسيطر على المركز.
وأوضح الحر أن كثيرا من المهاجرين يتعرضون لانتهاكات ومن ضمنها العمل القسري والاغتصاب والتحرش والمعاملة المهينة للكرامة الإنسانية والتعذيب، بالإضافة إلى القتل مقابل الفدية من قبل المهربين.
وفيما يخص الإجبار على أعمال حربية والمشاركة في القتال أو اتخاذ مقار الإيواء مراكز لتخزين السلاح والمهاجرين كدروع بشرية، أفاد "الحر" بأن بعض التقارير المتواترة تفيد بإرغام وإجبار المهاجرين على القيام بمهام ذات طابع عسكري لوجيستي.
وتابع أن على السلطات الليبية الالتزام بمواد اتفاقية اللاجئين الأفريقية ١٩٦٩ التي صادقت عليها، وضرورة موائمة قوانينها مع المعايير الدولية لحماية الأجنبي الموجود على إقليمها، وكذلك الاتفاقيات الدولية المعنية بعمل المهاجرين وحماية أسرهم.
aXA6IDUyLjE0LjExMC4xNzEg جزيرة ام اند امز