الاحتمالات كبيرة حول صدام متوقع بين القوة الأمريكية المهيمنة على العالم وبين القوة الصينية الصاعدة لتحتل مكانها الجديد
قال الرئيس الصيني شي جين بينج: "إن أحدا لن يستطيع وقف تطور بلاده" هذه العبارة وردت بينما تحتفل جمهورية الصين الشعبية بذكرى مرور سبعين عاما على إنشائها، خلال سبعة عقود مضت، كانت الصين تمضي نحو القمة العالمية بصعود سريع وخاصة خلال العقود الأربعة الماضية، التطور الصيني يدفعها بشكل تلقائي لتجد نفسها في موقع المسؤولية والمشاركة في صياغة النظام العالمي عطفا على تطورها ومكانتها الدولية من حيث القوة ومن حيث التأثير سياسيا واقتصاديا.
على العالم العربي الذي يتقاطع في كثير من مفاهيم التاريخ والتراث مع التجربة الصينية، أن يفكر بعمق حول المشروع الصيني كتجربة دولية، وقدرة الصين على تخطي الحواجز للوصول إلى قمة العالم فعليا، وقد لا يفصلنا عن هذا الحدث سوى سنوات قليلة.
الاحتمالات كبيرة حول صدام متوقع بين القوة الأمريكية المهيمنة على العالم وبين القوة الصينية الصاعدة لتحتل مكانها الجديد، في السياق التاريخي سيكون العالم بجميع شعوبه ودوله هو المستفيد الأكبر من تعاطي العالم مع قوتين على نفس الدرجة من التأثير، فتعددية الأقطاب قضية إيجابية حيث تخلق فرص كبيرة للعدل والتوازن بين مجموعة المؤثرين في المشهد الدولي.
الصين التي ظهرت للعالم كدولة موحدة منذ العام (221) قبل الميلاد تمتلك عمقا تاريخيا كبيرا مما يعني أن وصول الصين إلى مكانة دولية مؤثرة سوف يحفز الدولة الحضارية التي تتمسك بقواعد اللعبة التاريخية، وبلا شك سوف يكون ذلك على حساب الدولة القومية التي تشكل الصورة الحالية لدول العالم الكبرى.
الصراخ الغربي الصيني سبب مباشر للأزمة الاقتصادية المحتملة والتي يتحدث عنها العالم وتحديدا خلال العامين المقبلين، والحقيقة أن الغرب وتحديدا أمريكا لن تساهم في منع أي أزمة اقتصادية إذا ما رأت السياسة الأمريكية أنها سوف تحد من تقدم الصين في سباق التفوق الدولي، فالعالم خلال العقدين المقبلين سوف يعيش نموذجا مختلفا من صراع الأقطاب يختلف تماما عما كان يجري بين أمريكا والاتحاد السوفيتي سابقا.
مرحلة الحكم على الصين بأن نظامها السياسي لا يمكنه مقاومة التغيرات المجتمعية والتحولات الهيكلية الحادة في المجتمع الصيني، مما يعني هشاشته أمام حجم التغيير، في الواقع أن هذه الفكرة ليست دقيقة فالعالم يتجاوز نظرية -نهاية التاريخ- من خلال تقدم الصين ذات الأطر السياسية التي تستند إلى التاريخ بتراثه وإلى نظام مجتمعي حقق الوحدة والتماسك عبر القرون.
النظرية الغربية حول البناء السياسي القوى لا ترغب في الاعتراف بأن النظام الصيني يمكنه الاستمرار، وتحاول أن توجد العراقيل قبل الاعتراف بأن الصين يمكنها المرور إلى قمة العالم، فالمسار التطوري والمشروعات الاقتصادية والسياسية التي تطرحها الصين لها جاذبية كبرى، فالغرب الذي عجز عن أن يروج لمفاهيمه سوى في إطار محدود بعد الحرب العالمية الثانية، لن يكون قادرا على الإثبات بأن النظرية السياسية للقوة الصينية يمكن ببساطة الحكم عليها بالهشاشة والضعف.
أخيرا على العالم العربي الذي يتقاطع في كثير من مفاهيم التاريخ والتراث مع التجربة الصينية، أن يفكر بعمق حول المشروع الصيني كتجربة دولية وقدرة الصين على تخطي الحواجز للوصول إلى قمة العالم فعليا، وقد لا يفصلنا عن هذا الحدث سوى سنوات قليلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة