رسائل متناقضة.. مؤشرات اقتصاد الصين في 59 يوما

شهد الاقتصاد الصيني أداءً متباينًا خلال الشهرين الأولين من عام 2025، وفقًا لعدد من المؤشرات الرئيسية التي نُشرت يوم الإثنين،
مما شكل تحديًا أمام جهود بكين لدعم الإنفاق الاستهلاكي المتراجع.
سعى المسؤولون في الأشهر الأخيرة إلى إحياء الثقة بثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي يعاني مشكلات متواصلة في قطاع العقارات، ويواجه حاليا ضغوطا متزايدة بسبب توترات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة.
وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء في بكين الإثنين بعض المؤشرات الإيجابية التي كشفت أن مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي لثقة المستهلك، ارتفعت بنسبة 4% على أساس سنوي خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط مجتمعين.
- اقتصاد الصين.. التزام ثابت بدعم الاقتصادين العام والخاص
- بكين تبدأ في الرد.. الرسوم الجمركية الصينية على السلع الأمريكية تدخل حيز التنفيذ
غير أن البيانات أظهرت أيضا ارتفاع معدل البطالة، بينما واصلت أسعار المساكن الانخفاض في معظم المدن الكبرى.
وقال المكتب الوطني للإحصاء في بيان: "في الشهرين الأولين، وبفضل الآثار المستدامة للسياسات الكلية، حافظ الاقتصاد الوطني على تطوره الجديد والإيجابي".
لكنه حذر من أن "الطلب المحلي الفعلي ضعيف، وبعض الشركات تواجه صعوبات في الإنتاج والتشغيل"، مشيرا الى أن "أساس التعافي والنمو الاقتصادي المستدامين لا يتمتع بقوة كافية".
وفي المناطق الحضرية المشمولة بالاستطلاع، أفاد مكتب الإحصاء بأن معدل البطالة، وهو المقياس الرئيسي في الصين لقياس عدد العاطلين عن العمل، بلغ 5.4% في فبراير/ شباط، بزيادة قدرها 0,2 نقطة مئوية عن الشهر السابق.
وتخطى ذلك توقعات بلومبرغ البالغة 5.1% وكان أعلى معدل مسجل في عامين.
وفي مؤشر مثير للقلق لقطاع العقارات، انخفض مؤشر أسعار المساكن التجارية الجديدة الصادر عن مكتب الإحصاء على أساس سنوي في 68 من أصل 70 مدينة كبيرة ومتوسطة خلال فبراير/ شباط.
رسائل متناقضة
تجمع هيئات الإحصاء الصينية العديد من المؤشرات الاقتصادية للشهرين الأولين من العام لمراعاة التقلبات المحتملة الناجمة عن عطلة رأس السنة القمرية.
كما أظهرت البيانات ارتفاع الإنتاج الصناعي في يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط بنسبة 5.9% على أساس سنوي، لكن بتباطؤ مقارنة مع نموّه 6,2% في ديسمبر/ كانون الأول.
أعلنت بكين هذا الشهر أنها تسعى الى تحقيق نمو بنسبة 5% في إجمالي الناتج المحلي، وهو نفس معدل النمو المسجل في العام الماضي، وهدف يعتبره العديد من الاقتصاديين صعب المنال.
وفي ظل تصاعد الحرب التجارية بعد عودة دونالد ترامب الى رئاسة الولايات المتحدة، يتعرض المسؤولون الصينيون لضغوط لتعزيز الاستهلاك المحلي لتقليل الاعتماد التقليدي على الصادرات.
ومنذ عودته الى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، رفع ترامب الرسوم الجمركية على الواردات الصينية التي بلغت العام الماضي مستويات قياسية، إلى 20%.
وصرح المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء فو لينغ هوي في مؤتمر صحافي عقب صدور البيانات الإثنين أن "البيئة الدولية ستصبح أكثر تعقيدا وقسوة في المرحلة المقبلة".
أضاف "لكن الاتجاه العام للتعاون الدولي وتحقيق المكاسب المشتركة لن يتغير".
كشفت الصين أمس الأحد خطة تأمل عبرها التغلب على الانخفاض المستمر في الاستهلاك بما في ذلك تدابير مثل إصلاح قطاع العقارات ونظام لدعم رعاية الأطفال.
وقال الرئيس وكبير الاقتصاديين في شركة بينبوينت لإدارة الأصول جيواي جانغ إن "البيانات الاقتصادية الكلية الصادرة اليوم تبعث رسائل متناقضة".
أضاف أن بيانات النشاط الصناعي ومبيعات التجزئة تظهر "مؤشرات متسقة وتجاوزت التوقعات"، على رغم أن ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في عامين كان "غير متوقع".
ورأى جانغ أن "البطالة غالبا ما تكون مؤشرا متأخرا، وبالتالي قد تتحسن إذا ساعدت سياسات مالية أكثر استباقية في الحفاظ على ازدهار النشاط في الأشهر المقبلة".
واعتبر أن "الخطر على الاقتصاد يتمثل في الضرر الناجم عن زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على صادرات الصين، والذي من المرجح أن يظهر في بيانات التجارة خلال الأشهر القليلة المقبلة".