يشهد الاقتصاد الصيني تطورًا مستدامًا يستند إلى سياسات اقتصادية واضحة ومتزنة. إحدى الركائز الأساسية لهذا النمو هي الالتزام بـ"التمسك الثابت بازدهار الاقتصاد العام" و"التمسك الثابت بدعم وتوجيه الاقتصاد غير العام".
وهما المبدآن اللذان يشكلان أساس النظام الاقتصادي الاشتراكي ذي الخصائص الصينية. ومن خلال السياسات الحكومية الداعمة والبيئة الاقتصادية المحفزة، تمكنت الصين من تحقيق إنجازات غير مسبوقة في مختلف القطاعات.
يُعَدُّ الاقتصاد العام الدعامة الأساسية للاقتصاد الصيني، حيث يلعب دورًا حيويًا في القطاعات الاستراتيجية، والبنية التحتية، والصناعات الأساسية. في المقابل، يساهم الاقتصاد غير العام، بما في ذلك الشركات الخاصة، في تحفيز الابتكار، وخلق فرص العمل، وزيادة العائدات الضريبية، وتعزيز حيوية السوق.
وفقًا للإحصاءات، فإن الاقتصاد غير العام يساهم بأكثر من 50% من الإيرادات الضريبية الوطنية، ويمثل أكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر أكثر من 80% من فرص العمل في الحضر، ويمثل أكثر من 90% من إجمالي عدد الشركات. هذه الأرقام تعكس الدور المحوري الذي يلعبه القطاع الخاص في الاقتصاد الصيني، مما يبرز أهمية استمرار الحكومة في دعمه وتطوير بيئته التشغيلية.
تعتمد الصين على مبادئ "حماية الملكية" و"ضمان المنافسة العادلة" كركائز لتعزيز بيئة الأعمال. فقد أكدت الحكومة الصينية أن "حماية حقوق الملكية لأي نوع من الشركات تُعَدُّ من المبادئ الأساسية للاقتصاد الاشتراكي". في هذا الإطار، اتخذت الحكومة خطوات جادة لحماية الشركات الخاصة من أي تمييز محتمل، حيث تم إصدار سلسلة من القوانين والسياسات لضمان "المساواة في الحقوق، والمساواة في الفرص، والمساواة في القواعد"، مما يتيح للشركات الخاصة التنافس على قدم المساواة مع الشركات العامة.
في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، تسعى الصين إلى إصلاح الشركات العامة وتعزيز كفاءتها التشغيلية. ومن أجل تحقيق ذلك، تم تطبيق استراتيجيات مثل إعادة هيكلة المؤسسات العامة، وتحسين الإدارة الحديثة، وتحفيز الابتكار، وتعزيز القدرة التنافسية الدولية. وفي الوقت نفسه، فإن دعم الشركات الخاصة لا يعني تراجع دور الشركات العامة، بل يعكس حرص الصين على التطوير المتوازن لكافة القطاعات الاقتصادية، لضمان استقرار الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة.
من أجل تحقيق بيئة اقتصادية أكثر انفتاحًا ومرونة، قامت الحكومة الصينية بتنفيذ سياسات تهدف إلى إزالة العوائق أمام القطاع الخاص، بما في ذلك إزالة القيود غير العادلة التي تواجه الشركات الخاصة في بعض القطاعات، مما يمنحها فرصًا متساوية للاستثمار والمنافسة، وتعزيز الخدمات المالية، وتقديم دعم مالي موجه للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك تسهيل القروض وتوفير التمويل اللازم للابتكار، وتحفيز ريادة الأعمال من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وتقديم الدعم الحكومي للمشاريع الناشئة، وتشجيع الشركات الخاصة على المشاركة في المشروعات الوطنية الكبرى مثل التكنولوجيا الفائقة، والصناعات الخضراء، والطاقة المتجددة.
أكدت القيادة الصينية مرارًا على أهمية بناء علاقة "نزيهة وقريبة" بين الحكومة وقطاع الأعمال. وهذا يعني أن الحكومة يجب أن تكون قريبة من رواد الأعمال لمساعدتهم في حل المشكلات وتوفير بيئة تشغيلية ملائمة، مع ضرورة الحفاظ على النزاهة والشفافية لضمان بيئة تجارية صحية وخالية من الفساد. وقد تم التأكيد على ذلك في خطابات رسمية، حيث أشارت الحكومة إلى أن "المسؤولين يجب أن يعملوا على تعزيز بيئة الأعمال، وألا ينخرطوا في أي ممارسات تؤدي إلى الفساد أو استغلال السلطة".
في ظل التحولات الاقتصادية العالمية، تواصل الصين تنفيذ إصلاحات عميقة لتعزيز الإنتاجية وتحقيق تنمية عالية الجودة. فإلى جانب دعم الابتكار، تعمل الحكومة على تشجيع الاندماج بين الاقتصادين العام والخاص، مما يعزز من قدرات الصين الاقتصادية في مواجهة التحديات الدولية. وقد أظهرت الإحصاءات أن الإصلاحات الأخيرة ساهمت في تحسين كفاءة الشركات العامة وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، مما أسفر عن تحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة وشمولية.
إن "التركيز على تعزيز الاقتصاد العام ودعم الاقتصاد غير العام" يمثل نهجًا استراتيجيًا يسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة في الصين. بفضل هذه الجهود، يحافظ الاقتصاد الصيني على قوته واستقراره، مما يمهد الطريق لمستقبل مزدهر ومتطور، حيث يلعب كل من الاقتصاد العام والاقتصاد غير العام دورًا تكامليًا في تحقيق أهداف التنمية الوطنية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة