في السودان بعد انقلاب العسكر على العسكر ماذا تغير؟! لا نقصد هنا فقط انقلاب البرهان على البشير في 25 أكتوبر 2021، بل سلسلة الانقلابات ذات البال الطويل والباع القصير!
بالمختصر غير المخل، منذ حصول السودان على الاستقلال عام 1956، شهد سلسلة طويلة من الانقلابات بلغ مجموعها حوالي 19 محاولة انقلابية، نجحت 7 منها.
وهذا يجعل السودان الدولة الأفريقية التي شهدت أكبر عدد من محاولات الانقلاب، ويحتل السودان المرتبة الثانية عالمياً بعد بوليفيا التي سجلت 23 محاولة انقلاب منذ عام 1950. في آخر التطورات، بدأ صراع السودان في 15 أبريل 2023، حيث شمل اشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وكلاهما فصيلان في الحكومة العسكرية مع التركيز على الخرطوم، ومنطقة دارفور. ماذا قدمت الانقلابات الناجحة للسودان طوال ستة عقود منذ الاستقلال؟ وماذا قدم المجلس الانتقالي الحالي خلال السنوات الست الماضية للسودان الدولة غير تقريبها من التقسيم الثاني بعد التقسيم الأول الذي رقص البشير بنفسه على جراحه؟!
المشروع الاستراتيجي الذي تدعو إليه الإمارات هو مشروع إنساني لصالح الشعب السوداني فقط، ينطلق من البعد الإنساني الذي لا زالت الإمارات حريصة على الاستمرار فيه رغم عراقيل تضعها القوات المسلحة السودانية، التي لم تبال في إيصال الشقيق إلى المحكمة الدولية التي ذاتها تطالب بمحاكمة النظام السابق. وفي «مؤتمر لندن حول السودان»، الذي لم يعترف بحضور أي المعسكرين المتصارعين في السودان، وقفت الإمارات بجانب الشعب السوداني ولبت نداء الواجب الذي يمليه عليها الواقع الراهن، حيث ترأست لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية وفد دولة الإمارات في «مؤتمر لندن حول السودان»، سلطت الضوء على تداعيات الصراع المدمر والمعاناة المستمرة للشعب السوداني، بما في ذلك الفظائع الإنسانية المرتكبة على نطاق واسع.
أدانت الإمارات هذه الأعمال بشدة، ودعت إلى محاسبة المسؤولين عن جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الهجمات الأخيرة على المدنيين في دارفور. وقد دعت لانا نسيبة إلى اتخاذ إجراءات فاعلة وعمل جماعي لتشكيل مستقبل السودان على أسس تحقيق السلام والوحدة وإعادة الأمل.
وأكدت معاليها أنه «بهدف ضمان السلام الدائم في السودان، يجب اتباع عملية سياسية فعالة بهدف واضح وهو الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة بقيادة مدنية مستقلة بعيدة عن سيطرة السلطة العسكرية». دولة الإمارات تؤكد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني، ولا يمكن لأي منهما تحقيق الاستقرار في السودان. دعت معالي لانا نسيبة الأمم المتحدة لاتباع نهج أكثر تماسكاً في مواجهة العرقلة المنهجية واستخدام المساعدات الغذائية كسلاح ضد المدنيين.
لا بد من العودة إلى البدايات لكي نعرف هل نظام البرهان وفا بوعده للشعب السوداني عندما ذكر بأن المجلس العسكري الانتقالي سوف يحكم لسنتين حتى تستقر الأوضاع ومن ثم يخرج من الساحة السياسية ويسلم السلطة لجهاز مدني كي يقود الدولة إلى بر الاستقرار والسلام والأمان، وبعد أكثر من خمس سنوات لم نر إلا حرباً أهلية طاحنة بين العسكر أنفسهم!
نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة