الصين تكسر معادلة السوق.. السيارات الكهربائية أرخص من البنزين لأول مرة في التاريخ

أصبحت السيارات الكهربائية في الصين أرخص من نظيراتها العاملة بالبنزين، وذلك في تحول لافت في سوق السيارات العالمية.
ويأتي هذا بينما لا تزال الولايات المتحدة تعاني من ارتفاع تكلفة هذا النوع من السيارات، ما يعكس تباينًا واضحًا في السياسات الصناعية والتوجهات السوقية بين القوتين الاقتصاديتين.
ونقل لتقرير نشرته مجلة فوتيون، عن بيانات لشركة "جاتو ديناميكس"، أن متوسط سعر السيارة التقليدية في الصين يبلغ نحو 22500 يورو (26205 دولارات)، في حين أن السيارة الكهربائية تُسعّر بحوالي 21900 يورو (25509 دولارات) — أي أقل بنسبة 3%.
واعتبر التقرير أن هذا التطور يُعد نقلة كبيرة مقارنة بعام 2019، حين كانت السيارات الكهربائية في الصين أغلى بنسبة 10% من مثيلاتها التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي.
في المقابل، لا تزال السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة تُباع بأسعار أعلى بحوالي 14000 دولار من السيارات التقليدية في المتوسط، وهو ما يُعيق انتشارها الواسع رغم الجهود الحكومية لدعم القطاع.
عوامل تفوق الصين
ويعود تفوق الصين في هذا المجال - إلى تنافس داخلي قوي بين المحافظات، وسلاسل توريد محلية متكاملة تشمل إنتاج البطاريات والمواد الأولية، إلى جانب انخفاض تكلفة العمالة والتصنيع. ويشير خبراء إلى أن تأثير الدعم الحكومي الصيني أصبح الآن ثانويًا، مقارنة بفعالية البنية الصناعية نفسها.
وتقود الشركات الصينية، وعلى رأسها BYD، هذا النمو. فقد باعت وحدها أكثر من 4.27 مليون سيارة كهربائية وهجينة في 2024، محققة نموًا هائلًا خلال أربع سنوات فقط.
وحسب وكالة الطاقة الدولية (IEA)، فإن 39% من السيارات الكهربائية في الصين كانت بأقل من 25000 دولار في 2024، مقابل 6% فقط في الولايات المتحدة.
صعوبات الصناعة الأمريكية
ورغم الاستثمارات الكبرى في الولايات المتحدة، تعاني الشركات الكبرى مثل "فورد"، و"جنرال موتورز" و"ستيلانتس" من خسائر مالية متواصلة. و"فورد" مثلا كانت أعلنت خطة بـ5 مليارات دولار لتحويل مصنع في كنتاكي لإنتاج شاحنة كهربائية بحلول 2027، لكنها سجلت خسائر تفوق 12 مليار دولار منذ 2023. كما سجلت "جنرال موتورز" خسارة بـ2.5 مليار دولار في 2024 رغم تحقيقها "ربح إنتاجي" على مستوى السيارة الواحدة.
أما "ستيلانتس"، فقد تكبّدت 2.3 مليار يورو خسائر في النصف الأول من 2025، ما دفعها لعقد شراكة مع شركة "Leapmotor" الصينية في محاولة لتقليص الفجوة التقنية وخفض التكاليف.
وحسب التقرير، فإن نجاح الصين لم يأت فقط من التصنيع، بل من سياسات طويلة الأمد تشمل دعمًا حكوميًا مباشرًا قُدّر بـ57 مليار دولار بين 2016 و2022، وفرض شراكات محلية على الشركات الأجنبية لنقل المعرفة. في المقابل، تفتقر الولايات المتحدة إلى رؤية صناعية موحدة، وتواجه تحديات من ضمنها الحمائية الجمركية التي تحد من المنافسة.
وتقدم الصين اليوم السيارات الكهربائية كخيار اقتصادي بيئي، وتتفوق بسلاسة في سوق عالمي متسارع. بينما تحاول الولايات المتحدة اللحاق، إلا أن غياب استراتيجية متكاملة وارتفاع التكاليف ما زالا يشكلان عقبة حقيقية أمام صناعة المستقبل.