دقت ساعة الحسم.. الصين تهدد عرش بيتكوين بـ"شيا"
تقطع الصين في الثالث من مايو 2021 خطوة ينظر إليها العالم من كل صوب، لقدرتها على إحداث تحول بعالم العملات المشفرة.
وغدا الإثنين، سيكون العالم على موعد مع إطلاق الصين أول عملة خاصة مشفرة تدعى "Chia- شيا".
التحول الكلي في اتجاه الصين من التحفظ على العملات الرقمية إلى إفساح المجال بقوة كبيرة، تقف وراءه الطفرات السعرية التي حققتها بيتكوين من 7 آلاف دولار قبل عامين إلى قرابة 56.6 ألف دولار في الوقت الراهن.
وخضع مشروع شيا للتطوير لأكثر من 3 سنوات، جمع خلاله الكيان المسؤول عن التطوير نحو 3 ملايين دولار في جولة التمويل الأولى لعام 2018، ومنذ ذلك الحين جمع في جولتين إضافيتين 28 مليون دولار.
تم تطوير العملة الصينية المرتقبة بواسطة برام كوهين، المعروف بابتكار بروتوكول مشاركة الملفات عبر الإنترنت "BitTorrent" من نظير إلى نظير.
تقنية تعدين عملة شيا
تستخدم تقنية البلوك تشين ومنصة شيا سعة تخزين محرك الأقراص الثابتة في عملية استخلاص العملة، على عكس بيتكوين التي تستهلك كميات هائلة من طاقة المعالجة والكهرباء أثناء التعدين.
وتتسم عملة شيا بمنهجية مختلفة في طريقة الحصول عليها عن بيتكوين، إذ يسيطر عدد من الكيانات الكبيرة على مراكز البيانات الضخمة المصممة لتعدين شيا، والتي تقع بالقرب من مصادر غير مكلفة للكهرباء.
وقال فريق شيا في فبراير/شباط الماضي إن عملته الجديدة ستساعد في حل بعض المشكلات التي يسببها تعدين بيتكوين التقليدي.
في العادي، تستخدم العملات المشفرة التقليدية عملية تسمى "إثبات العمل" لمصادقة معاملات شبكة بلوك شين، وفي ظل تناقص المكافآت تدريجيا بسبب تعدين المزيد من العملات الرقمية، أدى ذلك إلى الاعتماد على وحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسومات للتعدين بأسرع ما يمكن وبكفاءة.
في حين تعتمد شيا على مفهوم "إثبات الوقت والمكان" باستخدام مساحات التخزين، حيث يجري مستخدمو الشبكة عملية تسمى "زراعة" مساحة غير مستخدمة على محركات الأقراص عن طريق تثبيت برنامج يخزن مجموعة من أرقام التشفير على القرص.
بعد ذلك يفحص مستخدمو شيا الكتل لمعرفة ما هو رقم "هاش" الأقرب لهم، والذي يتمم عملية التعدين بنجاح، ثم يتم تمرير النتيجة إلى خادم منفصل، يعرف باسم "تايم لورد".
في ظل هذه التقنية، سيعطي "مزارعو شيا" الأولوية لكل من حجم وسرعة التخزين، أي أن الأولوية ستكون لحجم وسرعة محركات الأقراص الصلبة، خاصة التخزين الخارجي دون أقراص الإقلاع، بهدف زيادة عدد التيرابايت مع الحد الأدنى من استهلاك الطاقة.
ما هي العملات المشفرة؟
العملة المشفرة هي عملة رقمية ظهرت في الألفية الجديدة وتكون موجودة فقط في شبكة من أجهزة الكمبيوتر تسمى "blockchain" على الإنترنت.
حتى الآن هي عملات افتراضية غير مركزية وموجودة خارج نطاق الأعمال المصرفية التقليدية ولكن لا يزال يمكن تداولها مثل أي عملة أخرى.
ويتم التداول علي العملات الرقمية من خلال منصات استثمارية عالمية، ويمكن تنفيذ عمليات شراء بها الآن لبعض المنتجات مثل سيارات تسلا الكهربائية الشهيرة، وكذلك يمكن استبدالها ببعض العملات عبر ماكينات الصراف الآلي ATM.
كم عدد العملات المشفرة؟
هناك أكثر من 5 آلاف عملة مشفرة متداولة الآن، أشهرها على الإطلاق عملة بيتكوين التي كانت تداول قبل عدة سنوات دون مستوى دولار واحد، ولكنها تسارعت في الصعود وحطمت أرقاما قياسية بتخطي حاجز 65 ألف دولار، قبل أن تتراجع الآن إلى 56.5 ألف دولار، وتخطى إجمالي قيمتها السوقية حاجز التريليون دولار.
ومن أشهر العملات الرقمية الأخرى هي إيثيريم التي تداول عند مستوى 2860 دولار، وعملية بيانس كوين البلغ سعرها 602.1 دولار، وريبيل التي يجرى التداول عليها في نطاق سعر 1.55 دولار، وعملية تيثير البالغ سعرها 0.99 دولار، وكذلك عملة دوج كوين التي تتحرك الآن قرب مستوى 0.366 دولار.
ورغم الارتفاعات القياسية التي سجلتها هذه العملات خاصة خلال العام الأخير، فإن هناك تحذيرات مستمرة بشأن التذبذبات السعرية الحادة، التي تربك المستثمرين كثيرا.
فيسبوك تستعد لإطلاق عملتها الخاصة
تدخل شركة فيسبوك في سباق مع الزمن من أجل استغلال قاعدة المشتركين الواسعة بالشبكة الاجتماعية، لإطلاق عملتها الرقمية.
بعد أن واجهت فيسبوك في عام 2019 ردودا عنيفة من الحكومات والبنوك المركزية ومجموعات المستهلكين جراء الإعلان عن عملة "ليبرا"، أعادت صياغة المشروع الآن على أسس مختلفة تحت اسمه عملة " Diem- ديم" الرقمية، وتتطلع لإطلاقها في نهاية 2021.
القلق ساور الجميع بإطلاق فيسبوك عملة قبل عامين تستطيع من خلالها الهيمنة على السوق العالمي في ظل وجود قاعدة مشتركين بالشبكة العملاقة تضم حوالي 2.8 مليار مستخدم.
فيسبوك كان تستهدف أن تكون ليبرا عملة عالمية مرتبطة بسلة من العملات الدولية، مثل الدولار الأمريكي واليورو.
ولكن محافظو البنوك المركزية والحكومات وجماعات الضغط خشوا أن تهدد ليبرا الاستقرار النقدي، وتفتح بابا لغسيل الأموال، وكذلك اختراق خصوصية المستخدمين.
كما أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي كان قلقا بشأن تهديد هيمنة الدولار على سوق النقد العالمي.
تحذو فيسبوك نهجا أكثر حذرا الآن، فمن خلال جمعية Diem الواقعة في سويسرا يتم الإشراف على تطوير برنامج تجريبي بعملة واحدة مستقرة مربوطة بالدولار الأمريكي.
وحرصت فيسبوك أن يكون النطاف التجريبي للعملة المرتقبة محدودا، ويركز على المعاملات بين المستهلكين الأفراد، وقد يمتد لشراء البضائع.
وتعتمد عملة ديم على تقنية بلوك تشين متطورة هذه المرة، بدلا من التقنية التقليدية.
عملات مشفرة مركزية
ردا على مساعي فيسبوك لإطلاق عملتها المشفرة، أعلن أكثر من بنك مركزي عن نية إطلاق عملة رقمية رسمية تخضع لرقابته.
خلال شهر أبريل/نيسان الحالي أعلنت الصين عن إطلاق عملة رقمية مدعومة بتقنية البلوكتشي، مع خطة طموحة لتوسيع استخدام اليوان الرقمي وخفض كمية العملة المادية المتاحة في السوق.
قال بنك الشعب (البنك المركزي) الصيني، إنه يختبر إمكانية استخدام اليوان الرقمي للمدفوعات عبر الحدود، وتم تجريب اليوان الرقمي منذ العام الماضي في عدة مدن في الصين.
وهناك اقتصادات كبرى مثل الهند وباكستان تستعد لاستكشاف خطوة مماثلة، وبدأ بنك اليابان المركزي تجارب لدراسة جدوى إصدار عملته الرقمية الخاصة.
فيما أعلنت السلطات البريطانية عن احتمالية إصدارها عملة رقمية جديدة، وقال وزير الخزانة البريطاني، ريشي سوناك، إنها قد تسمى “بريتكوين”.
وأكد بنك إنجلترا أن العملة الجديدة، إذا تم تمريرها، ستكون شكلا جديدا من النقود الرقمية لتستخدمها الأسر والشركات جنبًا إلى جنب مع الودائع النقدية والمصرفية، بدلا من استبدالها.
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، دعا وزير المالية الألماني أولاف شولتز لإطلاق عملة رقمية أوروبية مشتركة، وأن ألمانيا ستدعم بشكل بناء العمل الذي يقوم به البنك المركزي الأوروبي بهدف إنشاء عملة يورو رقمية.
وشدد على أن أوروبا تحتاج إلى حلول مبتكرة وتنافسية لعمليات الدفع.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إن الفيدرالي يدرس إصدار دولار رقمي، مؤكدا أن هذا المشروع يعتبر من الأولويات بالنسبة للفيدرالي، لكنه بنفس الوقت لا يريد العجلة في المشروع بل سيكون حذرا.
وكانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قالت سابقا إن العملات الرقمية قد تؤدي إلى مدفوعات أسرع وأرخص، ولكن هناك مسائل كثيرة لابد من دراستها، بينها حماية المستهلك وغسيل الأموال.
نصائح للتداول في العملات المشفرة
هناك 5 توصيات استثمارية رئيسية ينبغي استيعابها جيدا قبل اتخاذ قرار الاستثمار في العملات المشفرة، في مقدمتها أن تتفادى الاستثمار الأعمى، عبر البحث جيدا في المصادر التي توفر معلومات عن هذه العملات.
وعليك تيقن أن النقاشات الدائرة على شبكات التواصل الاجتماعي حول العملات الرقمية، غير كافية على الإطلاق حتى تكون على دراية وخبرة بالتعامل في هذا السوق.
ولا تغفل استشارة المتخصصين الذين يتمتعون بخبرة طويلة في الاستثمار بالعملات الإلكترونية، مع التأكيد على ضرورة تفادي الحماس أو الاندفاع لتحقيق الثراء السريع.
أما النصيحة الثانية فهي أنه قبل اتخاذ قرار الاستثمار في أسواق المال يجب أن تجمع أولا البيانات المتوافرة عن السوق والعملات الرقمية المستهدف التداول عليها، وليس الاستناد إلى الآراء الشخصية فقط.
وتتمثل التوصية الثالثة في تحييد المشاعر، إذ لا ينبغي أن ينبع قرار الاستثمار على المشاعر، أو الخضوع لضغوط التقلبات قصيرة الأجل للأسعار والأحداث، نظرا لأن عملية الاستثمار تعتمد على التزام واستراتيجيات طويلة الأجل.
كما عليك استيعاب القيمة السوقية وهي التوصية الرابعة، لكون القيمة السوقية للأصول هي المؤشر الذي يمكن الاعتماد عليه في تقييم السعر مستقبلا، وفرص النمو، وذلك عبر تحليل هذه القيمة، وإدراك مستويات مخاطر الاستثمار، وعلاقة الأصول بالمتغيرات الاقتصادية والسياسية، لذلك فإن استيعاب وفهم القيمة السوقية هو مفتاح التداول في العملات المشفرة.
وأخيرا، عليك رسم استراتيجية استثمارية، حتى تتمكن من الاستثمار بنجاح في أي منتجات مالية مثل العملات الإلكترونية.
هذه الاستراتيجية ينبغي أن تكون طويلة الأجل، تتضمن معالم وأهدافا واضحة، من حيث حجم الأموال المستثمرة، والوقت المستهدف للاستثمار، ومستوى السعر للتخارج عند المكسب وكذلك الخسارة، وهي النقاط التي تساعد في اتخاذ قرارات أكثر فاعلية.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز