يورانيوم روسيا إلى الصين.. هل يشعل سباق تسلح نووي؟
بينما كان يؤكد دبلوماسيون صينيون وأمريكيون، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنهم أجروا محادثات بناءة لتخفيف التوترات العسكرية، كان مهندسون روس يواصلون حملة ضخمة لتوريد الوقود النووي إلى جزيرة نائية تبعد 220 كيلومترا فقط قبالة ساحل تايوان الشمالي.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية أن ما يسمى مفاعل التوليد السريع الصيني في جزيرة تشانغبين يعتبر واحدا من أكثر المرافق النووية في العالم التي تتم مراقبتها من كثب.
ويتوقع مسؤولو الاستخبارات الأمريكية أنه عندما يبدأ العمل هذا العام سينتج المفاعل "سي إف آر-600" بلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في الأسلحة، وهو ما يمكنه مساعدة بكين في زيادة مخزونها من الرؤوس الحربية بما يصل إلى أربعة أضعاف خلال الـ12 عاما المقبلة.
وسييتح ذلك للصين مضاهاة الترسانات النووية المنشورة حاليا للولايات المتحدة وروسيا.
وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح في جنيف، بافيل بودفيج: "من الممكن تماما أن يكون هذا البرنامج مدنيا خالصا. الأمر الذي يقلقني أن الصين توقفت عن الإبلاغ عن مخزوناتها المدنية والمنفصلة من البلوتونيوم. هذه ليست إشارة جيدة".
وتأتي القدرة الصينية المتزايدة على توسيع أسلحتها الذرية في وقت تبدو فيه المعاهدة الأخيرة المتبقية التي تحد من المخزونات الاستراتيجية للولايات المتحدة وروسيا على شفير الهاوية وسط مواجهة متصاعدة بشأن الحرب في أوكرانيا.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 21 فبراير/شباط، أن روسيا تعلق مشاركتها في اتفاقية "نيو ستارت"، وهو قرار أدانه الرئيس الأمريكي جو بايدن بوصفه "خطأ كبيرا".
وخلال مؤتمر بالفيديو في 30 ديسمبر/كانون الأول، قال بوتين للرئيس الصيني شي جين بينغ إن التعاون بمجال تكنولوجيا الدفاع العسكري" يتمتع بمكانة خاصة" في علاقتهما.
وقالت الخبيرة الألمانية في الحد من الأسلحة هانا نوت: "كما يتضح، تستفيد الصين من دعم روسيا"، مشيرة إلى أن الخطر بالنسبة لبكين يتمثل في احتمال توسيع الولايات المتحدة مخزونها، ردا على تعزيز المخزون الصيني وكذلك إلغاء الكرملين لاتفاقيات الحد من الأسلحة، مما "يجعل التضارب يزداد مجددا".
ودق مسؤولون بوزارة الدفاع الأمريكية مرارا نواقيس الخطر بشأن الطموح الصيني المتعلق بالأسلحة النووية منذ تقديم تقرير عام 2021 للكونغرس.
ويقيم المخططون العسكريون أن مفاعل "سي إف آر-600" على وشك أن يلعب دورا حيويا في زيادة المخزون الصيني من الرؤوس الحربية إلى 1500 بحلول عام 2035 من معدل يقدر اليوم بـ400.
ويقول مسؤولو البنتاغون إن إمدادات شركة "روساتوم" المملوكة لروسيا في 12 ديسمبر/كانون الأول (2022) البالغة 6477 كيلوغراما من اليورانيوم تغذّي البرنامج الذري الذي قد يزعزع التوازن العسكري في آسيا، حيث تتزايد التوترات بشأن تايوان والسيطرة على بحر الصين الجنوبي.
ويقول خبراء إن الصين لديها وسائل قليلة لزيادة مخزونها من البلوتونيوم للأسلحة النووية بعد إغلاق برنامج الإنتاج الأصلي الخاص بها في التسعينيات.
لكن الصين ترفض المخاوف الأمريكية. وقالت وزارة الخارجية في بكين إن بلادها "أوفت بصرامة بتعهداتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي" وقدمت طواعية "جزءا من أنشطتها النووية" إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع تان كافي خلال مؤتمر في 23 فبراير/شباط إن الولايات المتحدة تضخم بشكل متكرر من "التهديد النووي الصيني" باعتباره حجة لتوسيع ترسانتها الاستراتيجية، في حين احتفظت الصين بسياسة دفاعية تتضمن عدم البدء باستخدام الأسلحة النووية.
ولم تثن الاحتجاجات الأمريكية الشركة الوطنية الصينية للطاقة النووية عن تسلم الوقود من "روساتوم" لمفاعل "سي إف آر-600"، الذي يعتمد على تصميم روسي.
وقدم المعهد الملكي للخدمات المتحدة، -مؤسسة فكرية في لندن-، بيانات حصرية للتجارة تظهر تفاصيل المعاملات إلى وكالة "بلومبرغ".
وتؤثر الشراكة النووية المتسعة بين روسيا والصين تأثيرا كبيرا على جهود منع الانتشار. وبين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول، تظهر بيانات المعهد الملكي أن روسيا صدرت ما يقرب من سبعة أضعاف من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الصين من أجل مفاعل "سي إف آر-600".
ودفعت الصين حوالي 384 مليون دولار على ثلاث دفعات للحصول على 25 ألف كيلوغرام من الوقود لمفاعل "سي إف آر-600" من روساتوم في تلك الفترة، بحسب بيانات المعهد الملكي.
aXA6IDMuMTM4LjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز