قيود الصين على المعادن النادرة.. سلاح جيوسياسي يهز الصناعات العالمية

قال تحليل إن فرض الصين قيودا جديدة وصارمة على تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات المشتقة منها يوجه ضربة عميقة إلى قطاعات استراتيجية عالمية تمتد من صناعة السيارات الكهربائية إلى التكنولوجيا المتقدمة وقطاع الدفاع.
فاللوائح الجديدة لا تقتصر على الشحنات الداخلة أو الخارجة من الصين، بل تشمل أي حركة لهذه المواد عبر الحدود الدولية، الأمر الذي يعيد الشركات الأوروبية والأمريكية إلى دائرة الاعتماد على بكين، رغم الجهود الحثيثة التي تبذلها هذه الشركات لتقليص تلك التبعية.
وفقا للتحليل الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن أكثر المتضررين من هذه القيود هم صناع السيارات الأوروبيون، إذ تعتمد محركات السيارات الكهربائية على مغناطيسات يدخل في تركيبها النيوديميوم والديسبروسيوم. وحتى نقل مكونات داخل أوروبا أصبح يتطلب تراخيص صينية إذا كانت المواد أو التقنيات المستخدمة من أصل صيني.
كما تمتد هذه القيود لتشمل الإنتاج الأجنبي الذي يستخدم معدات أو تقنيات صينية، ما يعقد بشدة جهود الدول الغربية في تنويع مصادر الإمداد وفك الارتباط الصناعي ببكين.
وترجع هيمنة الصين على سوق المعادن النادرة إلى التسعينيات من القرن الماضي، حين نقلت بكين أنشطة التعدين والتكرير إلى داخل أراضيها، وأغلقت بذلك المصانع المنافسة في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وتعتمد اليوم أغلب البنية التحتية العالمية لمعالجة هذه المعادن على معدات وتقنيات صينية، وهو ما يعمّق جذور التبعية التقنية والاقتصادية لبكين.
وتستخدم هذه المغناطيسات النادرة في تطبيقات حيوية تشمل توربينات الرياح، والإلكترونيات الدقيقة، والتقنيات العسكرية الحساسة، ما يمنح الصين ورقة ضغط استراتيجية قوية في ظل تصاعد التوترات مع الغرب.
ويرى الخبراء أن بكين، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، تستغل هذه الورقة كأداة ردع في مواجهة القيود الغربية على صادرات الرقائق والتكنولوجيا المتقدمة.
أما بالنسبة للشركات الغربية، فإن الخطوة الصينية الجديدة تعني تحديات بيروقراطية معقدة وتكاليف تشغيلية متزايدة، قد تدفعها إلى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد أو الاستثمار في تطوير بدائل محلية أو غير صينية، رغم أن هذا الطريق يبدو طويلًا ومكلفًا بسبب الفجوة التقنية الكبيرة.
في المقابل، تمنح هذه القيود الصين نفوذا متزايدا في الساحة التجارية والدبلوماسية، إذ يدرك الغرب أن بناء سلاسل توريد مستقلة تمامًا قد يستغرق سنوات طويلة من العمل والاستثمار المكثف.
ويخلص التحليل إلى أن السيطرة الصينية على المعادن النادرة لم تعد اقتصادية بحتة، بل تحولت إلى أداة جيوسياسية فعالة.
وهي بمثابة إنذار مبكر للدول الصناعية الكبرى بضرورة تسريع جهود تنويع المصادر وتعزيز القدرات المحلية لتقليل الاعتماد على الصين، قبل أن يتحول هذا الاعتماد إلى نقطة ضعف استراتيجية في المستقبل القريب.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز