الصين تعيد رسم سياستها المالية في 2026.. كفاءة إنفاق وتحفيز ذكي للنمو
تعهدت الصين باتباع سياسة مالية أكثر كفاءة وفعالية خلال عام 2026، في إطار مساعيها لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار، وذلك ضمن الخطة الخمسية الخامسة عشرة الممتدة من 2026 إلى 2030، التي أطلقتها بكين.
وفقا لتقرير لوكالة بلومبرغ، يأتي هذا التوجه في وقت يواجه فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية، تشمل تباطؤ الطلب المحلي، واستمرار الضغوط في قطاع العقارات، وتزايد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي.
وأكدت وزارة المالية الصينية أن الحكومة ستواصل اعتماد سياسة مالية أكثر استباقية، مع التركيز على تحسين جودة الإنفاق بدلًا من الاكتفاء بتوسيع حجمه. ويشمل ذلك إعادة توجيه الموارد المالية نحو القطاعات الأكثر قدرة على تحفيز النمو طويل الأجل، مثل الابتكار التكنولوجي، والصناعات المتقدمة، والبنية التحتية الحديثة، إضافة إلى دعم الاستهلاك المحلي وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي.
وتعتزم بكين تحسين استخدام السندات الحكومية، ولا سيما السندات الخاصة بالحكومات المحلية، بما يضمن توجيه التمويل إلى مشروعات إنتاجية ذات عائد اقتصادي واضح. كما شددت السلطات على أهمية رفع كفاءة التحويلات المالية بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، لضمان وصول الموارد إلى القطاعات المستهدفة دون هدر أو تأخير.
وتسعى الحكومة الصينية، من خلال هذه السياسة، إلى تحقيق تنسيق أفضل بين السياسة المالية والسياسة النقدية، بما يدعم النشاط الاقتصادي دون التسبب في اختلالات مالية أو ضغوط تضخمية. وفي هذا السياق، أكد مسؤولون أن التركيز سينصب على تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو والحفاظ على الاستقرار المالي، في ظل ارتفاع مستويات الدين المحلي.
ويحظى توسيع الطلب المحلي بأولوية خاصة ضمن استراتيجية 2026، إذ تعوّل بكين على تعزيز الاستهلاك باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو في المرحلة المقبلة. ويتضمن ذلك زيادة الإنفاق على الخدمات العامة، وتحسين مستويات الدخل، ودعم الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض، بما يسهم في تحفيز الإنفاق الاستهلاكي وتقليل الاعتماد على الصادرات.
كما تضع الحكومة الابتكار العلمي والتكنولوجي في صميم سياستها المالية الجديدة، مع خطط لزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، ودعم الشركات الناشئة في القطاعات الاستراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي، والطاقة النظيفة، وأشباه الموصلات. ويُنظر إلى هذا التوجه باعتباره عاملًا حاسمًا لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الصيني على المدى الطويل.
وتأتي هذه التعهدات في ظل سعي الصين إلى معالجة التحديات التي فرضها تباطؤ سوق العقارات، والذي شكّل عبئًا على النمو خلال السنوات الماضية. وتسعى الحكومة إلى استخدام أدوات مالية أكثر دقة لدعم القطاعات المتضررة، دون اللجوء إلى حزم تحفيز واسعة قد تزيد من المخاطر المالية.
ويرى محللون أن تركيز الصين على كفاءة الإنفاق المالي يعكس تحولًا في النهج الاقتصادي من التحفيز الكمي إلى التحفيز النوعي القائم على تحسين تخصيص الموارد. ويعتبرون أن نجاح هذه السياسة سيعتمد على قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المالية بفعالية، وتحقيق التوازن بين دعم النمو والحفاظ على الاستدامة المالية.
وتهدف بكين، من خلال هذه الاستراتيجية، إلى توفير أساس قوي لنمو مستقر ومستدام في عام 2026 وما بعده، بما يضمن انطلاقة متماسكة للخطة الخمسية الجديدة، ويعزز الثقة في الاقتصاد الصيني وسط بيئة عالمية تتسم بالتقلب وعدم اليقين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز