من حرب تجارة إلى صراع استراتيجي.. 2025 يرسم خرائط جديدة لمنافسة أمريكا والصين
شهد عام 2025 تصاعدًا غير مسبوق في التوترات بين الولايات المتحدة والصين. وقال تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" إن المنافسة الثنائية تحولت من نزاعات تجارية إلى صراع شامل على التكنولوجيا والنفوذ العالمي.
وكان عام 2025 قد مثل دورة درامية في العلاقات الأمريكية-الصينية، مليئة بالتصعيد، والمناورات الاستراتيجية، والردود المتبادلة. وسلط هذا العام الضوء على الديناميات المعقدة بين القوتين العظميين، وأبرز الحاجة إلى سياسات مدروسة للتعامل مع المنافسة المتصاعدة، مع مراعاة التوازن بين المصالح الاقتصادية، والتكنولوجية، والاستراتيجية، بما يضمن استقرار العلاقات في المستقبل.
ومع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، كانت أولى خطواته إعادة هيكلة النظام التجاري الأمريكي، ففرض في فبراير/شباط رسوماً جديدة بنسبة 10% على كافة السلع الصينية، مما أطلق دورة من التصعيد المتبادل، والردود الانتقامية، والمفاوضات المستمرة التي استمرت أشهرًا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، شهد العالم لحظة فارقة عندما اجتمع ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية، في أول لقاء مباشر بينهما منذ 2019. وقد أسفر الاجتماع عن اتفاق مؤقت لوقف التصعيد التجاري لمدة عام، دون التوصل إلى اتفاق شامل، إلا أنه ساهم في تخفيف بعض الإجراءات المتبادلة الأكثر حدة.
نفوذ صيني متعدد الأصعدة
ووفقا للتحليل، فإنه رغم استقرار العلاقات التجارية مؤقتًا، فقد كشفت أحداث هذا العام مدى تأثير الصين على الولايات المتحدة، خاصة في مجالات الزراعة والمعادن النادرة. وفي المقابل، عززت الصين جهودها لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات تتفوق فيها الولايات المتحدة، مثل الذكاء الاصطناعي، من خلال تسريع تصميم وإنتاج أشباه الموصلات واستثمارات ضخمة في صناعة الذكاء الاصطناعي المحلية.
وفي الوقت ذاته، شهدت السياسة الأمريكية خطوات مثيرة للجدل، مثل محاولة وزير الخارجية ماركو روبيو سحب تأشيرات الطلاب الصينيين، الذين يشكلون ركيزة أساسية للبحث العلمي والابتكار في الولايات المتحدة. ورغم أن ترامب تراجع لاحقًا عن هذه القرارات، إلا أن الضرر طويل الأمد على الثقة والالتحاق بالجامعات كان قد تحقق بالفعل.
كما سمح التراجع السريع والمفاجئ للإدارة الأمريكية عن القيادة العالمية للصين بفتح مجالات جديدة لتعزيز نفوذها، سواء في الطاقة الخضراء أو المشروعات الدولية، في حين غابت الولايات المتحدة عن قمة الأمم المتحدة للمناخ في البرازيل، حيث برزت الصين كلاعب رئيسي على الساحة العالمية.
على الصعيد العسكري
وعلى الصعيد العسكري، استمرت التوترات في نقاط حساسة مثل تايوان والبحر الجنوبي الصيني، بينما واصلت الصين اختبار حدود الردع الأمريكي وتحالفاته في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ومن بين أبرز اللحظات، عرض شي جين بينغ في سبتمبر/ أيلول ترسانة الصين العسكرية الجديدة وحلفائها الاستراتيجيين، بحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
ويستمر الغموض حول المستقبل، إذ من المقرر أن يزور ترامب بكين في أبريل/نيسان القادم، بعد دعوة من شي جينبينغ. وبين الآن والزيارة، يبقى التساؤل قائمًا حول مدى التزام الطرفين باتفاق بوسان، وما إذا كانت العلاقات ستشهد تصعيدًا جديدًا أم ستستمر حالة التوازن الهش الحالي.