الرسوم الجمركية تُفرغ الموانئ الأمريكية.. تراجع حاد للشحنات الصينية
أفادت موانئ الولايات المتحدة بتراجع حاد في الشحنات القادمة من الصين، في وقت يحذر فيه مراقبون من احتمال ظهور رفوف فارغة في المتاجر ودخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود خلال الصيف.
يأتي ذلك مع بدء ظهور تأثير الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب فيما أُطلق عليه «يوم التحرير». ويؤكد اقتصاديون وخبراء في الصناعة أن تداعيات الحرب التجارية التي أشعلتها هذه الرسوم قد تضرب سلاسل الإمداد الأمريكية بقوة، وربما تضاهي في حدتها آثار جائحة «كوفيد-19».
ووفقًا لتقرير نشره موقع «إنفستورز»، يتركّز القلق بشكل خاص على التجارة الأمريكية–الصينية، إذ أدّت حالة عدم اليقين الناتجة عن التذبذب بين فرض الرسوم واحتمالات التوصل إلى صفقات إلى إلغاء واسع للطلبات وتراجع حاد في حركة الشحن الحيوية بين الصين والولايات المتحدة.
وبحسب شركة الخدمات اللوجستية العالمية «فليكس بورت»، بلغت نسبة إلغاء الشحنات نحو 50% بنهاية أبريل/نيسان، ما خلق فجوة تمتد لأسابيع في تدفق السفن إلى الموانئ الأمريكية، مع توقعات بتداعيات كبيرة على قطاع التجزئة وأسهم الشحن، وانتقال الأثر إلى قطاعات واسعة من الاقتصاد الأمريكي.
وقال آلان مورفي، الرئيس التنفيذي لشركة الأبحاث «سي-إنتليجنس» ومقرها سنغافورة، إن إعلان الرسوم الجمركية دفع إلى إلغاء «كل طلب يمكن إلغاؤه»، مع توقف شبه تام للطلبات الجديدة، ولا سيما السلع ذات الهوامش الربحية المنخفضة مثل الألعاب والملابس والأحذية والمفروشات.
وأضاف أن شركات الشحن بدأت بدورها في إلغاء رحلات أسبوعية من الصين بنسبة تتراوح بين 20 و30%، وهي مستويات لا تُسجَّل عادة إلا خلال فترات العطلات الكبرى في الصين.
ورغم ذلك، أشار مورفي إلى أن الشحنات القادمة من الصين لن تختفي كليًا، إذ لا تزال بعض السلع تفتقر إلى بدائل إنتاجية، كما أن المنتجات ذات القيمة العالية وهوامش الربح المرتفعة قد تكون قادرة على استيعاب جزء من تكاليف الرسوم الجمركية.
ويُعد ميناء لوس أنجلوس بوابة رئيسية لدخول البضائع الآسيوية إلى الولايات المتحدة، وقد توقّع انخفاض الواردات بنسبة 30% خلال أسبوع واحد، وبنحو 35% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقال مدير الميناء، جين سيروكا، إن هذا التراجع يعود إلى توقف شبه كامل للشحنات من الصين بالنسبة لكبرى شركات التجزئة والمصنّعين، محذرًا من أن المخزونات الحالية، التي تكفي من ستة إلى ثمانية أسابيع، ستنضب سريعًا.
وفي تقرير صادر عن شركة «أبوللو غلوبال مانجمنت»، حذّر كبير اقتصادييها تورستن سلوك من سيناريو قاتم يبدأ بتباطؤ حركة الشاحنات والقطارات، ثم انهيار النقل الداخلي، وصولًا إلى رفوف فارغة وتسريحات عمالية في قطاعات النقل والتجزئة، وانتهاءً بركود اقتصادي محتمل خلال فصل الصيف.
وتوقع «الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة» تراجع حجم واردات الشحن الأمريكية بما لا يقل عن 20% في النصف الثاني من عام 2025. كما قدّرت شركة «درويري» الاستشارية انخفاض حجم شحن الحاويات عالميًا بنسبة 1% هذا العام بسبب الحرب التجارية، في واحدة من حالات نادرة لتراجع الطلب منذ عام 1979.
وتواجه شركات كبرى تعتمد على السلع الصينية، مثل «أمازون» و«وولمارت» و«تارجت»، ضغوطًا مبكرة، في حين تعاني شركات الشحن والخدمات اللوجستية من تراجع الأداء. كما تلقت قطاعات الزراعة والصناعات الثقيلة وخدمات تكنولوجيا المعلومات ضربات إضافية نتيجة الرسوم الانتقامية.
ورغم تصاعد التحذيرات، يرى بعض الخبراء مجالًا للتفاؤل الحذر، معتبرين أن الوضع يختلف عن أزمة الجائحة، إذ يمكن إعادة تنشيط سلاسل الإمداد خلال أسابيع وليس أشهر. ومع استمرار المفاوضات التجارية مع عدد من الدول، تبقى الأسواق في حالة ترقّب، انتظارًا لما ستسفر عنه السياسات الأمريكية خلال المرحلة المقبلة.