جدلية دبلوماسية حساسة إلى أقصى الحدود، تترجم موقفا صينيا "غير قابل للتفاوض" من ملف تايوان وتؤكده كحجر زاوية لدبلوماسيتها.
"الصين الواحدة"، يختزل موقف بكين القائل بأنه "ليس هناك في العالم سوى صين واحدة، وتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين".
وبموجب هذه السياسة، ترى الصين أنه ينبغي لدول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، أن تقيم علاقات رسمية معها وليس مع تايوان.
لكن السياسة تدخل مدار الجدل من جديد على خلفية وصول رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، في وقت متأخر الثلاثاء، إلى تايوان، في في زيارة تحد لمسؤولة أمريكية منذ زيارة سلفها نيوت غينغريتش عام 1997.
"نار تايوان"
حتى قبل تأكيد زيارة بيلوسي إلى تايوان أو وصولها إليها، انتقدت بكين الفكرة بشدة، مشددة على أن سياسة الصين الواحدة "أساس سياسي وخط أحمر لتبادلاتنا مع الدول الأخرى".
وفي تصريحات شديدة نادرة موجهة إلى واشنطن، اتهم زير الخارجية الصيني وانغ يي، السياسيين الأمريكيين بـ"اللعب علانية بالنار" بشأن قضية تايوان.
وأضاف محذرا: "ستصبحون بذلك أعداء لـ1.4 مليار صيني، الأمر الذي لن ينتهي أبدًا بشكل جيد"، معتبرا أن "غدر الجانب الأمريكي بشأن قضية تايوان أمر مؤسف، ويساهم فقط بتقويض المصداقية الأمريكية".
وأكد الوزير أن "مبدأ الصين الواحدة، هو الإجماع العالمي للمجتمع الدولي، والأساس السياسي للتبادلات الصينية مع الدول الأخرى، وجوهر مصالح الصين، وخط أحمر لا يمكن تجاوزه".
القصة
في عام 1911، أطاحت ثورة بالحكم الإمبراطوري في الصين، والذي استمر لأكثر من ألفي عام، وتأسست حكومة جمهورية.
وفي عام 1949، أعلن الشيوعيون المنتصرون عقب نهاية الحرب الأهلية، قيام جمهورية الصين الشعبية، فيما غادرت قيادات حزب الكومينتانغ الذي كان يقود الحكومة قبل الإطاحة بها، إلى تايوان واتخذتها مقرا لها، وحينها تبنت بكين سياسة "الصين الواحدة".
وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، تأسست جمهورية الصين الشعبية، وأصرت بكين على أنها الممثل الوحيد للشعب الصيني، وهو ما تتشبث به تايوان أيضا، معلنة استقلالها بشكل أحادي.
وتأكيدا لسياستها، فرضت بكين على الدول التي تربطها بها علاقة اقتصادية ودبلوماسية عدم الاعتراف بتايوان.
إعادة نظر؟
أعادت زيارة بيلوسي المثيرة للجدل إلى تايوان الحديث عن سياسة الصين الواحدة إلى الواجهة، ولا تعتبر هذه المرة التي يطفو فيها المصطلح إلى سطح المستجدات.
ففي 2016، ألمح الرئيس الأمريكي حينها دونالد ترامب إلى إمكانية إعادة النظر في تلك السياسة، وذلك حين هدد بعدم الاعتراف بها في حال عدم تقديم بكين تنازلات في قطاع التجارة،
وآنذاك، بدت تصريحات ترامب غريبة بالنسبة لبلد لطالما قبل بسياسة الصين الواحدة لتحقيق منافع تجارية.
لكن بالنظر إلى حبل الود الذي حافظت عليه مع تايوان، بدا أن الأمر لم يكن يتطلب سوى خطوة من هذا المسؤول أو ذاك لإثارة موضوع الرابط المقدس من جديد.