حروب الرسوم الانتقامية.. الصين توفر طاقتها للقادم

قال تحليل نشرته مجلة «فورين بوليسي» إن الصين يبدو أنها قررت هذه المرة تغيير نهجها في التعامل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأوضح التقرير أنه خلال الشهر الماضي، نجحت كندا والمكسيك مرتين في صدّ الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها ترامب، على الأقل بالحصول على إعفاءات مؤقتة. لكن المسؤولين الصينيين اتخذوا نهجًا مختلفًا. فبدلًا من الاندفاع، بدا أن الصين تحافظ على طاقتها، مثل ملاكم متمرس في الجولة الأولى من القتال.
رسوم بـ٣٣%
وحتى الآن، فرض ترامب رسومًا بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية في 4 فبراير/شباط، ثم أضاف 10% إضافية قبل أيام، مما يرفع متوسط الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة إلى 33%، بعد أن كانت نحو 3% في الأيام التي سبقت إدارة ترامب الأولى عام 2017. ولاحقًا، أضاف الرئيس السابق جو بايدن مجموعته الخاصة من الرسوم الجمركية.
وبالنسبة لبكين التي كانت تسعى إلى إنعاش اقتصاد متباطئ، لم تكن الزيادة المستمرة في الرسوم الجمركية أمراً جيداً. وبالنظر إلى التكلفة الاقتصادية لهذه الرسوم الجمركية على الاقتصاد الصيني، قد يبدو من الغريب أن القادة الصينيين لم يحاولوا منعها بقوة أكبر.
تقلبات ترامب
ووفقاً للتقرير، فإن أحد الأسباب وراء ذلك هو أن التقلبات الدراماتيكية في رئاسة ترامب، التي تشبه برنامجًا تلفزيونيًا، تتعارض مع رغبة بكين في دبلوماسية محكمة التنظيم. فالرئيس الصيني شي جين بينغ لا يريد أن يتم تسريب تعاملاته مع ترامب إلى الصحافة بطريقة غير لائقة – أو الأسوأ من ذلك، أن يُنتقد في المكتب البيضاوي أثناء تشغيل الكاميرات.
ويقول راش دوشي، الزميل البارز لدراسات آسيا في مجلس العلاقات الخارجية والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي لإدارة بايدن: "الرئيس شي زعيم لدولة يهم فيها كيف ينظر إليه حزبه والجيش والشعب. ولا يمكنه تحمل فقدان ماء وجهه، ومن المؤكد أن اتخاذ نهج تصالحي قد يجعله يبدو ضعيفًا، وهذا ما لا يريده."
كما أن بكين تدرك جيدًا التزام ترامب العميق بخوض حرب تجارية، والتي من غير المرجح أن يتم إيقافها بسرعة. ففي أوامره التنفيذية بفرض الرسوم الجمركية على الصين، استشهد ترامب بتدفق الفنتانيل من الصين إلى الولايات المتحدة، وفشل بكين في اتخاذ "خطوات كافية للتخفيف من أزمة المخدرات غير المشروعة" كأسباب لهذه الإجراءات العقابية. وردت بكين بأنها تتعاون عن كثب مع واشنطن لاستهداف تجارة المخدرات، وأن البلدين حققا تقدمًا في هذا المجال، حيث انخفضت الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة العام الماضي مقارنة بعام 2023. لذلك، خلص المسؤولون الصينيون إلى أن القضية مجرد ذريعة للحرب التجارية.
من جهتها، توقعت ويندي كتلر، نائبة رئيس معهد سياسة المجتمع الآسيوي إن الحرب التجارية قد لا يكون لها نهاية في ظل ترامب، إذ أن "الرئيس الأمريكي مؤخراً أشار مرة أخرى إلى استهداف كندا بشأن الأخشاب ومنتجات الألبان. وربما هذا هو السبب الذي جعل الصين تتردد في الانخراط مثل كندا."
حرب أطول
وبالنظر إلى احتمالية نشوب حرب تجارية أوسع وأكثر استدامة، يبدو أن بكين تستعد لمعركة طويلة بدلاً من التركيز على مجاملات قصيرة الأجل.
وقد أعطت الصين لمحة عن مجموعة خياراتها الانتقامية الواسعة. ففي فبراير/شباط، فرضت بكين رسومًا جمركية على واردات الطاقة الأمريكية وبعض السلع الأخرى؛ كما ستفرض رسومًا على مجموعة واسعة من المنتجات الزراعية، بما في ذلك فول الصويا. كما استهدفت شركات أمريكية محددة، بإطلاق تحقيقات لمكافحة الاحتكار ضد غوغل وإضافة شركات أخرى إلى "قائمة الكيانات غير الموثوقة"، بالإضافة إلى استهداف نقاط الضعف الأمريكية في المعادن الاستراتيجية، مما يظهر مدى الخيارات الانتقامية التي تمتلكها الصين.
كما بدأ المسؤولون الصينيون في تبني نبرة أكثر تحديًا في رسائلهم إلى واشنطن. ففي ردّه على الرسوم الجمركية هذا الأسبوع، وجه المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين، رسالة حادة للولايات المتحدة: "إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حرب رسوم جمركية أو حرب تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية."
aXA6IDMuMjMuMTI5LjIyOCA= جزيرة ام اند امز