الصين وأمريكا.. دعوات لبداية جديدة وإنهاء "الحرب الباردة"
حث مسؤولون وخبراء الصين والولايات المتحدة لإعادة تشكيل علاقاتهما المتضررة، داعين الإدارة الجديدة لتوظيف سياسات جديدة تجدد العلاقات.
وأكدوا أن تنصيب إدارة أمريكية جديدة يجب أن يكون "فرصة لإعادة تعيين علاقات جديدة بين البلدين بعد الفترة السلبية".
وأوضحوا أن توترات البلدين تؤثر على العالم بأكملها وليس البلدين فقط، معربًا عن أمله في أن تتبنى الإدارة الجديدة سياسة التعاون المربحة للجميع مع الصين بدلًا من عقلية "الحرب الباردة".
وحول مستقبل العلاقات، أعرب لو يوتشنج، نائب وزير الخارجية الصيني، عن أمله في أن يأتي العام الجديد ببداية جديدة.
وعبر يوتشنج، خلال فاعلية افتراضية نظمتها صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية، الخميس، عن إعجابه بنداءات الرئيس جو بايدن المتكررة إلى الشعب الأمريكي لتفضيل الوحدة على الانقسام خلال خطاب تنصيبه، قائلًا: "أؤمن بأننا نحتاج نفس الروح من أجل العلاقات بين بلدينا".
ويمثل هذا العام الذكرى السنوية الـ50 لزيارة وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، هنري كيسنجر، التاريخية إلى الصين ودبلوماسية "البينج بونج" أو "دبلوماسية كرة الطاولة" الشهيرة.
وأشار إلى أنه كما في قصة "الكرة الصغيرة التي حركت الكبيرة"، اقتضى الأمر من هؤلاء الرجال استخدام حكمة استثنائية وشجاعة لإذابة الجليد في العلاقات.
ولفت إلى أن "التحديات التي نواجهها اليوم تستدعي نفس الرؤية والشجاعة لإذابة الجليد مجددًا".
وحث "يوتشنج" أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم للاضطلاع بمسؤولياتهما المهمة من أجل السلام العالمي والتنمية، والسعي لتوسيع مصالحهما المشتركة والتعاون.
ونوه إلى أن الكفاح المشترك ضد "كوفيد-19"، والتعافي الاقتصادي، وتغير المناخ، قد تكون مجالات ذات أولوية للتعاون على المدى القريب.
وأكد نائب وزير الخارجية أن "كل شيء ممكن، عندما تختار الولايات المتحدة والصين التعاون يمكن للبلدين العمل سويًا لتجنب ما يسمى بمصيدة ثيوسيديدز"، وهو مصطلح يشير إلى الميل نحو النزاع عندما تهدد قوة ناشئة بإزاحة قوة قائمة بالفعل.
وخلال خطاب بالفاعلية، التي جاءت بعنوان "المضي قدمًا: مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية"، دعا تشو شوشون، الناشر ورئيس تحرير "تشاينا ديلي"، البلدين إلى الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ في تطوير علاقاتهما.
وقال شوشون إن هذا تحديدًا بسبب أن الحكومات والساسة والشعب من كلا الجانبين اختاروا "الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ" عندما أذاب البلدان الجليد منذ أكثر من 40 عامًا وطورا علاقة مثمرة.
وأضاف: "باعتبارنا الجسر الذي يربط الصين والعالم، نحن في (تشاينا ديلي) - ومع فاعلية (رؤية الصين) اليوم – ننضم إلى تطلعات رؤية العلاقات الصينية الأمريكية تسير على الجانب الصحيح من التاريخ كما يقتضي التاريخ".
من جانبه، قال ستيفن روش، الزميل البارز بمعهد جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل وكبير الخبراء الاقتصاديين سابقًا بمؤسسة "مورجان ستانلي"، إن العلاقات الأمريكية الصينية تظل عامل الخطر الرئيسي في آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2021.
ورجح أن يعيد البلدان التفكير في طبيعة الحوار بينهما، وإنشاء مكتب دائم يتعامل مع جميع جوانب علاقاتهما.
وفيما يتعلق بحل النزاعات التجارية، قال روش إن واشنطن بحاجة إلى النظر في نواحي عدم التوازن التجاري في سياق وجود عجز كبير بالمدخرات المحلية.
ولتذليل الصعوبات في العلاقات الأمريكية الصينية، رجح تحول التركيز على الصراع الاقتصادي والتجاري بعيدا عن التجارة الثنائية إلى الاعتبارات الهيكلية.
وتابع: "لا حل سريعا لنزع فتيل الصراع الذي ظهر، لكنني أعتقد أنه إذا اتخذنا خطوات صغيرة وبدأنا إظهار الالتزام نحو حل الصراع بدلًا من تصعيده، سيكون لدينا فرصة حقيقية بينما تتغير القيادة الأمريكية للانتقال من مناخ عدم الثقة إلى المناخ الذي يعيدنا الآن إلى علاقة أكثر ثقة بيننا".
بدوره، شدد دا واي، الزميل البارز بمركز الأمن الدولي والاستراتيجية في جامعة تسينغهوا، على أهمية الحوارات "المستدامة" و"الفعالة" في تحسين العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، قائلًا إن البلدين في حاجة لتأسيس ما يشبه الآلية من أجل استقرار علاقاتهما.
وأشار إلى وجود عناصر المنافسة في علاقات البلدين، لكنه لا يعتقد أن "المنافسة قديمة الطراز بالحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة" لاتزال موجودة في العلاقات بين بكين وواشنطن، بل هناك مجالات واسعة يمكن للبلدين التعاون مع بعضهما البعض فيها.
وقال ديفيد فيرشتاين، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة جورج اتش. دبليو. بوش للعلاقات الأمريكية-الصينية، إن فكرة أن الصين هي في الأساس منافس مهم للغاية للولايات المتحدة ستظل جوهر العقلية الأمريكية تجاه الصين.
لكنه أشار إلى أنه يعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستحيد على الأرجح عن سياسة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وأن هناك فرصة لإعادة بناء علاقات أفضل بين البلدين تحت الإدارة الجديدة.
وتابع: "لطالما كانت العلاقات الأمريكية الصينية بالغة الأهمية. ولطالما كانت معقدة. وستظل معقدة وصعبة بينما نمضي قدمًا.. وآمل في أن هذه فرصة يمكننا من خلالها تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة والصين".
جون روس، زميل بمعهد تشونج يانج للدراسات المالية بجامعة رينمين والمدير السابق للسياسات الاقتصادية والتجارية لرئيس بلدية لندن، قال إن تنصيب إدارة أمريكية جديدة يجب أن يكون "فرصة لإعادة تعيين علاقات جديدة بين الصين والولايات المتحدة بعد الفترة السلبية".
وأكد أهمية العلاقات بين البلدين، لأنها تؤثر على العالم بأكملها وليس البلدين فقط، معربًا عن أمله في أن تتبنى الإدارة الجديدة سياسة التعاون المربحة للجميع مع الصين بدلًا من عقلية "الحرب الباردة".
ومنذ تولى ترامب مهام منصبه في 2017، سارت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على نحو مندفع، ومتسارع وخطير.
وفي مجموعة من الخطوات المذهلة على مدار الأعوام الأربعة، أعطى ترامب كامل اهتمامه للصين، ولكن لم يكن ذلك على نحو طيب.
وتضمنت تلك الخطوات شن حرب تجارية، واتخاذ خطوات لحظر شركات التكنولوجيا الصينية مثل "تيك توك"، والسماح بعمليات تبادل رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وتايوان، وتحميل بكين تبعات السياسات الصينية في هونج كونج، وإقليم شينجيانج وفي بحر الصين الجنوبي.
وفي إطار حملة ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية، اعتمد الرئيس الأمريكي السابق بقوة على توجيه الانتقادات للصين التي اعتبرها مسؤولة عن وفاة أكثر من مئتي ألف أمريكي بسبب تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.