الذكاء الاصطناعي.. ورقة الصين الرابحة لمواجهة القيود التجارية

بالنسبة للشركات الصينية التي تخشى الرسوم الجمركية، يتمثل الفارق الكبير بين ولايتي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى والثانية في ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي وما شهده من ازدهار ملحوظ في الصين.
وبحسب شبكة (CNBC)، تعمل الشركات الصينية بجد في هذا القطاع، ففي الأسبوعين الماضيين، تعلن شركة صينية يوميًا تقريبًا عن منتج جديد للذكاء الاصطناعي، أو عن كيفية تحقيقها للأرباح من هذه التقنية.
على سبيل المثال لا الحصر، أعلنت شركة كوايشو للفيديوهات القصيرة الثلاثاء الماضي، أن أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها لتوليد مقاطع الفيديو، "كلينج"، قد حققت إيرادات تجاوزت 100 مليون يوان (13.78 مليون دولار) منذ إطلاقها الصيف الماضي.
وأجرت تينسنت الأسبوع الماضي تحديثًا لنموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لتوليد صور ثلاثية الأبعاد، والذي يمكن استخدامه في الألعاب أو الطباعة ثلاثية الأبعاد، وأصدرت النسخة الكاملة من نموذج التفكير المنطقي "هونيوان تي 1".
وقبل بضعة أسابيع، دمجت تينسنت نموذج "تي 1" مع تطبيق روبوت الدردشة "يوانباو" الخاص بها، والذي يتيح للمستخدمين أيضًا استخدام أداة "ديب سيك آر 1".
وأعلنت تينسنت الأسبوع الماضي أن عدد مستخدمي يوانباو النشطين يوميًا ارتفع بمقدار عشرين ضعفًا خلال شهر واحد فقط، كما كشفت الشركة عن كيفية استخدام بعض المزارعين لتطبيق الذكاء الاصطناعي لتحليل ظروف التربة للزراعة.
وأطلقت شركة بايدو يوم الاثنين أدواتٍ تُمكّن المستخدمين من إنشاء مواقع ويب وألعاب بسيطة باستخدام أوامر محادثة بدلاً من كتابة الأكواد البرمجية.
كما قامت شركة كونلون تك، الشركة الأم لمتصفح أوبرا، يوم الأربعاء بتحديث تطبيقها "موريكا" لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج الموسيقى.
وصرح ماكسويل تشو، الرئيس التنفيذي لشركة برمجيات القيادة الذاتية DeepRoute.ai، لشبكة CNBC ، أن الصين، بصفتها مركزًا صناعيًا، تتمتع "بمزايا رائعة في مجال الذكاء الاصطناعي المادي"، نظرًا لامتلاكها العديد من الآلات القادرة على جمع بيانات قيّمة لتدريب نماذج خاصة بالصناعات.
وأعلنت شركة DeepRoute.ai، التي أُطلقت عام 2019، الأسبوع الماضي أنها تُطوّر نظامًا لمركبات التوصيل ذاتية القيادة لإرسال الطرود بأوامر صوتية بسيطة مثل "اطلب قهوة من هذا المتجر وأرسلها إلى الشقة".
وقال تشو إنه يأمل أن يبدأ تشغيل النظام في الصين بحلول أوائل العام المقبل.
وفي حين أنه من غير الواضح أي شركات الذكاء الاصطناعي ستنجح في النهاية، يتوقع المحللون أن الشركات الصينية لديها فرصة أفضل للتفوق بمساعدة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتعافي من تعريفات ترامب بما تحققه هذه الشركات من أرباح.
كما يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تُخفّض تكاليف الشركات وتُعوّض بعض آثار التباطؤ الاقتصادي.
وصرح دينغ وينجي، الخبير الاستراتيجي للاستثمار الرأسمالي العالمي في شركة إدارة الأصول الصينية، بأن التأثير المُجتمع لهذه التكنولوجيا يُعزز التوقعات بنمو أرباح الشركات الصينية في العام المُقبل.
وستُشير الأرباح إلى ما إذا كان الاقتصاد يشهد تحسّنًا حقيقيًا، لا سيما في ظلّ ضغط الرسوم الجمركية وغيرها من القيود التجارية.
وقدّر بنك غولدمان ساكس في أوائل فبراير/شباط أن زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع الصينية بنسبة 20% قد تُخفّض أرباح الشركات الصينية بنسبة 5%.
ويرى محللون وخبراء ان الذكاء الاصطناعي سيكون محور العلاقة بين الصين والولايات المتحدة بما يتجاوز حرب التعريفات في المستقبل.
فبعد زيارته للصين هذا الأسبوع لحضور مؤتمر، خلص كاتب العمود في صحيفة "نيويورك تايمز"، توماس فريدمان، إلى أن الرئيسين الأمريكي والصيني ليسا بحاجة إلى مُناقشة الرسوم الجمركية أو تايوان فورًا، بل الذكاء الاصطناعي الذي يُضاهي ذكاء البشر وينتشر في جميع أنحاء العالم.
وشبه مؤلف كتاب "العالم مسطح" التعاون المحتمل بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي باتفاقية الحد من الأسلحة النووية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.