مفوض أوروبي مخضرم يعيد رسم العلاقات الاقتصادية مع الصين وأمريكا

قال تقرير نشره موقع "يورو أكتيف" إن ماروش شيفتشوفيتش، كبير مفاوضي التجارة في المفوضية الأوروبية، سيلتقي بنظرائه الأمريكيين في واشنطن قبل أن يسافر إلى بكين الخميس لإجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين.
وتأتي جولة المفوض المخضرم حول العالم قبل أيام فقط من فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعريفاته الجمركية "المتبادلة" المثيرة للجدل، والتي تهدد بإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي من خلال فرض رسوم تعادل تلك التي تفرضها الدول الأخرى على السلع الأمريكية.
كما تأتي هذه الزيارة بعد أسابيع فقط من فرض ترامب رسومًا جمركية شاملة بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألومنيوم إلى الولايات المتحدة، مما زاد من معاناة صناعة المعادن في الاتحاد الأوروبي التي تكافح بالفعل بسبب المنافسة الصينية الشرسة.
وخلال محادثاته في واشنطن مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك والممثل التجاري جيميسون غرير، سيسعى شيفتشوفيتش إلى إيجاد حل تفاوضي بشأن رسوم الصلب والألومنيوم، ومحاولة تجنب فرض تعريفات إضافية على السلع الأوروبية عند الإعلان عن الرسوم المتبادلة في 2 أبريل/نيسان، وفقًا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي .
أما محادثاته مع وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو في وقت لاحق من الأسبوع، فستتناول قضايا أوسع، بما في ذلك وصول الشركات الأوروبية إلى السوق الصينية، والاستثمارات الصينية في الاتحاد الأوروبي، والتهديد المتزايد للصناعة الأوروبية من الشركات المصنعة الصينية المدعومة من الدولة، وفقًا للمسؤول نفسه.
توقيت غير مناسب
ويرى المحللون أن قرار شيفتشوفيتش بالسفر إلى الصين قبل أن يعلن ترامب رسميًا عن تعريفاته الجمركية المتبادلة قد يجعل لقاءه مع وانغ "فارغًا إلى حد كبير"، بحسب أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الباحثين في مركز الأبحاث "بروغل" ومقره بروكسل.
وقالت "الأمر مجرد انتظار وترقب للطرفين"، تقول هيريرو. "بعد 2 أبريل/نيسان ستكون الصين قد عرفت مقدار ما يمكن أن تطلبه من أوروبا، وستكون أوروبا قد فهمت الوضع أكثر أيضًا".
وتضيف أن "إعادة ضبط" حقيقية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين ستتطلب أن يكون الاتحاد في وضع يائس فيما يتعلق بعلاقاته التجارية مع الولايات المتحدة، كما ستتطلب مشاركة شخصيات أوروبية رفيعة المستوى، مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أو المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس.
كما أشارت إلى أن وانغ سيحاول طمأنة بروكسل بأن السياسات التجارية لترامب قد تؤدي إلى تحويل مئات المليارات من اليوروهات من الصادرات الصينية إلى الاتحاد الأوروبي.
وتأتي جولات شيفتشوفيتش في وقت تصعّد فيه الولايات المتحدة ضغوطها على بكين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، وهو نهج يعتقد العديد من المحللين أنه قد يجبر الاتحاد الأوروبي في النهاية على تبني موقف أكثر تشددًا تجاه الصين.
وحاليًا، تعتمد سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الصين، التي أعلنتها أورسولا فون دير لاين في عام 2023، على "تقليل المخاطر دون فك الارتباط" – أي تقليص الاعتماد على بكين في بعض القطاعات الاستراتيجية، مثل المعادن النادرة، ولكن دون قطع العلاقات الاقتصادية بشكل كامل، كما فعل الاتحاد مع روسيا بعد حرب أوكرانيا عام 2022.
وواصل مسؤولون أمريكيون، في إطار سياسة بدأت في عهد الرئيس السابق جو بايدن، الضغط على الشركات الأوروبية المصنعة لأشباه الموصلات لفرض مزيد من القيود على صادرات الرقائق المتقدمة إلى الصين .
ولكن ربما يكون الإجراء الأكثر أهمية هو توقيع ترامب الشهر الماضي على سلسلة من المذكرات التي تحفز المستثمرين المحتملين في الولايات المتحدة على قطع علاقاتهم مع بكين.
لكن موقف واشنطن المتشدد المتزايد تجاه الصين يتزامن أيضًا مع تزايد التفاؤل في بكين بأن سياسات ترامب الحمائية قد تدفع أوروبا إلى تعزيز علاقاتها مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ففي كلمة ألقاها خلال مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي، أشاد وزير الخارجية الصيني وانغ يي بأوروبا باعتبارها "قطبًا مهمًا في عالم متعدد الأقطاب"، ودعا بروكسل وبكين إلى "تعميق التواصل الاستراتيجي وتعزيز التعاون المتبادل المنفعة".
كما احتفت وسائل الإعلام الصينية الرسمية بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين في الأسابيع الأخيرة.
وقالت افتتاحية لصحيفة تشاينا ديلي: "في حين أن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض زادت من عدم الاستقرار وعدم اليقين، فإن الصين والاتحاد الأوروبي.. يمكنهما تقديم الاستقرار واليقين للنمو الاقتصادي العالمي الشامل من خلال تعزيز التعاون".