سر نجاح ثلاثية "باتمان" للمخرج كريستوفر نولان
تقرير لصحيفة "الجارديان"، يحاول الوقوف على أسباب خلود سلسلة "باتمان" لـ"نولان"، هل كان بإمكان الأخير التنبؤ بمستقبل السينما في أفلامه؟
من الصعب أن تنسى ثلاثية المخرج كريستوفر نولان لفيلم "باتمان"، فرغم أنه منذ صدورها وحتى الآن ظهر العديد من أفلام الأبطال الخارقين في السينما الأجنبية، فإن ثلاثيته تظل الأبرز.
وفي تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية، يحاول الوقوف على أسباب خلود سلسلة "باتمان" لـ"نولان"، هل كان بإمكان الأخير التنبؤ بمستقبل السينما في أفلامه؟
في الجزء الثاني من ثلاثية "باتمان" The Dark Knight الذي صدر عام 2008 بعد مشهد سرقة الجوكر للبنك، الذي اعتبره البعض واحدا من أقوى الافتتاحيات في السينما، نجد أن "باتمان" الذي قام بدوره كريستيان بايل في أول ظهور له في الفيلم، يهب للقبض على الأشرار في مواجهة أولى مع الرجل الفزاعة الذي يرتدي قناعا من الخيش، حينها يجد مجموعة من المقلدين يرتدون قناعا مثله يحاولون القيام بما يقوم به، إلا أنهم يفشلون بالطبع لينتهي به الأمر إلى إنقاذهم والقبض على الرجل الفزاعة، هذا المشهد هو أشبه ما يكون بما تفعله مجموعة "دي سي السينمائية" فهي تقلد ما فعله نولان، إلا أنهم فشلوا تمامًا، الأمر يبدو وكأن "نولان" تنبأ في فيلمه بما ستفعله أفلام السوبر هيروز بعده.
محاولات تقليد فاشلة
ما فعلته شركة "دي سي" للإنتاج السينمائي هو تعلم كل الدروس الخاطئة من "نولان"، تماما مثل مقلدي "باتمان"، فبقيادة المخرج زاك سنايدر تخلفت أفلام "دي سي" في شباك التذاكر بإيرادات لا تقارن بثلاثية "نولان" وإن كانت كافية للاستمرار، ومع ذلك لم تقترب جودة أفلامها –ولو قليل- من أفلام "نولان".
الواقعية سر النجاح
الفارق بين ما فعله "نولان" في ثلاثيته عما حاول شقيقه جوناثان وديفيد غوير في أفلام "دي سي" فعله، يتلخص في الواقعية، فقد ظهرت أفلام "نولان" لتتمرد على الألوان الزاهية في كوميكس سام رايمي "سبايدرمان"، ليتخذ "نولان" اتجاها واقعيا، ويقوم بشيء غير معتاد في عالم الأبطال الخارقين؛ وهو عرض قصته بجدية، فشخصية "باتمان" ليست مجرد شخصية بطل خارق خيالية تدافع عن الأشرار وتنتفض لنشر الخير، بل هو أقرب لشرطي يحقق العدالة، ولكن بقناع يغطي وجهه لأنه يخاف على أحبائه، ولأن طرقه لا يقبلها القانون، بينما "الجوكر" ليس مجرد شرير مسرحي، إنما هو إرهابي –نفس التوصيف الذي ورد ذكره في الفيلم مرة على الأقل- يهدف لتحقيق الفوضى والعنف.
وبفضل هذه الواقعية أصبحت أفلام "نولان" تعرض قضية وتطرح تساؤلا أخلاقيا عن أصل الخير والشر على عكس الفوضى غير المنطقية في أفلام "دي سي".
الواقعية لا تعني الكآبة
خلفاء نولان من مخرجين "دي سي" لم يسمحوا لنفسهم بالتوغل في أعماق أفلامه، بل اكتفوا بالقشور السطحية، فأفلام مثل Suicide Squad و Batman v Superman and Justice League أساءت فهم جدية "نولان" على أنها كآبة، فأبطال دي سي بإمكانهم أن يفعلوا أي شيء سوى الابتسام، على عكس "نولان" الذي كان قادرا على جعلك تشعر بالمتعة وسط جدية أحداثه، بشخصيات مثل "ألفريد" الساخر، الذي قام بدور مايكل كين.
ورغم أن "نولان" و"دي سي" اجتمعا في جعل أبطالهما الخارقين يشعرون بالعبء من قواهم الخارقة، فإن "دي سي" جعلت هذا العبء يغرق أبطاله في حالة من الإحباط، بينما جعله "نولان" دافعا أقوى لـ"باتمان".
لعل الشيء المخيب للآمال هنا أن "دي سي" لم تنجح بعد في استغلال قصصها المصورة بكل ما تحمله من إبداع في السينما، وتحويل هذا الإبداع إلى عمل مرئي.