عضو "حكماء المسلمين" علي الأمين يدعو لمعهد عالمي للسلام ودراسات للأديان
عضو مجلس حكماء المسلمين العلاّمة علي الأمين أكد أن الناظر في سيرة الأنبياء والرسل ورسالاتهم الدينية يعلم بأن السلام يقع في صميم دعوتهم.
أكد
عضو مجلس حكماء المسلمين العلاّمة علي الأمين أن:" الناظر في سيرة الأنبياء والرسل ورسالاتهم الدينية يعلم بأن السلام يقع في صميم دعوتهم التي اتّسمت بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والتي تضمّنت وصاياهم وتعاليمهم التي تنهى عن سفك الدماء وعن الظلم والعدوان والتي تدعو إلى مكارم الأخلاق وإلى حفظ الحقوق بإقامة العدل بين الناس، فإن كل هذه الوصايا والتعاليم تشكل مدرسة لثقافة السلام بين الأمم والشعوب.
واستشهد الأمين خلال كلمته بالجلسة الختامية لليوم الأول لمؤتمر الأزهر العالمي للسلام المنعقد هنا حاليا بقوله تعالى:"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه"، قائلا:"هذه الآية تدلنا على قيام الدعوة على التبشير بتلك الوصايا والتحذير من مخالفتها، والعمل بالحق والرجوع إليه في فض الخلافات والنزاعات التي تحصل بين الناس حفاظا على وحدتهم التي قامت على أساس الفطرة السليمة التي خلقهم الله عليها."
وأضاف أن "المطلوب عند البحث عن ركائز ثقافة السلام في الأديان أن نرجع إلى النصوص الدينية في الرسالات السماوية بعيدا عن العودة إلى التاريخ في الماضي البعيد والقريب لأن ما وصلنا من التاريخ فيه الصحيح وغيره، والصحيح منه ليس بالضرورة أن يكون فيه التطبيق الصحيح لتلك النصوص فالتاريخ هو من صنع البشر الذين يخطئون ويصيبون، وقد امتلأ التاريخ بالصراعات الدموية في عصور عديدة تحت شعارات مختلفة من الدين والدنيا ومن الخطأ أن نجعل من أحداث التاريخ حاكما ومفسرا لتلك النصوص الدينية المشتملة على قواعد الفكر والسلوك، بل العكس هو الصحيح، فنحن يجب أن نحاكم التاريخ وأحداثه ورجاله إنطلاقا من تلك النصوص لأنها بمثابة المواد القانونية التي نرجع إليها في المحاكمة وعلى أساسها تتم التخطئة والتصويب."
وقال الأمين إن "الحروب والنزاعات وما ينتج عنها من المآسي لم تكن بسبب الأديان، وإنما كانت بسبب طموحات الإنسان غير المشروعة للسلطة والسيطرة والنفوذ، وهذه الحروب قد ظهرت قبل المذاهب والأديان وبعدها، وقد أزهقت الحرب العالمية الأولى والثانية قرابة مئة مليون قتيل والأسباب لم تكن دينية وإن تم استغلال الأديان في بعض الحروب بالباطل أحياناً والتلاعب بنصوصها وتشويهها من أجل تبرير تلك المنكرات باسم الله والدّين، فالمسيحية ليست مسؤولة عما جرى من حروب بإسمها،والإسلام ليس مسؤولاً عما جرى من حروب بإسمه. "
وتايع : الإنجيل الذي يقول "لا تقتل"، وطوبى لصانعي السلام"، ليس مسؤولاً عن القتل والظلم، والقرآن الذي يقول "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" و"يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّة" و"من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا" ليس مسؤولاً عن العدوان والقتل، وليس يبقى من فاعل للإثم والعدوان سوى هذا الإنسان الذي ابتعد بأطماعه وخطاياه عن الله الرحيم والرحمن .
وأضاف أن ثقافة السلام في الأديان يجب أن تنطلق من المسجد والكنيسة والمعاهد الدينية، ويجب التأكيد عليها كمادة تعليمية عالمية، ولا يجوز أن تقتصر على دعوات تصدر من بعض الإجتماعات واللقاءات، بل لا بد من تحويلها إلى لقاءات دائمة عبر تشكيل المعهد العالمي للسلام والدراسات المشتركة للأديان الذي يلتحق به الشيخ والخوري وطلاب الحوار والسلام من كل المذاهب والأديان، ويكون هذا المعهد برعاية الفاتيكان والأزهر،ويتخرج منه الطلاب الذين يحملون رسالة السلام والحوار لنشرها بين الأمم والشعوب.
وقال:" إن الواقع الذي يشهده العالم اليوم من التسابق لدى بعض الدول على صناعة أسلحة الدمار الشامل، وما تشهده دول أخرى وساحات من حروب واحتكام إلى السلاح في بعض المناطق لحلّ النزاعات هو أكبر دليل على عجز المجتمع الدولي والمؤسسات المنبثقة عنه عن وضع الأسس التي تبدد مخاوف البشر من اندلاع حرب مدمرة تهدد مصير البشرية ومستقبلها على كوكب الأرض، والتي تمنع من اندلاع حروب متنقلة في مناطق مختلفة من العالم بسبب النزاعات التي يحتكم فيها إلى السلاح خلافاً للقرارات الدولية، وهذا مما يعكس ضعفاً في السبل المعتمدة لتحقيق السلام،ويعكس أيضاً الضعف في انتشار ثقافة السلام بين الدول والشعوب،فإن المأمول من الأمم المتحدة ومن ورائها الدول وشعوبها أن تعمل على منع اندلاع الحروب، فإننا بالعمل على ذلك نكون من صانعي السلام الحقيقي في هذا العالم،وبذلك نكون من الذين يستحقون قول السيد المسيح: (طوبى لصانعي السلام) ولا يصح أن ننتظر وقوع الحروب لنبحث عن إرسال قوات لحفظ السلام بين المتقاتلين ، فإن المنع من إشعال النار أولى من العمل على إطفائها بعد اشتعالها.
aXA6IDMuMTQ3LjI4LjExMSA= جزيرة ام اند امز