سجائر مهربة ومشروعات غامضة.. وسائل بيونج يانج للتحايل على العقوبات
على الرغم من فرض أقسى عقوبات دولية على كوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووي لا تزال عشرات الشركات العالمية تعمل في الدولة المنعزلة
على الرغم من فرض مجلس الأمن أقسى عقوبات دولية على كوريا الشمالية على خلفية برنامجها النووي وتجاربها الصاروخية، لا تزال عشرات الشركات العالمية تعمل في الدولة المنعزلة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، على موقعها الإلكتروني، الأحد، يقول خبراء إن عشرات الشركات لا تزال تعمل في ظل كيانات غامضة تساعد على إخفاء صلاتهم بكوريا الشمالية، ما يوفر للبلاد عائدات كبيرة ويخفف من آثار العقوبات المالية على نظام الزعيم كيم جونج أون.
وفي هذا السياق، قال بن ديفيز المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأمريكية، ورئيس وحدة الأبحاث في شركة "كارون"، وهي شركة تكنولوجية تحدد المخاطر المتعلقة بالعقوبات على الشركات، إن "اقتصاد كوريا الشمالية ما زال يعمل على الرغم من تزايد العزلة بسبب حملة العقوبات الدولية المشددة".
وخلال الشهور الأخيرة، عزز كل من مجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة العقوبات ضد كوريا الشمالية، بما في ذلك الحظر الجديد على المشروعات المشتركة لردع برنامج الأسلحة النووية لكيم، ولكن ثبت أن القواعد يسهل اختراقها.
وحتى الآن، لم تعلن الأمم المتحدة أو المسؤولون الأمريكيون عن أي شركة انتهكت الحظر المشترك، لكنهم قلقون بشكل خاص إزاء العلاقات القائمة بين كوريا الشمالية والشركات من الصين وماليزيا وسنغافورة وهونج كونج ودول أخرى تحافظ على علاقات تجارية مع الدولة المنبوذة.
وأوضحت الصحيفة أن بعض هذه المشاريع مربحة لكوريا الشمالية، فعلى سبيل المثال، تظهر تقارير الحكومة الأمريكية أن كوريا الشمالية تحظى بحصة كبيرة من تجارة السجائر الدولية غير المشروعة بقيمة مليارات الدولارات سنوياً.
ويقول مسؤولون أمريكيون، ومنشق كوري شمالي بارز لديهم معرفة مباشرة بعمليات تمويل كيم، إن معظم الأرباح تذهب مباشرة إلى خزائن بيونج يانج، وهذه الأموال تستخدم لتمويل الجيش وبرامج الأسلحة النووية في البلاد والسلع الفاخرة المقدمة إلى النخبة السياسية والعسكرية التي تساعد على إبقاء كيم في السلطة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من بين الشركات الكبرى التي لا تزال تشارك في المشاريع المشتركة في كوريا الشمالية شركة "أوراسكوم" المصرية للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا.
وأوضحت أنه في بياناتها المالية عن فترة الستة أشهر المنتهية في يونيو/حزيران الماضي، أعلنت الشركة المصرية عن حصة ملكية 75٪ في مشروع مشترك للهواتف المحمولة مع شركة البريد والاتصالات الكورية الشمالية، كما أدرجت في موازنتها حصة في مصرف "أورابانك" الكوري الشمالي، التي ذكرت سابقا، أنها قامت بتصفيتها.
وسجلت شركة "أوراسكوم" أصولا صافية من مشروع الهاتف المحمول بقيمة 1.2 مليار دولار، وقالت إنها تلقت أرباحا قيمتها 15 مليون دولار في عام 2016 وحوالي 39 مليون دولار في الشهرين الأولين من عام 2017. ولم تتوفر معلومات حديثة.
ومن غير الواضح ما إذا كانت "أوراسكوم" تنتهك أي نظام للعقوبات، حيث يسمح الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة للشركات بالتماس إعفاءات من الهيئة الدولية ويقدم استثناء "لمشروعات البنية التحتية غير التجارية للمنشآت العامة التي لا تحقق أرباحا".
وفي تصريحات للصحيفة، قال رئيس شركة "أوراسكوم" نجيب ساويرس، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، إن الشركة تمتثل لجميع قرارات الأمم المتحدة وليس لديها خطط لمغادرة كوريا الشمالية.
وقالت الشركة المصرية، إن "لديها عملية تحصين لفرع شركتها الكوري للتأكد من التزامها بكافة القوانين المعمول بها"، وأنها قدمت طلبات إلى مكتب مراقبة الأصول الاجنبية (أوفاك) التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ومجلس الأمن الدولي، عن طريق السلطات المصرية، للحصول على تراخيص لمواصلة أعمالها في كوريا الشمالية.
وقالت متحدثة باسم "أوراسكوم"، إن الشركة تقدم "خدمة هامة" للكوريين الشماليين، وقال ساويرس: "نعتقد أن السماح (للسكان) بالتواصل أمر جيد".
وارتأت الصحيفة أن الروابط العالمية لكوريا الشمالية الصعبة تسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها الأمم المتحدة في الوقت الذي تحاول فيه المنظمة جعل الدول الأعضاء تفرض الامتثال للعقوبات التي تهدف إلى قطع علاقات نظام كيم مع العالم.
وفي غضون ذلك، لم تقدم عشرات البلدان الأعضاء تقارير التنفيذ المطلوبة، ويقول محللون إن العديد من الدول الأعضاء إما لديها وكالات إنفاذ قانون محلية ضعيفة أو أولويات سياسية أو قانونية متعارضة، وتترك منتهكي العقوبات دون رقابة.
واعتبرت الصحيفة أن علاقات بيونج يانج مع الشركات العالمية تمثل مسؤولية محتملة أمام المؤسسات المالية التي تتطلع إلى تجنب العقوبات على أنشطة مرتبطة بالنظام.
كما حذرت شركة "كارون" من أن ثمة مشرعات مشتركة أخرى في كوريا الشمالية ربما يكون من الصعب تحديدها، ما يشكل خطرا على المؤسسات المالية والمستثمرين.
واعتبرت الصحيفة أن علاقات بيونج يانج مع الشركات العالمية تمثل مسؤولية محتملة أمام المؤسسات المالية التي تتطلع إلى تجنب العقوبات على أنشطة مرتبطة بالنظام.
وحذرت شركة "كارون" من أن ثمة مشرعات مشتركة أخرى في كوريا الشمالية ربما يكون من الصعب تحديدها، ما يشكل خطرا على المؤسسات المالية والمستثمرين.
وأوضح ديفيز، أن "تحديد مصالح كوريا الشمالية غير المعلنة يشكل تحديا متزايدا للمؤسسات التجارية".
ومن الشركات التي ترتبط بعلاقات مع كوريا الشمالية، شركة "تشارونج تاي" للأسلاك والكابلات التايلاندية التي تعمل في مشروعين مشتركين مع شركة البريد والاتصالات الكورية الشمالية لتشغيل خدمات الإنترنت والهاتف والتلفزيون الكوري في البلاد.
وقالت تشارونج في تقريرها السنوي لعام 2016، إنها تملك حصة بنسبة 25٪ في مشروع شركة تايلاندية مع شركة بيونجيانج في شركة شمال شرق آسيا للهاتف والاتصالات، وذكرت أنها تمتلك حصة بنسبة 20٪ في شركة بهونج كونج تشارك في شركة "ستار جوينت فينشر" الكورية الشمالية، التي تدير خدمة الإنترنت في البلاد.
وأضافت "تشارونج" أن الوحدتين حققا لها ما يقرب من 4 ملايين دولار من الإيرادات في العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، باعت شركة "بريتيش أمريكان توباكو"، التي تمتلك سجائر "لاكي سترايك" وغيرها من العلامات التجارية، حصتها في مشروع كوري شمالي مع الحكومة في العام الماضي، وسط تشديد العقوبات والتحقيق في منتجات مزيفة، وفقا لشخص مطلع على هذه المسألة.
ولكن المالك المسجل الحالي للمشروع هو شركة "لاكي جرينبيرد" ومقرها سنغافورة، التي تملكها شركة أخرى مسجلة في سنغافورة تأسست العام الماضي، وكلاهما مدرج ضمن الآخر ولهما نفس المدير، والسكرتير والعناوين المسجلة.
ومنذ مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، فرض مجلس الأمن الدولي بالإجماع، بموجب القرار 2375 عقوبات جديدة على كوريا الشمالية هي الأشد والأكثر قسوة في تاريخ الأمم المتحدة، فعلاوة على أنها تقيد بشكل كبير إمكانيات بيونج يانج في مجالي التصدير والاستيراد، تدعو لطرد عمالتها من جميع دول العالم وتفتيش كل السفن المتجهة منها أو إليها.