الاقتصاد الدائري المستدام.. الوجه المشرق لديمغرافيا السكان بالريف الياباني

أعادت الحكومة اليابانية التأكيد على التزامها بالاقتصاد الدائري، والذي قد يكون بمثابة الجانب المشرق لانخفاض عدد سكان الريف في البلاد.

في اليابان التي تعاني من الشيخوخة السكانية، يتسبب الانحدار السكاني المستمر والتركيز المتزايد للناس في المناطق الحضرية في انخفاض طبيعي في عدد سكان الريف، مما يجعل إعادة تصميم الاقتصادات المحلية مصدر قلق ملح.

وفي الوقت نفسه، يمثل هذا التغيير الديموغرافي فرصة لتشجيع الاقتصاد الدائري المستدام وزيادة استخدام الطاقة المتجددة. ومن خلال القيام بذلك، يتعين علينا أن نستكشف أساليب مبتكرة لتنشيط الاقتصاد مع تسخير الموارد الطبيعية الوفيرة في المنطقة.

• إحدى جلسات مفاوضات نيروبي بشأن التلوث البلاستيكي مواجهة التلوث البلاستيكي.. هل تطلق مفاوضات نيروبي إشارة البدء؟
• هدف الـ100 مليار.. ماذا قدمت الدول الغنية للتمويل المناخي؟
  

تنشيط الاقتصادات المحلية

إن التنشيط الإقليمي يفعل أكثر من مجرد تنشيط الاقتصاد، فهو يفتح المجال أمام إمكانية الازدهار والتمتع بحياة مستدامة في المناطق الريفية، حتى في ظل انخفاض عدد السكان. هذا المسعى، بالإضافة إلى كونه متجذرًا في الحفاظ على الطبيعة، يحمي البيئة في المناطق المتضررة من هجرة السكان، والتي تغطي حوالي 60% من مساحة أراضي البلاد أو ما يقرب من نصف البلديات. فهو يحمي النظم البيئية من خلال الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية بدلا من إهمالها.

إن التحول نحو التحول الاقتصادي الإيجابي للطبيعة لتحقيق أهداف صافي الكربون وتجديد الموارد الطبيعية يتطلب نموذجًا جديدًا ينسق بين الحفاظ على البيئة والنمو الاقتصادي.

على سبيل المثال، ساعدت ضريبة البلدات المحلية (فوروساتو نوزي) -وهي خطة تبرع مع ائتمان ضريبي- التي قدمتها الحكومة اليابانية في تنشيط الاقتصادات المحلية منذ إطلاقها في عام 2008، وتتلخص الفكرة في أن يتبرع السكان للبلديات التي يرغبونها، والحصول على الائتمان الضريبي، ويتزايد حجم التبرعات التي يتم إرسالها إلى المناطق الريفية باطراد.

كما أطلقت الحكومة نسخة مؤسسية من Furusato Nozei في عام 2016، على سبيل المثال تبرعت شركة Yahoo Japan Corporation لثماني حكومات محلية من خلال البرنامج كجزء من هدفها المتمثل في أن تصبح محايدة للكربون. في إحدى الحالات، اختارت الشركة مدينة أوساكي في محافظة كاجوشيما كمتلقي للتبرعات، معترفا بأن تشغيلها لمدة 12 عاما يتمتع بأعلى معدل إعادة تدوير في البلاد.

الموارد المتجددة

يسلط المنتدى الاقتصادي العالمي الضوء على تعزيز التحول الفعّال للطاقة 2023 فإن تعظيم الطاقة المتجددة هو أحد الركائز الحاسمة لتحول الطاقة، خاصة في اليابان، بالإضافة إلى ذلك من المسلم به على نطاق واسع أن تقدم الاقتصادات المحلية وقدرتها على الاستمرار على المدى الطويل أمر حيوي للانتقال الناجح إلى الاقتصاد الدائري.

لذا تتخذ العديد من الشركات في اليابان إجراءات نشطة في هذا الاتجاه، على سبيل المثال تتعاون شركة Suntory Holdings مع محافظة ياماناشي وشركات مختلفة لتطوير نظام إنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة جنوب غرب طوكيو، ويمكن استخدام الطاقة الخضراء المنتجة من قبل المجتمع المحلي وكذلك مصانع إنتاج سنتوري في المنطقة.

وفي الوقت نفسه، دخلت شركة الأدوية تأكيداً في شراكة مع شركة البيئة والطاقة أوريكس إيكو سيرفيسز وشركة السكك الحديدية اليابانية للشحن لتقليل نفايات التعبئة والتغليف، باستخدام وسائل النقل التي تنبعث منها كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون.

ونظرا لأن الهيدروجين يتحول بسرعة إلى مصدر جديد وجذاب للطاقة، فإن شركة هيتاشي تتخذ نهجا متقدما من خلال مساعدة إحدى المبادرات اليابانية المختلفة لتحقيق مجتمع قائم على الهيدروجين في مدينة توميا في محافظة مياجي من خلال سلسلة توريد هيدروجين شاملة تشمل الإنتاج والتخزين والاستخدام.

وتسعى شركة Unicorn TBM اليابانية، التي تعمل على تطوير وتصنيع وبيع المنتجات الورقية والبلاستيكية البديلة المصنوعة من مادة قائمة على الحجر الجيري والتي تسمى LIMEX، إلى نموذج مستقل عن الموارد يستخدم مواردها الخاصة، وتمتلك الشركة منشأتين للتصنيع الداخلي في محافظة مياجي تعملان بالطاقة المتجددة بنسبة 100% تقريباً، وقد أبرمت اتفاقية شراكة مع نادي الدوري الياباني لكرة القدم للمحترفين فيجالتا سينداي لإنشاء مشاريع إعادة تدوير مبتكرة للمساعدة في التنشيط الإقليمي.

وتقوم الشركة أيضا بإعادة تدوير أكواب LIMEX المستخدمة في الملاعب المنزلية وإعادة معالجتها وتحويلها إلى مقاعد خشبية صناعية ممزوجة بمسحوق الخشب من محافظة مياجي.

التعاون والنهج الشامل

ومع ذلك، فإن التقدم في هذه الاتجاهات يتطلب أن يتجاوز خلق القيمة حدود مكان واحد أو صناعة واحدة، كما أصبحت التقنيات الرقمية والتعاون بين الصناعات أمرا بالغ الأهمية هنا.

وقد أكد اتحاد الأعمال الياباني Keidanren أن التعاون بين الشركات يجب أن يبدأ في تجاوز حدود شركة واحدة أو صناعة واحدة. ويجب أن تركز جهود إعادة التدوير على سلسلة التوريد والقيمة بأكملها، بما في ذلك الشركات التي تقوم بمعالجة وتصنيع المواد الخام.

في أبريل/نيسان، تم التعبير عن أهمية التحرك نحو الاقتصاد الدائري في قمة مجموعة السبع في هيروشيما (قمة مجموعة السبع في هيروشيما 2023). وتم اعتماد مبادئ توجيهية لتعزيز جهود القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه زار رئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو أيضا منشأة لإعادة التدوير في مدينة إيميزو بمحافظة توياما، والتي تعمل في إعادة تدوير الموارد.