دبلوماسية المناخ.. المجتمع المدني الصوت القادم!

من خلال تعبئة الاستثمارات في الاقتصادات النامية تتحمل منظمات المجتمع المدني التكاليف في التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة.

يتبين من التقرير الأخير بعنوان "تعزيز التحول الفعّال للطاقة" الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يونيو/حزيران 2023، أن متوسط النتيجة العالمية لمؤشر تحول الطاقة (ETI) آخذة في الارتفاع مع اتجاه تصاعدي متزايد، وهو مؤشر يقوم بتقييم الأداء الحالي لنظام الطاقة في الدول ومدى استعدادها للانتقال إلى مصادر الطاقة المستدامة.

ومن المتوقع أن يرتفع الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة بنسبة 24% بين عامي 2021 و2023، مدفوعًا بمصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، مقارنة بزيادة قدرها 15% في الاستثمار في الوقود الأحفوري خلال نفس الفترة، وبالنسبة لعام 2023 من بين ما يقرب من 2.8 تريليون دولار من المتوقع استثمارها في قطاع الطاقة سيتم توجيه ثلثيها إلى التكنولوجيات النظيفة وفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية "استثمار الطاقة العالمي 2023".

• التلوث العذب.. أنهار البلاستيك في آسيا والنيل والنيجر
• هل لغذاء الحيوانات الأليفة علاقة بالمناخ؟.. الأرقام تجيب
  

إلا أن معظم الاستثمارات تقودها الاقتصادات المتقدمة والصين، وهناك مخاوف كبيرة من حدوث انقسامات جديدة محتملة في مشهد الطاقة العالمي، إذا فشلت مناطق أخرى في تسريع تحولاتها إلى الطاقة النظيفة، إن المسار الحالي للتحول في مجال الطاقة بطيء ويفرض تحديات أمام تحقيق العدالة، وتجد العديد من الدول صعوبة في التوفيق بين تخضير الاقتصاد وإدارة مخاطر سوق العمل وحقوق الشعوب الأصلية في نفس الوقت.

وبينما يواجه العالم الحاجة الملحة إلى التحول إلى الطاقة المستدامة فإن منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً حاسماً في تشكيل أجندة تحول الطاقة وتسريع التعاون بين القطاعين العام والخاص. وذلك من خلال الآتي:

1. تعبئة الاستثمارات في الاقتصادات النامية

إن نمو استثمارات الطاقة النظيفة في العديد من الاقتصادات الناشئة والنامية يتقدم بوتيرة بطيئة، نتيجة الحواجز التنظيمية والنشر المحدود للطاقة النظيفة في جميع أنحاء سلاسل التوريد.

ويلعب معهد الموارد العالمية (WRI) دوراً أساسياً في دفع الاستثمار في الطاقة النظيفة في الأسواق النامية مثل فيتنام وإندونيسيا والفلبين، من خلال مسرع الاستثمار في الطاقة النظيفة (CEIA)، تعمل WRI، جنبًا إلى جنب مع شركائها، على توحيد المستهلكين التجاريين والصناعيين الرئيسيين لعرض نماذج مبتكرة لشراء الطاقة المتجددة وتعزيز أطر السياسات.

يسهل CEIA توحيد الطلب على الطاقة النظيفة وتنفيذه من قبل المشترين من القطاع الخاص، وتتعاون المنظمة مع الحكومات الوطنية ودون الوطنية لتعزيز وزيادة الاستثمار ونشر الطاقة النظيفة.

ومن خلال المشاركة مع القادة الحكوميين يعمل مركز تقييم الطاقة النظيفة على خلق بيئات سياسية تشجع وتجذب الاستثمارات في الطاقة النظيفة. ومن خلال تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وتقديم الدعم الفني لمستهلكي الطاقة التجاريين والصناعيين، فإنه يساعد الشركات على التأثير في عمليات صنع السياسات وتجربة نماذج شراء قابلة للتطوير.

2. تقديم حلول خاصة بالسياق المحلي

لكي يكون التحول قابلاً للاستمرار وفعالاً وشاملاً، يجب وجود فهم وطني ومحلي قوي. ويتصدر المجتمع المدني جهود تهيئة البيئات التمكينية للاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة من خلال تطوير حلول مناسبة للسياق تؤكد على الشمولية والقدرة على تحمل التكاليف.

ومن الأمثلة الجيدة على ذلك منظمة BRILHO، التي تقودها منظمات التنمية الهولندية (SNV). توفر شركة BRIHLO حلول طاقة نظيفة خارج الشبكة وبأسعار معقولة لسكان موزمبيق، مما يؤدي في النهاية إلى تحسين الرفاهية وفرص كسب العيش للمجتمعات ذات الدخل المنخفض. ويعد الهدف الشامل لشركة BRILHO هو تعزيز وتوسيع الوصول إلى الطاقة للأفراد والشركات، ودفع التمكين الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة.

ومن خلال الاستفادة من قدرة القطاع الخاص على الابتكار والاستثمار، يعمل البرنامج على تعزيز نمو حلول الطهي النظيف، وأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، والشبكات الصغيرة، مما يؤدي إلى تحويل مشهد الطاقة في موزمبيق.

وفي الوقت نفسه، تعمل منظمة شركاء السلام والطاقة Energy Peace Partners على تطوير ائتمان السلام للطاقة المتجددة (P-REC)، والذي يعمل بمثابة أداة مالية مبتكرة لتسريع اعتماد الطاقة المتجددة في المناطق المتضررة من الصراعات. وتهدف مبادرة P-REC إلى تحويل الطاقة المتجددة المولدة في الدول الهشة إلى قيمة نقدية.

3. الحفاظ على البعد الاجتماعي للمرحلة الانتقالية

إن التحول من مصادر الطاقة التقليدية، مثل الفحم أو النفط، إلى الطاقة المتجددة، يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوظائف في الصناعات كثيفة الكربون أو انتهاكات حقوق الأراضي للشعوب الأصلية، وهو ما يعرف أيضا بالاستعمار الأخضر. يتمتع المجتمع المدني بالخبرة والتفويض لتمثيل مصالح المجتمعات الضعيفة لضمان أن تكون أصواتهم واحتياجاتهم جزءًا من أجندة التحول إلى الطاقة النظيفة.

كانت النقابات العمالية، مثل الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC) والاتحاد العالمي للصناعات، صريحة بشكل خاص بشأن احتياجات العمال لضمان ألا يؤثر التحول بشكل غير متناسب على أولئك الذين يعيشون في الفقر أو العمل غير الآمن بالصناعات كثيفة الكربون والوقود الأحفوري.

ومن الجدير بالذكر أن مركز الانتقال العادل التابع للاتحاد الدولي للنقابات قد أحدث تأثيرًا كبيرًا في التحول إلى الطاقة النظيفة من خلال الدفاع عن حقوق العمال، وتسهيل الحوار، وتقديم الدعم لضمان انتقال عادل وشامل. وكان للمركز دور فعّال في تعزيز إدراج سياسات التحول العادل في الأطر الوطنية والدولية للمناخ والطاقة. وقد ساهمت جهود الاتحاد الدولي للنقابات في وضع حقوق العمال والحماية الاجتماعية في مقدمة المناقشات حول الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وقد دعم المركز إنشاء فرق عمل وطنية للانتقال العادل، ومجالس، ولجان تجمع بين الحكومة وأصحاب العمل والنقابات للتخطيط الجماعي وإدارة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لانتقال الطاقة.