جزيرة تونسية مهددة بالغرق.. "قرقنة" تستنفر لمواجهة تغيرات المناخ
تعد جزيرة" قرقنة"، من أكثر الجزر التونسية تأثرا بالتغيرات المناخية في منطقة البحر الأبيض المتوسط حيث يرتفع منسوب مياه البحر و يتقدم تدريجيا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري.
وتقع جزيرة قرقنة التابعة لمحافظة صفاقس، شرقي البلاد التونسية وهي عبارة عن أرخبيل يمتد من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي على مسافة 40 كم و لا يتجاوز عرضه 5 كم وبمساحة 150 كم مربع.
ويعد هذا الجزء من البلاد التونسية من المناطق التي تزخر بالثروات الطبيعية، لكن التغيرات المناخية تركت تأثيراً كبيرا على الثروة السمكية التي تعد مورد رزق لأغلب سكان المنطقة.
- كابوس كورونا يهدد تونس.. ما علاقة التغيرات المناخية؟
- مصر وتونس ولبنان.. 3 أسئلة تكشف موقف صندوق النقد من الاقتصادات الثلاث
ويتكون أرخبيل قرقنة من جزيرتين رئيسيتين (غربي وشرقي) و 12 جزيرة صغيرة بينها شرمندية، سفنو، الرومدية، الرقادية، لزداد، قرمدي. كما يحتوي الأرخبيل على جزيرتين مأهولتين فقط وهما الشرقي والغربي" مليتة".
مشروع لمجابهة تغير المناخ
ولمجابهة هذه التغيرات المناخية في الجزيرة، ستنطلق تونس خلال منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري في إنجاز مشروع لمجابهة التغيرات المناخية بجزيرة قرقنة بالشراكة بين برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي.
ويتمثل هذا المشروع في وضع حدّ لانعكاسات التغيّرات المناخية التي تتأثر بها الجزيرة عن طريق إيجاد حلول لقطاع النقل باعتباره من مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وذلك من خلال التشجيع على أنماط التنقل السلس وغير الملوث على غرار الدراجات الهوائية والسيارات الكهربائية وهي مجالات سيقع الاشتغال عليها بالشراكة مع المجتمع المحلي في قرقنة ولا سيما الجمعيات.
كما يستهدف المشروع مجال الصيد البحري من خلال دعم أنشطة الصيد التقليدي وغيرها من الأساليب التي تحافظ على التنوع البيولوجي بالإضافة إلى تهيئة مساحات خضراء ومسارات صديقة للبيئة وتوعية المواطن بأهمية الابتعاد عن السلوكيات التي تفاقم التلوث والتهديدات على الطبيعة على غرار تلويث المحيط بالبلاستيك.
من جهته، قال الخبير البيئي التونسي عادل الهنتاتي في تصريحات لـ"العين الاخبارية" إن منسوب البحر ارتفع في عدد من المناطق الساحلية في تونس، موضحاً أن جزيرة قرقنة جنوب شرقي البلاد مهددة بالغرق لكن تونس تتخذ جميع احتياطاتها لمنع الخطر.
ودعا الصناديق الأممية إلى أن تقلل من هذه التغيرات المناخية وتدعم البلدان المتضررة من ذلك، واصفاً تونس بأنها من الدول الضحية التي لا تستطيع لوحدها مجابهة هذه التغيرات.
وأكد أن ظاهرة التغيرات المناخية هي ظاهرة عالمية بدأت منذ القرن الماضي وهي متأتية من أضرار الانحباس الحراري وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون والأنشطة البشرية.
وأشار إلى أن الغلاف الجوي أصبح يحتبس الحرارة وأدى ذلك إلى اضطراب في توازن الكتل الهوائية التي تتسبب في الضغط الجوي.
وسبق أن أجرت وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي (حكومية) دراسة علمية أثبتت أنّ البحر قد يغرق نحو 16 ألف هكتار من المساحات القريبة من خليج الحمّامات وغار الملح وبنزرت (شمال) وجزيرة جربة وقرقنة (جنوب) وسوسة الساحلية، كذلك فإنّ نحو 700 ألف هكتار من الأراضي السكنية المتاخمة للسواحل التونسية مهدّدة بالخطر.
وتابعت "من المتوقع أن يبلغ ارتفاع مستوى البحر بمعدل 30 سنتيمتراً عام 2030 و50 سنتمتراً عام 2050".
الحلول
من جهة أخرى، اقترح حمدي حشاد الخبير البيئي التونسي حلولا تقنية للتخفيف من حدة تأثير التغيرات المناخية مع وجوب التأقلم مع الوضع بالإضافة إلى المرونة المناخية لتحضير المجتمع المحلي لتقبل الوضعية الجديدة.
وأكد أنه من بين الحلول جمع "الضريع" الذي يلفظه البحر ليتم تشكيله على شكل جبل صغير للحد من قوة الموج ،و بالتالي إيقاف عملية تقدم البحر على حساب اليابسة.
كما اقترح التشجيع على جمع مياه الأمطار وهي من العادات القديمة التي اضمحلت تقريبا، وذلك لاستعمالها في سقي الأشجار والزراعات أوقات الجفاف. و كذلك العودة إلى الفلاحة التقليدية و زراعة النخيل التي تساهم في حماية التربة أكثر من زراعة الزيتون.
وعمدت بعض البلديات إلى وضع كميات كبيرة من الحجارة على الشواطئ، لتكون حاجزاً أمام امتداد أمواج البحر إلى الطرقات التي شيّدت بالقرب من الشواطئ، في إطار برنامج حماية الشريط الساحلي.
كذلك شيّدت جدران على مسافات طويلة لتمثل حاجزاً يحمي الطرقات والمقاهي وبعض البيوت من أمواج البحر. إلا أن المياه غمرت العديد من تلك الصخور، فيما انهارت الجدران من جراء الأمواج. وعلى الرغم من تشييد غيرها وترميم العديد منها، إلا أنها تنهار مجدداً بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر وسرعة الرياح.
ويعيش ما لا يقل عن 85 في المئة من سكان تونس البالغ عددهم نحو من 12 مليون نسمة على الساحل، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ حوالي 40 في المئة، وفقا للبنك الدولي.