حرب أهلية وموطن لـ"الإرهابيين".. سيناريوهات كارثية تهدد السودان
يومًا تلو آخر يغلق السودان باب العودة إلى ما قبل 15 أبريل/نيسان الماضي، ماضيًا في طريقه الصدامي بين الطرفين المتنازعين، الذي قد يؤدي به إلى سيناريوهات يراها البعض "كارثية".
تلك السيناريوهات وصلت إلى حد التشاؤم بإشعال حرب أهلية في ثالث أكبر بلد أفريقي، وقودها الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ورمادها جميع القوى الموجودة على الساحة السودانية، دون استثناء الطرفين المتنازعين.
ذلك الخطر الذي أشعل فتيله تنظيم الإخوان الإرهابي، بات يهدد السودان القابع في محيط دول تعاني هشاشة أمنية، وتتفشى فيها التنظيمات الإرهابية، مما أطلق تحذيرات من وضع مشابه بات ينتظر ذلك البلد المأزوم سياسيًا واقتصاديًا.
مصير حذر منه رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، إذا لم يتم وضع حدٍّ للصراع الحالي، قائلا: "إذا كان الصراع في السودان سيصل إلى حرب أهلية حقيقية؛ فإنّ ما يدور في سوريا واليمن وليبيا سيكون مجرد مبارزات صغيرة إزاءه".
فهل بات السودان على مرمى حجر من التنظيمات الإرهابية؟
يقول الباحث في الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة عمرو عبد المنعم، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن إشعال تنظيم الإخوان الصراع في السودان سيؤدي إلى انهيار الدولة الرسمية، مما يهيئ المناخ المناسب لدخول التنظيمات الإرهابية، التي تتمركز قريبا من الحدود السودانية، وتحتاج إلى مأوى لتعيد إنتاج مشروعها المتوقف من عام 2018.
وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، أن السودان محاط بسبع دول تعاني هشاشة أمنية، باستثناء مصر، مشيرًا إلى أن "نار الفتنة التي أشعلها الإخوان في السودان، كانت تستهدف إسقاط الدولة لتتمكن ميليشياتهم (قوات الدفاع الشعبي) من الاستيلاء على الحكم".
وأشار إلى أنه "رغم حل تلك المليشيات عقب سقوط النظام السابق، لكنها لا تزال تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن السوداني"، مؤكدًا أن تلك العناصر عبارة عن "خليط من مدنيين شبه عسكرين، كانوا يعملون في الدواوين الحكومية، ويتم استدعاؤهم للمشاركة في بعض المعارك التي خاضها الإخوان في الجنوب والحروب الأهلية الأخرى في جنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرها من المناطق".
وأكد الباحث في الإسلام السياسي أن هذه الميليشيات التي يحتفظ القيادي الإخواني علي كرتي بعلاقة قوية معها، قادرة على إشعال النار في المجتمع السوداني، مضيفًا: "عندما كان الاتجاه لتسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، توعدت تلك القوات بإشعال حريق في كل أنحاء السودان، إذا تم تسليم الرئيس المخلوع، مما يعني أنهم موجودون لكنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للتنفيذ مخططهم".
"داعش" يراقب
سيناريو آخر لا يقل خطورة عن سابقه، بحسب عمرو عبدالمنعم الذي قال إنه "إذا لم تتمكن قوات الدفاع الشعبي الإخوانية من الوصول إلى الحكم، واستمرت الأوضاع في نزاع مسلح دون حل، فمن المتوقع أن تقتحم الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش وتنظيم القاعدة الحدود الغربية السودانية؛ لإعادة تمركزهم في أي منطقة جغرافية، واستكمال مشروعهم في إقامة الخلافة الإسلامية المزعومة أو على الأقل التجهيز لإقامة غرفة أفريقية قوية يتابعون منها عملياتهم في وسط وشرق إفريقيا".
وأشار إلى أن السودان تحيطه 7 دول تعاني من هشاشة أمنية، وضعف حضور مؤسسات الدولة: جنوب السودان، إريتريا، تشاد، أفريقيا الوسطى، ليبيا، فيما الدولة الوحيدة القوية في شمال السودان هي مصر، مؤكدًا أن عناصر الجماعات الإرهابية -الذين تقدر أعدادهم بالآلاف- منتشرون في منطقة بحيرة تشاد ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، ونيجيريا، ومنطقة الساحل والصحراء، بعد استعادة قدرتهم على التجنيد وضم عناصر من جماعات متطرفة محلية.
فوضى شاملة
في السياق نفسه، قال الكاتب والباحث في الإسلام السياسي عمرو فاروق، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن مستقبل السودان بات على المحك؛ فالوضع الأمني المتدهور وامتلاك السودان لمساحات حدودية طويلة ومع دول متعددة عطفًا على امتلاكه لثروات معدنية مثل الذهب، سيدفع العديد من المرتزقة والميليشيات المسلحة والقبائل والجماعات الإرهابية للدخول في فوضى عسكرية شاملة وواسعة لسرقة ونهب مقدرات البلاد.
وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، أن المعارك الدائرة وضعف السيطرة الأمنية في السودان ذي التضاريس المتنوعة ما بين صحراء وغابات، وبحدوده الممتدة مع سبع دول، تسمح بتسلل مجموعات مسلحة إرهابية لتستقر وتصنع مرتكزًا إرهابيًا لها في المنطقة.
وتابع: الجماعات الإرهابية ليست وحدها من يضع عينيها على ما يحدث في السودان، بل إن المرتزقة من جنسيات متعددة، ستحاول التمركز لسرقة ونهب خيرات السودان الذي ينتشر فيه معدن الذهب ويعد منجمًا تاريخيًا له".
ويرى فاروق أن "دخول الجماعات والميليشيات سيدفع القبائل السودانية إما للانحياز لميليشيا بعينها أو أن تصنع ميليشيا لنفسها"، مشددًا على ضرورة "إنهاء النزاع المسلح فورًا، وإلا سيتجه السودان إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وستشتعل حرب بين القبائل والجماعات والميليشيات الجهوية، ستؤدي إلى استنزاف السودان حتى آخر جرام ذهب".
سياسة الارض المحروقة
بدوره، قال الكاتب والباحث في الإسلام السياسي هشام النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الإخوان "الكيزان" أشعلوا نارًا في السودان لن يتمكنوا من إطفائها، مشيرًا إلى أن "حقدهم على الشعب الذي أسقطهم من الحكم كان الدافع وراء إشعال تلك الحرب".
وحذر من أنه إن "لم يسارع العقلاء في إطفاء تلك الحرب فإنها ستلتهم الجميع، وستحول السودان إلى نقطة ارتكاز خطيرة على أمن المنطقة، تتجه إليها أنظار الجماعات الإرهابية المتطرفة في أفريقيا".
وأوضح الباحث في الإسلام السياسي، أن "تنظيم الإخوان المستفيد الوحيد من الاشتباكات المسلحة التي تدور الآن في السودان، فيما الشعب السوداني المتضرر منها".
وحول أسباب إشغال الإخوان ذلك النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قال الباحث في الإسلام السياسي: إن ذلك يعود لأسباب عدة؛ أولها "أن يتذكر الناس أيام البشير، التي كانوا فيها أكثر أمانًا"، فيما ثانيها: "إنهاك قوى الطرفين، مما يسمح للكيزان بالقفز مرة أخرى على الحكم بمساعدة التنظيم الدولي للإخوان، والإسلاميين المسلحين، سواء في الميليشيات أو في الجيش".
أما السبب الثالث -بحسب الباحث في الإسلام السياسي- فيتمثل في: تطبيق سياسة الأرض المحروقة، بهدم الدولة إذا لم يصلوا للحكم؛ مما يجعل المواطن يشعر بالحسرة على أيام كان يحكم فيها تنظيم الإخوان والنظام السابق".