حضارة الأندلس.. بصمة عربية خالدة في قلب أوروبا
تعبيراً عن إيمانها الراسخ بحتمية الانفتاح على الحضارات والتلاقي بين الثقافات والأديان، أطلقت دولة الإمارات مبادرة "الأندلس تاريخ وحضارة".
يرعى هذه المبادرة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وينظمها مركز جامع الشيخ زايد الكبير والأرشيف والمكتبة الوطنية.
وتستمر فعاليات المبادرة بالاشتراك مع المملكة الإسبانية على مدار 6 أشهر، تسلط خلالها الضوء على الحضارة الأندلسية.
فسيفساء حضارية
على مدار 800 سنة، عاش سكان الأندلس أزهى عصورهم على مختلف الأصعدة، وهذا في ظل تنوع العقائد التي جمعت ما بين الإسلام والمسيحية واليهودية، بخلاف تعدد الثقافات بوجود العرب والإفرنج والبربر والقوط.
بلوغ النجاحات وتحقيق التأثير المشهود بمختلف المجالات، ازدهر بفتوحات القائد العسكري طارق بن زياد، التي بدأها في عام 711 ميلاديًا، وظل يتقدم بالجيش الإسلامي حتى بسط سيطرته على الأندلس كاملة في سنة 726، وتشكلت معالم الدولة التي يحدها من الشمال قشتالة لامانشا وإكستريمادورا، والبحر المتوسط من الجنوب الشرقي، والمحيط الأطلسي من الجنوب الغربي، والبرتغال غربا، ومورسيا شرقا.
ويعتبر الفتح الإسلامي استكمالا لـ3 عصور سابقة في الأندلس، بدأت بالفينيقيين الذي اكتشفوا هذه البلاد، تلاهم الرومانيون، وتبعهم القوطيون، إلى أن وطأت أقدام المسلمين فيها.
وقسم المسلمون الأندلس إلى 5 دويلات لتيسير حكمها، وهي طليطلة وأشبيلية وقرطبة وسرقسطة وغرناطة.
ثقافة وأدب وفنون في بلاد الأندلس
تنوع الثقافات والعقائد في الأندلس، لعب دوراً في ازدهار المجالات كافة، فعلى الصعيد الأدبي، يقول الأديب المصري مصطفى صادق الرافعي في كتابه "تاريخ آداب العرب": "وجد العرب في الأندلس حضارة ممهدة وسبيلاً مطروقة إلى الفنون الدقيقة والجمال الطبيعي، وجاءهم بعد ذلك من بني أمية أمراء الحضارة الشرقية ومنافسو العباسيين فيها، كان رأسهم في ذلك عبدالرحمن الداخل الذي بدأ في بناء جامع قرطبة الأعظم والقصر الكبير، الذي كان في الأبنية كأنه قصيدة في الشعر".
وازدهرت المؤسسات الثقافية في هذه الحقبة بالأندلس، فكان للمكتبات ظهور جلي ودور مؤثر في نشر العلم على أوسع نطاق ممكن.
وكشف الباحث المصري الدكتور رضا سعيد مقبل، في كتابه "تاريخ المكتبات في الأندلس"، أن الأندلس شهدت في هذه الفترة مكتبات مختلفة، ما بين العامة والخاصة والخلافية والملحقة بالمدارس والمساجد.
انتشار هذه الصروح الثقافية، عزز في نفس الأندلسيين رغبة في جمع واقتناء الكتب، حتى كان العمل في هذه الأماكن بمثابة وظائف كبرى في الدولة.
هذا المناخ نتج عنه خروج عدد كبير من الفقهاء والعلماء والأدباء والفنانين، منهم على سبيل المثال لا الحصر عباس بن فرناس، وابن رشيق القيرواني، وابن زيدون، وزرياب الذي لعب دوراً مؤثراً في الموسيقى.
معالم أثرية خالدة
حالة الازدهار التي شهدتها الأندلس على الصعيد العلمي والأدبي، انعكست على مستوى الإنشاءات في هذا العصر، الذي تعددت فيه أفخم القصور والمساجد والقلاع، التي ما زالت تبهر الزوار حتى العصر الحديث.
من بين هذه الإنشاءات قصر الحمراء في غرناطة، وقصر مدينة الزهراء، وبرج الخيرالدة في أشبيلية، وقصبة ملقا، ومسجد باب المردوم في طليطلة، وغيرها الكثير.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMTM0IA== جزيرة ام اند امز