تناحر مليشيات الغرب الليبي.. هل تعود البوصلة لمخرجات برلين؟
تناحر مليشيات الغرب الليبي يرفع منسوب الرعب بصفوف السكان ويعيد الأنظار لمخرجات مؤتمر برلين القاضية بنزع سلاحها وإخراجها من المدن.
اشتباكات باتت تندلع لأي سبب في العديد من المدن من بينها طرابلس والزاوية وصرمان، تجدد طرح المسار العسكري، وسط تحذيرات من أن الانحراف عن طريق الحل وتجاهل طبيعة الازمة الحقيقية الأمنية، يشكل سببا رئيسيا في استفحالها وتوغل المليشيات بالدولة وتعميق جراح المواطنين.
والأسبوع الماضي، شهدت عدة مدن في الغرب الليبي اشتباكات بين المليشيات، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال، إضافة إلى تدمير ممتلكات عامة وخاصة.
ورعت ألمانيا مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا في 19 يناير/ كانون الثاني 2020، والذي حدد ثلاثة مسارات سياسية واقتصادية وأمنية لإنهاء أزمة ليبيا، أفضت بدورها إلى تشكيل سلطة تنفيذية موحدة ووقف إطلاق النار، إلا أن الوضع في ليبيا بدأ يتراجع مع عودة الانقسام السياسي والاشتباكات بين المليشيات.
ضغط دولي
المحلل السياسي الليبي، وليد مؤمن الفارسي، يرى أن المشهد الليبي بعد الاشتباكات الأخيرة متعثر، وهو أمر ليس بجديد في ظل وجود هذه المليشيات وفقدان مؤسسات الدولة السيطرة على طرابلس المخطوفة، وسيظل الوضع على ما هو عليه إلى حين العودة لمقررات برلين بحلها وتفكيكها ونزع سلاحها.
ويقول الفارسي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الأزمة ليست أزمة داخلية ولكن تقودها أطراف دولية ولا بد من إيجاد تيار تغيير وطني لإنهائها خاصة مع الانقسام السياسي الحاصل، وعدم وجود مصارحة ومصداقية بين الأطراف لإنهائها، والشخصنة المصلحية للأطراف.
ونوه إلى ضرورة الذهاب إلى الانتخابات لتجديد شرعية الأجسام وإخراج قيادات منتخبة للمشهد الليبي، مستدركا أنه في ظل تشبث الموجودين في السلطة يبقى من الصعب الاقتناع بأن مقررات برلين سيتم تنفيذها.
وبحسب الخبير، يتساءل الليبيون عن قدرة المبعوث الأممي الجديد السنغالي عبدالله باتيلي لقيادة الجهود الأممية وحل المشكلات والعثرات الحالية للأزمة، كما أنه غير معلوم كيف يمكن أن تجرى الانتخابات في ليبيا مع وجود هذه المليشيات خاصة في الغرب الليبي التي قد تهدد إجراء الاقتراع وتنقلب على نتائجه.
وأشار إلى ضرورة إيجاد ضغط دولي على مجلس النواب وما يعرف بـ"المجلس الاستشاري" لإنهاء القاعدة الدستورية للانتخابات، خاصة مع تعنت تنظيم الإخوان، وهو ما يهدد بالعودة للمربع الأول في النقاط الخلافية.
مخرجات ملزمة
يتفق رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أحمد عبدالحكيم حمزة، مع أهمية العودة إلى مسارات برلين لحل الأزمة الليبية، مؤكدا أنه كان لزاما على المجلس الرئاسي الليبي والحكومة الالتزام بمخرجات مؤتمري برلين 1 و2 والاتفاق السياسي، والمدعومة بقرارات مجلس الأمن في الخصوص.
وقال، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن لا بد من العودة إلى الالتزامات والتعهدات خاصة تجاه أولويات المرحلة والتي من بينها تحقيق الأمن والاستقرار من خلال حل وتفكيك الجماعات المسلحة والتسريح وإعادة الإدماج وإعادة هيكلة وإصلاح قطاع الأمن، وضمان إنهاء الإفلات من العقاب ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون.
وأردف أنه "-للأسف - ما نراه عكس هذه التعهدات والضمانات والالتزامات والمقررات، التي تلزم هذه الكيانات بمسؤولياتها تجاه ضمانات تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المواطنين وممتلكاتهم، وتحقيق أدنى مستويات الأمن والاستقرار في إطار التهيئة للانتخابات، إلا أنه حدث الكثير من أعمال العنف سواء قبل أو بعد موعد الانتخابات المؤجلة.
ولفت إلى أن ليبيا تقف على أعتاب نهاية عام 2022 دون أي شكل من أشكال التحسن أو المعالجة للوضع الأمني المتأزم، وهو ما يدل على فشل السلطات في تحقيق الأمن والالتزام بتحسين الوضع الأمني والإنساني والمعيشي للمواطنين.
أزمة أمنية
من جهته، يرى الحقوقي والسياسي الليبي عبدالله الخفيفي، أن الأزمة في ليبيا حقيقتها أمنية وعسكرية وليست سياسية، نتيجة انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة والانحراف عن مسارات الحل التي اتفق عليها الليبيون والمجتمع الدولي في مؤتمر برلين.
وقال الخفيفي لـ"العين الإخبارية"، إنه لا بد من العودة لمخرجات برلين ومسارات الحل خاصة المسار الأمني والعسكري المتمثل في اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 والتي وقعت اتفاق وقف إطلاق النار وحققت تقدما كبيرا في هذا المضمار.
وتابع أنه لا بد من تنفيذ كل ما اتفقت عليه اللجنة العسكرية خاصة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وحل المليشيات ونزع سلاحها وإخراجها من المدن وإعادة تأهيل ودمج من يصلح من منتسبيها، وتوحيد المؤسسة العسكرية لتقوم بهذا الدور المنوط بها.
وأشار إلى أن تعطل هذا المسار نتيجة لإهماله من قبل بعض الأطراف الداخلية والخارجية ورفض الآخرين لها، لتعارض المصالح بين مخرجاتها وهذه الأطراف الرافضة، وكذلك غياب دور أممي حقيقي يدعم اللجنة والتي لم تقم في الفترة السابقة سوى بعقد اجتماعات شكلية لها لمتابعة أعمالها وليس لتقديم مقترحات حقيقية أو دعم في سبيل الحل.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg
جزيرة ام اند امز