تصنيف أمني وقيود سفر.. أمريكا تعيد صياغة علاقاتها مع العالم

تحركات مكثفة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعكس توجهاً متزايداً نحو إعادة رسم الخريطة السياسية العالمية، تعمد إلى تصنيف الدول وفق معايير أمنية واستراتيجية تضعف مفهوم التحالفات التقليدية وتكرّس انقسامات جديدة تزيد من الاستقطاب الجيوسياسي في العالم.
في هذا السياق، صنّفت وزارة الطاقة الأمريكية كوريا الجنوبية «دولة حساسة»، في خطوة تعكس المخاوف من احتمال تطوير سول قدرات نووية، لا سيما بعد فرض رئيسها الموقوف عن العمل الأحكام العرفية لفترة وجيزة.
- بسبب «التنسيق المفقود».. مباحثات حماس «تفخخ» علاقة أمريكا وإسرائيل
- «الحلفاء ضاقوا ذرعا».. لقاء غير مسبوق لقادة 34 جيشا دون أمريكا
هذا القرار يضع كوريا الجنوبية في خانة الدول التي تخضع لمراقبة خاصة رغم شراكتها التاريخية مع واشنطن.
في الوقت نفسه، تبحث إدارة ترامب فرض قيود سفر واسعة النطاق على عشرات الدول، ما يعزز تقسيم العالم إلى مناطق خاضعة لسياسات انتقائية مشددة.
وتشمل الإجراءات تصنيف قرابة 41 دولة لـ3 فئات، الأولى تشمل تعليقًا كاملًا للتأشيرات مثل إيران وكوريا الشمالية وسوريا، والثانية تعليقًا جزئيًا مثل إريتريا وميانمار، فيما تواجه مجموعة ثالثة خطر فرض قيود مستقبلية ما لم تعالج أوجه القصور الأمنية.
تصنيف كوريا.. خلفيات القرار
أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية تصنيف كوريا الجنوبية «دولة حساسة»، في خطوة تزامنت مع أزمة سياسية داخلية في سول وتزايد الحديث عن احتمال تطويرها لأسلحة نووية.
جاء هذا التصنيف بعد فترة وجيزة من فرض الرئيس الكوري الجنوبي، الموقوف حاليًا، الأحكام العرفية لفترة قصيرة، وسط مخاوف متزايدة بشأن التزام واشنطن بأمن سول.
ووفقًا لوزارة الطاقة الأمريكية، فقد أُضيفت كوريا الجنوبية إلى القائمة في يناير/كانون الثاني الماضي خلال الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس السابق جو بايدن، دون توضيح الأسباب المباشرة لهذه الخطوة.
كما لم يشر البيان إلى أي نية للرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، لإلغاء القرار. وأكدت الوزارة أن التصنيف الجديد لا يفرض أي قيود إضافية على التعاون بين البلدين في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
وذكرت تقارير إعلامية أن هذا التصنيف سيدخل حيز التنفيذ في 15 أبريل/نيسان.
وفي أول رد فعل رسمي، أكدت وزارة الخارجية في سول أنها تأخذ القرار على محمل الجد، وأنها تجري مشاورات مكثفة مع واشنطن بشأنه.
أسباب التصنيف وتأثيره
وتُدرج وزارة الطاقة الأمريكية دولًا في قائمتها «للدول الحساسة» استنادًا إلى معايير تتعلق بالأمن القومي، ومنع انتشار الأسلحة النووية، ومكافحة الإرهاب.
ووفقًا لوثيقة صادرة عام 2017 ومنشورة على موقع الوزارة، فإن القائمة تضم الصين وتايوان وإسرائيل وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، حيث تُصنَّف إيران وكوريا الشمالية على أنهما «دول إرهابية».
ويأتي تصنيف كوريا الجنوبية في ظل استمرار الجدل حول إمكانية امتلاكها أسلحة نووية، حيث كان الرئيس الموقوف عن العمل، يون سوك يول، ووزير دفاعه السابق، كيم يونج هيون، قد أثارا احتمال اضطرار سول إلى تطوير ترسانة نووية، نظرًا للتهديد الذي يشكله برنامج الأسلحة الكوري الشمالي، ولوجود مخاوف بشأن التزام أمريكا بالدفاع عن حلفائها.
إلا أن يون تراجع عن موقفه لاحقًا بعد مفاوضات مع بايدن، أفضت إلى اتفاقية عام 2023، التي تضمن إحاطة واشنطن لسول بخططها للردع النووي في المنطقة، مقابل تجديد كوريا الجنوبية التزامها بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية، والالتزام بمعاهدة حظر الانتشار النووي.
شكوك حول التزام أمريكا
رغم الاتفاقية، لا تزال بعض الأوساط السياسية في كوريا الجنوبية تشكك في مدى التزام أمريكا بأمن سول، خاصة في ظل السياسات المتغيرة من إدارة إلى أخرى.
ومؤخرًا، صرّح وزير الخارجية الكوري الجنوبي، تشو تاي يول، أن خيار امتلاك الأسلحة النووية «ليس مستبعدًا تمامًا»، ما يعكس استمرار الجدل حول المسألة داخل البلاد.
وبينما قد يكون إدراج كوريا الجنوبية في القائمة مرتبطًا بعوامل أمنية أو استراتيجية، إلا أنه لا يعني بالضرورة تدهور العلاقات بين سول وواشنطن. ومع ذلك، فإن هذه الخطوة قد تثير قلق الحكومة الكورية الجنوبية وتدفعها إلى إعادة تقييم سياساتها الدفاعية وعلاقاتها مع الولايات المتحدة في المستقبل.
حظر سفر جديد.. قيود أوسع
في سياق آخر، تدرس إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض قيود سفر جديدة على مواطني عشرات الدول، ضمن توسيع محتمل لحظر السفر السابق.
ووفقًا لوثيقة رسمية حصلت عليها وكالة «رويترز»، فإن الحظر المقترح يشمل ثلاث فئات من الدول، تتراوح بين تعليق كامل للتأشيرات، وتعليق جزئي، ودول مرشحة لتعليق جزئي ما لم تعالج أوجه القصور.
وبحسب مسؤول أمريكي رفض الكشف عن هويته، فإن القائمة لا تزال قيد الدراسة، ومن المتوقع أن تخضع لمراجعة نهائية من الإدارة، بما في ذلك وزير الخارجية ماركو روبيو.
تفاصيل الحظر المحتمل
تعليق كامل لتأشيرات:
أفغانستان
كوبا
إيران
ليبيا
كوريا الشمالية
الصومال
السودان
سوريا
فنزويلا
اليمن
تعليق جزئي للتأشيرات (يشمل تأشيرات السياحة والدراسة وبعض الفئات الأخرى):
إريتريا
هايتي
لاوس
ميانمار
جنوب السودان
دول مرشحة لتعليق جزئي ما لم تعالج أوجه القصور:
أنغولا
أنتيغوا وباربودا
روسيا البيضاء
بنين
بوتان
بوركينا فاسو
الرأس الأخضر
كمبوديا
الكاميرون
تشاد
جمهورية الكونغو الديمقراطية
الدومينيك
غينيا الاستوائية
غامبيا
ليبيريا
مالاوي
موريتانيا
باكستان
جمهورية الكونغو
سانت كيتس ونيفيس
سانت لوسيا
ساو تومي وبرينسيب
سيراليون
تيمور الشرقية
تركمانستان
فانواتو
تداعيات
ووفق «رويترز» تعكس سياسة ترامب تجاه كوريا الجنوبية وقضية حظر السفر نهجًا أكثر تحفظًا في التعامل مع الملفات الدولية الحساسة، لا سيما فيما يتعلق بالأمن القومي والهجرة، في وقت تزداد فيه التوترات العالمية، سواء بسبب التهديدات الأمنية أو الصراعات السياسية والدبلوماسية.
وبينما لا يشير تصنيف كوريا الجنوبية «كدولة حساسة» إلى علاقة عدائية مباشرة مع واشنطن، إلا أنه قد يثير القلق في سول حول مدى التزام أمريكا بحماية حلفائها.
في المقابل، فإن توسيع نطاق حظر السفر قد يؤدي إلى تداعيات دبلوماسية أوسع، حيث من المحتمل أن تواجه إدارة ترامب انتقادات من الدول المتضررة، فضلًا عن منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي.
aXA6IDE4LjIyMS44NS4yMzYg جزيرة ام اند امز