ورطة مناخية.. إيرلندا صريعة توابع الاحتباس الحراري
ترتفع كثافة هطول الأمطار في إيرلندا، بنسبة 8.2% لكل ارتفاع بمقدار درجة مئوية واحدة في درجة حرارة السطح العالمية.
ومن ثمَّ، فإن ذلك الوضع يمهد بأن إيرلندا في ورطة لأن تغير المناخ أصبح الآن يفرض عليها بقوة، مع ارتفاع خطر الفيضانات في مدنها وقراها والبؤس والدمار الذي يصاحبها.
تغير المناخ في إيرلندا
على الرغم من أن أيرلندا دولة صغيرة ذات عدد قليل من السكان، إلا أن انبعاثات غازات الدفيئة لكل شخص هي من بين أعلى المعدلات في أي بلد في العالم، وفقًا لوكالة حماية البيئة (EPA) فقد تم بالفعل رؤية آثار ظاهرة الاحتباس الحراري في إيرلندا.
إذا استمر تغير المناخ بهذا المعدل المرتفع، فمن المرجح أن تتأثر إيرلندا بما يلي:
- سترتفع درجة حرارة الهواء بمقدار 1.5-2 درجة بحلول عام 2080.
- سيزداد هطول الأمطار في الشتاء وينخفض في الصيف.
- ارتفاع درجات حرارة البحر بمقدار درجتين بحلول نهاية القرن، مما يسبب عواصف شديدة وعنيفة.
ونتيجة لذلك؛ تم تصنيف إيرلندا بين الدول المتقدمة الأسوأ أداءً في مجال العمل المناخي سواء في الاتحاد الأوروبي أو على مستوى العالم. في عام 2020 صنف مؤشر أداء تغير المناخ (CCPI) إيرلندا في المرتبة 39 من بين 57 دولة عندما يتعلق الأمر بالاستجابة لأزمة المناخ.
علاوة على ذلك، على مدى السنوات القليلة الماضية، قدمت الحكومة الإيرلندية وعودًا فيما يتعلق بالعمل المناخي وقدمت سياسات وتشريعات جديدة. وفي عام 2019 أصبحت إيرلندا ثاني دولة في العالم تعلن "حالة الطوارئ المناخية".
ومن المقرر أن تقوم الحكومة بتحديث إطار التكيف الوطني الذي مضى عليه خمس سنوات. هذه هي الوثيقة التي تحدد خطة العمل للاستثمار في الدفاعات ضد الفيضانات، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من التدابير الأخرى لضمان قدرة البلاد على التعايش مع التحديات التي سيجلبها تغير المناخ.
- إيرلندا ملتزمة بتحقيق أهدافها المناخية.. لكن بطريقة "مؤلمة"
- خفض «ملوثات الهواء قصيرة الأجل».. أسرع الحلول للحد من الاحترار العالمي
هل تحرز إيرلندا أي تقدم؟
تسعى إيرلندا إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة لتخفيف حدة التغيرات المناخية؛ حيث تضاعف استخدامها لطاقة الرياح منذ عام 2010، ويتم التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري، وفقًا لمراجعة الأداء البيئي لإيرلندا لعام 2021 من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية).
وهذه خطوة إيجابية، ولكن للأسف هذه الزيادة في الطاقة المتجددة لا تعني أنها تحقق أهدافها. فوفقا لهيئة الطاقة المستدامة في إيرلندا (SEAI)، حققت إيرلندا هدف الطاقة المتجددة للاتحاد الأوروبي لعام 2020 فيما يتعلق بالكهرباء، لكنها لم تحقق أهدافها فيما يتعلق بالنقل والبنية التحتية. وهذا يعني أنها لم تنجح في تحقيق هدفها الإجمالي المتمثل في توفير 16% من إجمالي الطاقة القادمة من مصادر متجددة بحلول عام 2020، ومن ثمَّ احتلت المرتبة الأخيرة من بين 28 دولة أوروبية في أهداف الطاقة المتجددة. وبينما تحقق البلاد أداءً جيدًا فيما يتعلق بالكهرباء، فإنها تحقق أداءً سيئًا في قطاعات أخرى مثل النقل والبيئة المبنية.
مؤشرات المناخ القياسية
يفحص تقرير ICARUS القياسية التفصيلية المتعلقة بالطقس من مجموعة واسعة من محطات الأرصاد الجوية البرية في جميع أنحاء البلاد على مدار الـ150 عاما الماضية، بهدف استخدام هذه الملاحظات لإنشاء مجموعة من المؤشرات القياسية لتحديد التغييرات التي حدثت في هطول الأمطار والاحترار.
ويوصف أحد هذه المؤشرات بأنه "مؤشر كثافة يومية للأمطار"، والذي يُشير إلى كمية الأمطار التي تهطل كل عام مقسومة على عدد الأيام، وكلما ارتفع هذا المؤشر كلما زادت كثافة هطول الأمطار، وتظهر النتائج أن هناك علاقة مذهلة للغاية بين ارتفاع درجات الحرارة العالمية وهطول الأمطار في إيرلندا.
وعلى وجه التحديد، ترتفع كثافة هطول الأمطار في إيرلندا بنسبة 8.2% لكل ارتفاع بمقدار درجة مئوية واحدة في درجة حرارة السطح العالمية.
وقد ارتفع بالفعل متوسط درجة حرارة سطح الأرض بمقدار 1.1 درجة منذ عصور ما قبل الصناعة. لذلك وفقًا لهذا التقرير فإن شدة هطول الأمطار التي شهدتها البلاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي والدمار الذي أحدثه في ميدلتون يمكن أن يكون متساويًا في الدورة. هذا ما خلص إليه خبراء المناخ في مركز أبحاث المناخ إيكاروس في جامعة ماينوث بعد تحليل مفصل للغاية للملاحظات التاريخية من محطات الأرصاد الجوية في جميع أنحاء البلاد.
على سبيل المثال، يُظهر تحليل ICARUS أن كثافة هطول الأمطار في محطة الطقس كيلكيني-لافستاون تتزايد بمعدل 13.7% لكل درجة مئوية واحدة من الاحتباس الحراري. وتم تحديد Roches Point على وجه التحديد في تقرير ICARUS باعتبارها إحدى محطات الأرصاد الجوية التي تحمل بصمات تغير المناخ في كل مكان، وترتفع نسب هطول الأمطار بها بنسبة 11.9٪ لكل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في درجة الحرارة العالمية.
هذا، ويكشف هذا التقرير أن هطول الأمطار في فصل الشتاء يرتفع بنسبة 25.2% لكل درجة مئوية من الاحتباس الحراري.
ومن بين 903 مؤشرات مناخية تم تحليلها عبر الدراسة، يُظهر 37% منها ظهور ظروف يمكن أن نعتبرها على الأقل 'غير عادية' مقارنة بالمناخ الصناعي أو الطبيعي المبكر.