قمة الطموح المناخي.. 3 مسارات و5 إجراءات لإنقاذ الكوكب
يرى كثير من الخبراء أن مفتاح معالجة التغيرات المناخية، التي دفعت كوكب الأرض إلى مرحلة الغليان، يكمن في تسريع الانتقال للطاقة المتجددة.
تشير تقارير وكالات الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية إلى أن السبب الرئيسي وراء التغيرات المناخية، التي تعصف بأنحاء متفرقة من العالم، وتهدد مقومات الحياة على كوكب الأرض، يرجع في الأساس إلى تزايد اعتماد البشر على الوقود الأحفوري، منذ بداية عصر الثورة الصناعية الثانية، في النصف الثاني من القرن الـ19.
وفي ضوء ما أظهره التقييم الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، بضرورة العمل الجماعي من أجل تسريع الانتقال لاستخدامات الطاقة المتجددة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى عقد مؤتمر "قمة الطموح المناخي" لعام 2023، في مقر المنظمة بمدينة نيويورك، يوم 20 سبتمبر/ أيلول المقبل.
وبينما تعتبر الهيئة، التابعة للأمم المتحدة، أن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ أصبحت واقعاً على نطاق واسع، وأن الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري ما زالت عند مستويات قياسية، فقد أكدت حتمية العمل على تخفيضات فورية وعميقة في مستويات الانبعاثات، على مدار العقود الثلاثة المقبلة، للحد من الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية.
ويلفت تقييم (IPCC) الأنظار إلى واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً، تتمثل في أن شعوب الدول الأقل مسؤولية عن أزمة تغير المناخ هم الأكثر معاناة من تأثيراتها السلبية، ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة للتكيف والتعافي من الخسائر والأضرار الناجمة عنها، مما يؤكد أن قضية العدالة المناخية تتطلب حشد جهود الحكومات والمؤسسات المالية الدولية.
وتهدف قمة الطموح المناخي، التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة، إلى تسريع العمل الجماعي من قبل الحكومات، والمؤسسات التجارية والمالية، والسلطات المحلية، ومنظمات المجتمع المدني، من أجل الانتقال العادل إلى اقتصاد عالمي أكثر إنصافاً، يقوم على الطاقة المتجددة، وبناء مستقبل أكثر قدرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية.
3 مسارات مترابطة لقمة الطموح المناخي
ووفق ما أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، من المقرر أن ترتكز قمة الطموح المناخي، في 20 سبتمبر/ أيلول المقبل، على 3 مسارات مترابطة لتسريع الانتقال للطاقة المتجددة، وهي (الطموح والمصداقية والتنفيذ)، ومن المتوقع، بحسب المسار الأول، أن يقدم قادة الدول، خاصةً المتسببة في النسبة الأكبر من الانبعاثات، تقارير المساهمات المحددة وطنياً حتى عام 2030.
وفي ضوء ما تم الاتفاق عليه في قمة غلاسكو بالمملكة المتحدة (COP-26) في عام 2021، يجب أن تتضمن التقارير الطوعية مجموعة من الأهداف أكثر طموحاً بشأن "صافي انبعاثات صفر"، وخطط الانتقال للطاقة المتجددة، مع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تعهدات مالية لدعم الصندوق الأخضر للمناخ، وخطط اقتصادية شاملة للتكيف والصمود.
ويشير بيان لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، تلقته "العين الإخبارية"، إلى أنه من المتوقع أن تشهد قمة الطموح المناخي دعوة كافة الدول صاحبة النسبة الأكبر من الانبعاثات، وفي مقدمتها حكومات مجموعة العشرين، إلى تقديم مساهمات محددة وطنياً أكثر طموحاً على المستوى الاقتصادي، بحلول عام 2025، تتضمن تخفيضات مطلقة في انبعاثات جميع الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وفيما يتعلق بالمسار الثاني، من المتوقع أن تقدم الأطراف المختلفة، بما فيها قادة الشركات والمدن والمؤسسات المالية، خططاً انتقالية تتوافق معايير المصداقية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، تتضمن تعهدات طوعية بشأن صافي انبعاثات صفر، وخطط انتقال عادل للطاقة المتجددة، والتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، والالتزام بدعم العمل المناخي القائم على العلم.
أما المسار الثالث، الخاص بالتنفيذ، يتضمن تقديم قادة الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية، والمؤسسات المالية والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، شراكات تنفيذ قائمة أو ناشئة، لمواجهة التحديات والفرص المتعلقة بتسريع إزالة الكربون من القطاعات مرتفعة الانبعاثات، وفي مقدمتها قطاع الطاقة، ولدعم تحقيق العدالة المناخية، من خلال إصلاح النظام المالي الدولي، وأنظمة الإنذار المبكر، والتكيف، والخسائر والأضرار.
5 إجراءات لتسريع التحول للطاقة المتجددة
ومع تزايد الأحداث المناخية المتطرفة، وتسارع وتيرتها، وما ينجم عنها من تداعيات مأساوية طويلة الأمد، يرى كثير من الخبراء أن مفتاح معالجة الأزمة يعتمد على قدرة البشر على التوقف عن استخدامات الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري، وتسريع الانتقال للطاقة المتجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، التي تتوافر بسهولة، وعادةً ما تكون أقل تكلفة من المصادر الأخرى.
وتعتمد خطة تسريع التحول إلى استخدامات الطاقة المتجددة، التي من المتوقع أن يتم عرضها على قمة الطموح المناخي، الشهر المقبل، على 5 إجراءات حاسمة، دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة، معتبراً أنه "بدون مصادر الطاقة المتجددة، لا يمكن أن يكون هناك مستقبل".
وتشمل هذه الإجراءات جعل تكنولوجيا الطاقة المتجددة منفعة عامة عالمية بحيث تكون متاحة للجميع، وتحسين الوصول إلى المكونات والمواد الخام اللازمة لتكنولوجيات الطاقة المتجددة عبر العالم، وتحقيق تكافؤ الفرص وتحفيز استثمارات القطاع الخاص فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، إضافة إلى تحويل الدعم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، فضلاً عن زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة بمقدار 3 أضعاف، بما لا يقل عن 4 تريليونات دولار سنوياً حتى عام 2030.