تزامنا مع يوم الصحة في «COP28».. «العين الإخبارية» ترصد تأثيرات «القاتل الصامت»
يؤدي تغير المناخ إلى تدهور الصحة والوفيات، وفقًا لتقرير مجلة لانسيت للعد التنازلي لعام 2023 بشأن الصحة وتغير المناخ.
واليوم الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، ستستضيف قمة الأمم المتحدة للمناخ COP28 في دبي يوما مخصصا لمعالجة الآثار الصحية لتغير المناخ، وهو الأول من نوعه لمؤتمر الأطراف، وسيحضر المحادثات أكثر من 50 وزير صحة، ومن المتوقع أن تعلن فيها البلدان عن التزاماتها المالية التي تعطي الأولوية للصحة.
وبالتزامن مع الاجتماع، قبل الاجتماع، تنقل"العين الإخبارية" تحذيرات الخبراء بشأن الطرق الرئيسية التي يُلحق بها هذا "القاتل الصامت" الضرر بصحة الإنسان.
موجات الحر القاتلة
ويقول وينغيا كاي، الباحث في مجال المناخ والصحة، من جامعة تسينجهوا ببكين في تقرير نشره موقع مجلة "نيتشر": "يموت الناس بسبب موجات الحر الناجمة عن تغير المناخ كل عام، حيث تزيد درجات الحرارة المرتفعة من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وضربة الشمس، فعندما لا يستطيع الجسم تنظيم درجة حرارته من خلال التعرق، هذا يمكن أن يؤدي إلى فشل العديد من الأعضاء والموت".
ومن بين الأشخاص الأكثر عرضة للحرارة الشديدة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، ويكافح كبار السن من أجل تبريد أنفسهم لأن الغدد العرقية لديهم أقل حساسية للإشارات الكيميائية الواردة من الدماغ، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية
ويقدر تقرير لانسيت، الذي نُشر في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، أنه في أفريقيا، زادت نسبة وفيات الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما بسبب الحرارة الشديدة بنسبة 11 %، خلال الفترة 2017-2022 مقارنة بالفترة الأساسية 2000-2005 ، وكانت الزيادة المعادلة في أوروبا 8.8% و7% في أمريكا الجنوبية والوسطى خلال نفس الفترة الزمنية.
ويضيف كاي أن الرضع الذين تقل أعمارهم عن عام واحد معرضون بشدة أيضًا لمخاطر الحرارة الشديدة، لأن الأنظمة التي تنظم درجة حرارة الجسم لم يتم تطويرها بشكل كامل بعد.
موطن الملاريا
ويساهم الاحتباس الحراري في انتشار الأمراض المعدية إلى مناطق جديدة، ولنأخذ على سبيل المثال الملاريا، التي تسببها الطفيليات Plasmodium falciparum وP. vivax ، والتي تنتقل إلى البشر عندما يلدغ بعوض الأنوفيلة الحامل للطفيلي البشر، يزدهر البعوض في درجات الحرارة الدافئة ويضع بيضه في المياه الراكدة.
وقدر علماء المناخ والصحة راشيل لوي ومارتن لوتو باتيستا في مركز الحوسبة الفائقة ببرشلونة في إسبانيا أن ما يقرب من 10% من مساحة اليابسة في العالم التي كانت ذات يوم جافة جدا أو باردة جدا بحيث لا تسمح بانتقال الملاريا المنجلية خلال الفترة 1951-1960 أصبحت مناسبة لمرض الملاريا.
وخلال الفترة من 2013-2022 ، أصبح حوالي 17% من الأراضي التي لم تكن مناسبة في السابق لانتقال الملاريا المتصورة النشيطة مناسبة، واعتبرت المناطق مناسبة لانتقال الملاريا إذا كانت لديها مستويات هطول الأمطار والرطوبة ودرجات الحرارة التي يمكن أن تنتشر فيها الملاريا لمدة شهر واحد على الأقل سنويا، في المتوسط، على مدى عقد من الزمن.
كما تؤدي الظروف الأكثر دفئًا إلى زيادة معدل انتشار الأمراض الفيروسية مثل حمى الضنك وزيكا وشيكونغونيا، وتوسيع نطاق بكتيريا الضمة الضارة.
وتقول لوي، التي يعمل أيضا في المعهد الكتالوني للأبحاث والدراسات المتقدمة في برشلونة، إن زيادة الجفاف وارتفاع منسوب مياه البحر وانخفاض فرص الحصول على المياه النظيفة والهجرة تخلق أيضا أرضًا خصبة لتكاثر مسببات الأمراض، خاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وتضيف أن " مزيجا من تغير المناخ وتغير استخدام الأراضي والممارسات الزراعية يمكن أن يزيد من خطر انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر، مما قد يؤدي بالطبع إلى انتشار الأوبئة".
الحرارة والجوع
ومع ارتفاع درجات الحرارة في العالم، يفقد المزيد من الناس إمكانية الحصول على طعام آمن ومغذي. وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف إلى تدمير المحاصيل، وتعني الظواهر الجوية القاسية أن العمال في الهواء الطلق لا يستطيعون العمل، وبالتالي يفقدون دخلهم ويكافحون من أجل توفير ما يكفي من الغذاء.
ويقول شورو داسجوبتا، خبير الاقتصاد البيئي في المركز الأورومتوسطي المعني بتغير المناخ في البندقية بإيطاليا "إنها حلقة مفرغة، حيث أن انعدام الأمن الغذائي يجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، مما يقلل من قدرتهم على العمل، وبالتالي يكسبون دخلاً أقل لدفع ثمن الغذاء".
وقام داسجوبتا والباحثة الاقتصادية البيئية أخرى، إليزابيث روبنسون، من معهد جرانثام لأبحاث تغير المناخ والبيئة في لندن، ببناء نموذج رياضي باستخدام البيانات السابقة حول مدى تأثير موجات الحر والجفاف المتكررة على انعدام الأمن الغذائي.
وباستخدام هذا النموذج، قدروا أن 127 مليون شخص إضافي سيعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسط إلى الشديد نتيجة لتغير المناخ في عام 2021 مقارنة بسيناريو بدون ظاهرة الاحتباس الحراري، وقالوا إن انعدام الأمن الغذائي الشديد يعني أشياء مثل نفاد الطعام أو قضاء يوم كامل دون أي وجبات.
التكيف من أجل البقاء
ويقول الباحثون إنه إذا أمكن مساعدة البلدان على أن تصبح أكثر قدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، فإن الفوائد الصحية ستتحقق.
ووجد دومينيك كنيفتون، عالم المناخ في جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة، أن الوفيات الناجمة عن العواصف والفيضانات انخفضت من متوسط 86 حالة وفاة لكل حدث خلال الفترة 1990-1999، إلى 16 حالة وفاة خلال الفترة 2013-2022 في البلدان المصنفة على أنها "شديدة الخطورة" وذلك وفقا لمؤشر التنمية البشرية، وهو مقياس مبني على وضع الدولة في التعليم والصحة ومستوى المعيشة.
ويقول كنيفتون إن هذا الانخفاض يمكن أن يعزى إلى جهود التكيف، مثل الحد من البناء في المناطق الساحلية عالية المخاطر وبناء هياكل دفاعية تحمي من الفيضانات المفاجئة.
aXA6IDE4LjIyNC4zMS45MCA= جزيرة ام اند امز