تغيرات المناخ تهدد سلاسل إمداد الطاقة عالميا.. كيف استعدت الإمارات؟
الإمارات اليوم، تعد من أكثر دول العالم استقرارا في إمدادات الطاقة، وخاصة المنتجة من مصادر غير أحفورية بعيدا عن النفط والغاز والفحم.
فيما يشهد العالم تذبذبا في إمدادات الطاقة من الدول المنتجة إلى المستهلكة، بسبب ارتفاع الطلب الكبير على مصادر الطاقة التقليدية، كانت الإمارات ورغم كونها منتج كبير للنفط والغاز، حريصة على تلبية حاجة السوق المحلية من مصادر الطاقة.
ومساء أمس الخميس في المؤتمر الختامي لـ "COP 26"، تم الإعلان عن فوز الإمارات بتنظيم مؤتمر المناخ" COP 28 "، في عام 2023، في خطوة جديدة تؤكد ريادة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
وأعلنت الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ رسمياً عن استضافة دولة الإمارات الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر دول "COP 28" في عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم.
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت قارة أوروبا والصين، تذبذبا في إمدادات الطاقة، تسببت في ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لمستويات تاريخية، ناجمة عن عدم قدرة المعروض على تلبية الطلب المتزايد.
- في كلمتها خلال COP26.. الإمارات تدعو إلى العمل المناخي الشامل كفرصة للنمو الاقتصادي
- على هامش "COP 26".. الإمارات تبحث مع الشركاء استراتيجيات العمل المناخي
ولأنها نموذج عالمي، عملت الإمارات خلال العقد الماضي على تنويع مصادر الحصول على الطاقة، بين الطاقة التقليدية (النفط والغاز الطبيعي)، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، والطاقة المولدة من النفايات، والطاقة النووية.
وفي عام 2017، أطلقت الإمارات استراتيجيتها للطاقة 2050 التي تعتبر أول خطة موحدة للطاقة توازن بين جانبي الإنتاج والاستهلاك، والالتزامات البيئية العالمية، وتضمن بيئة اقتصادية مريحة للنمو في جميع القطاعات.
وتستهدف الخطة رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة من 25% إلى 50%، وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050.
وتأخذ الاستراتيجية بعين الاعتبار نمواً سنوياً للطلب يعادل 6%، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.
ويتضمن خليط الطاقة حسب الاستراتيجية 44% من الطاقة النظيفة، و38% من الغاز، و12% من الفحم النظيف و6% من الطاقة النووية، وستستثمر الدولة 600 مليار درهم حتى عام 2050، لضمان تلبية الطلب على الطاقة، واستدامة النمو.
وتدرك الإمارات الأهمية الكبرى لمردود الطاقة الكبير على باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، خاصة أن الخطط التطويرية لهذا القطاع، وهي التي تعبر عنها استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، تستجيب في جوهرها لمتطلبات مرحلة اقتصاد ما بعد النفط.
والإمارات اليوم، التي تعد حاليا ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك، بمتوسط إنتاج 3.5 مليون برميل يوميا في الظروف الطبيعية، تمتلك أكثر من 4 مصادر غير أحفورية لتوليد الطاقة الكهربائية بعيدا عن النفط والغاز والفحم.
الطاقة النووية
والشهر الماضي، نجحت الإمارات في ربط المحطة الثانية من محطات مشروع براكة للطاقة النووية بالشبكة الكهربائية كمرحلة تجريبية، بعد نجاح تشغيل المحطة الأولى بنسبة 100%.
ويعني هذا الإنجاز أن المحطة الأولى في براكة تنتج 1400 ميجاوات، وهو ما يجعلها أكبر مصدر منفرد لإنتاج الطاقة الكهربائية في دولة الإمارات، وفقا لما أعلنته مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والمحطة الثانية على طريق المحطة الأولى.
وأصبحت محطات براكة أكبر مصدر لكهرباء الحمل الأساسي الصديقة للبيئة في الإمارات، والقادرة على توفير إمدادات ثابتة وموثوقة ومستدامة من الطاقة على مدار الساعة.
طاقة متجددة
وتعدّ الإمارات مصدرا للطاقة الشمسية بوجود أكثر من 3 محطات طاقة شمسية؛ آخرها ما أعلنته شركة مياه وكهرباء الإمارات في يونيو/حزيران 2019، عن افتتاحها محطة "نور أبوظبي"، أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية في العالم بطاقة إنتاجية قدرها 1177 ميجاوات.
وسيمكن المشروع العاصمة أبوظبي من زيادة إنتاج الطاقة المتجددة، فضلاً عن الحد من استخدام الغاز الطبيعي في عمليات توليد الكهرباء، ما سيحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العاصمة بمقدار مليون طن متري سنوياً، أي ما يعادل إزالة 200 ألف سيارة من على الطرقات.
وبحلول العام الجاري، ستبدأ إمارة الشارقة بتشغيل مشروع لإنتاج الطاقة من النفايات، عبر معالجة أكثر من 37.5 طن من النفايات البلدية الصلبة بالساعة لتوليد طاقة كهربائية مستدامة؛ وتوليد 30 ميجاوات من الطاقة التي تكفي لتلبية احتياجات 28 ألف منزل.
قطاع النفط
وفي قطاع النفط، أعلن المجلس الأعلى للبترول في الإمارات بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اكتشافات جديدة لموارد النفط غير التقليدية القابلة للاستخلاص في مناطق برية تقدر كمياتها بحوالي 22 مليار برميل من النفط.
ويشمل الكشف الجديد زيادة في احتياطيات النفط التقليدية بمقدار ملياري برميل من النفط، ليصعد الإجمالي المؤكد إلى 107 مليارات برميل، ما يضعها في المركز الخامس على مستوى العالم.
ويأتي هذا التطور في صناعة الطاقة في الإمارات، بعد أن اكتشفت البلاد النفط الخام لأول مرة في "حقل باب" عام 1958 بعد عملية بحث واسعة النطاق استمرت 30 عاماً.
وتقود شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" وشركاتها التابعة صناعة النفط والغاز في الإمارات، وسط عمليات توسع خارج البلاد، إذ تعتبر واحدة من أكبر الشركات العالمية المنتجة للنفط الخام والغاز.